الأنموذج الياباني، الأنموذج الصيني، التجربة الألمانية، النهوض الكوري، النموذج الماليزي والاندونيسي والهندي والخ الخ من النماذج والتجارب البشرية الدنيوية التي نجحت في تجاوز محنها والانطلاق في رحاب المعمورة، هذه النماذج لطالما تكرر ذكرها عندما نطل على واقع الحال في النماذج العربية ومعاكساتها مما قد يسمى وعلى سبيل الخطأ الشائع (معارضة)، كل هذه النماذج تتميز بمسألتين أسستا لحراكها..

الأولى: هي عدم وضع التراث في موقع الإنجاز أو التثبت منه عبر إعادة إنتاجه والاطمئنان عليه أولا، لأن هذا الموضوع غير مشكك به أي انه جزء من التركيبة المعنوية للمجتمع فلم يفكر احد بالتخلي عنه أو إعادة إحيائه وسوف يظهر في الأداء المجتمعي بشكل طبيعي منسجم مع هذا الأداء دون الاختلاف على ضرورته أو شكله أو دوره.

الثانية: هي ان هذه النماذج هي نماذج دنيوية عقلانية علمية وواقعية، تمنهج الإشكاليات المطروحة أمامها وتسعى إلى حلها والانطلاق إلى مستوى أعلى من إنتاج الاشتراك في الحياة الدولية العامة حسب تعريف القوى العالمية لكيفية هذا الاشتراك والتي تحسب حساب القوة والمنعة الناتجة عن الشبع والإبداع الناتجين عن الحرية والمبادرة المكفولين بالدساتير والعقود الاجتماعية.

ولم يكن حراك هذه المجتمعات ( النماذج ) معقدا الا بقدر قدرتهم على التفاهم مع العصر، فاليابانيون لم ينتجوا سيوف الساموراي ولا أجراس المعابد كي يسدوا احتياجاتهم منها، ولا هكذا فعل الماليزيون وغيرهم بل ذهبوا باتجاه انتاجات معاصرة تؤمن لهم القدرة على التفاهم مع شركاء الكرة الأرضية وعليه فأن إنتاجهم التشاركي هذا استند في أسسه على المشترك الإنساني الذي يحقق المساواة عبر الإنتاج وليس عبر الاستهلاك، فإذا كانت فورة النفط تتيح لهذه الشعوب شراء منجزات الحداثة من هاتيك الشعوب، فان هذه المساواة ناتجة عن الإنتاج وليس عن الاستهلاك، وبالتالي فأن التلطي بالتميز والخصوصية، والتمترس وراء فورانات عاطفوية كي يقال ها نحن موجودون محافظين على حريتنا بأن نكون خصوصين وشديدي الخصوصية وعليكم يا سكان العالم ان تحترموا هذه الخصوصية صونا للحرية التي تدعون ونحن أحرار في تقدير خصوصياتكم وأيضا من باب الحرية التي تدعون، لذلك يبدو هذا التمترس عنصريا بامتياز لأنه يأتي بالممارسة وليس بالكلام أو التنظير أو بتصحيح وجهة نظر الآخر في قضايا الفعل حاضر فيها وليس الكلام.

من هنا لا يبدو التذكير بالنماذج مجديا ولا حقيقيا فالفارق هنا فارق عضوي بين مستهلك متشاوف ( لما يزل عن المقولة الفندقية الشهيرة " الزبون على حق ") يخاف ان يفقد تميزه لأنه لا يعرف ان يحافظ عليه، ومنتج مجد وجدي لا يخاف من فقدان أي من مكوناته لأنه يعرف وعلى الأقل ماذا يريد، أعتقد انه من المبكر جدا ملاحظة هذه النماذج حيث تبدوا أمامنا الكثير الكثير من الدول والأمم عليها ان تنجز تجاربها ونماذجها أولا وبعدها يجب لينا التفكير فيما إذا نجحوا أو فشلوا !!! شرط ان لا نقتدي بهم خوفا على خصوصيتنا الفريدة.... كي نصبح أول متحف مفتوح في العالم وبهذا... ألن نكون نموذجا ؟؟؟