فشلت مساعي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لزيارة الرياض التي اعتذرت بعدم استقباله أول مرة لاسباب بروتوكولية ولازدحام مواعيد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ما لبث مصدر دبلوماسي سعودي رفيع المستوي ان أبلغ وكالة الانباء الألمانية ان من اسباب رفض الرياض استقبال المالكي هو (مواقفه غير الايجابية من بعض الاطياف في العراق وانحيازه الي اطياف اخري وعمله علي تعزيز الدور الايراني في العراق) وكان المالكي قد وسط الجانب الامريكي لاتمام الزيارة قبل ان يتوجه الي سلطنة عمان في زيارة بروتوكولية وصفها المراقبون بخلوها من القيمة السياسية وان المالكي كان حريصاً علي زيارة مسقط في أعقاب زيارة رئيس الوزراء العراقي الاسبق أياد علاوي لها.

عدم رضي مصري
وكان الرئيس المصري محمد حسني مبارك استقبل المالكي في مستهل جولته العربية وبدا عليه التجهم ونقل مصدر سياسي لمراسل الزمان في القاهرة ان مبارك طلب اقتصار الاجتماع علي المالكي فقط رافضاً مشاركة بعض المسؤولين الأمنيين المرافقين له. وقال أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري عقب اللقاء (ان مصر تحث الحكومة العراقية علي احداث اصلاحات). وحسب المصدر المصري ذاته فإن زيارة المالكي الي القاهرة تعثرت في بدايتها وكان من المرجح عدم اتمامها لولا انعقاد المؤتمر الدولي حول العراق في شرم الشيخ بمصر.
الي ذلك اعلنت بعثة الامم المتحدة في بغداد امس ان الحكومة العراقية ترفض تقديم معلومات حول ارقام ضحايا العنف الطائفي الذي اسفر عن تهجير حوالي 735 الف نسمة داخل العراق وتشترك مليشيات الاحزاب الداعمة لحكومة نوري المالكي في الكثير من العمليات الطائفية في بغداد. في حين ردت الحكومة مؤكدة ان تقرير البعثة "يفتقد الي المصداقية وغير متوازن". واكد تقرير فصلي للبعثة حول حقوق الانسان يغطي الاشهر الثلاثة الاولي من السنة الحالية ان السلطات العراقية رفضت الكشف عن اعداد قتلي النزاع الطائفي في البلاد خلال هذه المدة.

خلافات حول الارقام
يذكر ان الحكومة كانت انتقدت التقرير السابق للبعثة واتهمته بـ"المبالغة في اعداد القتلي. وكانت حكومة نوري المالكي قد أمرت المسؤولين في مشرحة بغداد بعدم اعطاء اية معلومات أو ارقام عن أعداد الجثث من ضحايا فرق الموت والمليشيات. وقد اعلن التقرير ما قبل الاخير الصادر منتصف كانون الثاني/يناير مقتل 44300 شخص في مواجهات طائفية خلال العام الماضي. والتقرير الحالي لا يحتوي علي الاحصاءات الرسمية للوفيات بفعل العنف التي دأبت علي جمعها بانتظام وزارة الصحة ومعهد الطب العدلي في بغداد. ويعزي ذلك الي انَّ "الحكومة العراقية قررت عدم اتاحة هذه المعلومات".

واضاف ان هذا الامر يدعو للاسف، لان تقارير البعثة تعتبر مصدرا موثوقا فيما يتعلق بمستجدات حالة حقوق الانسان في العراق".
وقالت وزيرة حقوق الانسان وجدان سالم ميخائيل ان "الحكومة العراقية تتحفظ علي التقرير وتعده لا يحتوي علي معلومات دقيقة.

"وذكرت ان الوزارة قد شكلت العدد من اللجان لضمان تأخير المعتقلين في السجون والمعتقلات خارج الفترة المحددة لهم قانونيا".

ولم ترد الوزيرة علي سؤال لـ"الزمان" حول مدي التزام السلطات العراقية بالمواثيق الدولية حول توفير محامين للمعتقلين خلال التحقيق معهم" واكتفت بالقول لقد "شكلنا لجانا للنظر في هذا الموضوع". ويشير التقرير الي تدهور حرية التعبير عن الراي مما يؤثر علي الاعلام والعاملين فيه والاقليات العرقية والدينية وذوي الاختصاصات المهنية والاكاديميين الذين يتم استهدافهم من المتطرفين الدينيين والجماعات المسلحة في العراق". وافاد التقرير ان البعثة تشدد علي ضرورة ان تتعامل الحكومة بطريقة شفافة كما انها ترفض ما تعتقده الحكومة بان البعثة استخدمت ارقام القتلي بطريقة غير ملائمة". وتؤكد الحكومة والقوات الامريكية انخفاض اعداد القتلي من المدنيين منذ انطلاقة الخطة الامنية في 14 شباط/فبراير الماضي في حين تؤكد مصادر اهلية مستقلة ظهور عشرات الجثث يوميا في شوارع بغداد لاسيما في اطرافها من دون الاعلان الرسمي عنها.

وعلي صعيد متصل، اعلنت البعثة ان اكثر من 735 الف عراقي نزحوا من اماكن سكنهم
بسبب العنف الطائفي منذ تفجير المرقدين في سامراء في 22 شباط/فبراير 2006، حيث يتهم قطاع واسع من العراقيين حكومة ابراهيم الجعفري بشحن اول النزاعات الطائفية في العاصمة والسكوت عن عمليات القتل في عهد وزير داخليته باقرصولاغ، ويؤكد التقرير وجود مليون و 200 الف مهجر اضافة الي النازحين المذكورين.

تهجير طائفي
ويوضح ان حوالي 122 الف عائلة او ما يعادل 736 الف شخص ارغموا علي مغادرة منازلهم بسبب النزاع الطائفي منذ تفجير مرقد سامراء". واشار التقرير الي ان بغداد استقبلت 120 الف مهجر معظمهم من مناطق العاصمة الذين انتقلوا الي اماكن ذات تجانس طائفي اكبر في حين سكن مهجرون اخرون في منازلهم". وتابع ان ما لايقل عن 87% من المهجرين يتجهون الي وسط العراق او جنوبه موضحا ان حوالي ثمانية ملايين عراقي يحتاجون الي مساعدات فورية".
ويشير التقرير الي ما مجموعه 1.9 مليون مهجر واربعة ملايين يواجهون نقصا محتملا في الطعام والاغذية".

الي ذلك، اكد التقرير وجود اكثر من 37 الف و600 شخص في المعتقلات الامريكية
والعراقية بعضهم منذ العام 2003، وذكر التقرير نقلا عن وزارة حقوق الانسان العراقية ان ثلاثة الاف من هؤلاء تم اعتقالهم منذ انطلاقة خطة فرض القانون لاستعادة الامن في العاصمة منتصف شباط/فبراير الماضي.
ويشارك حوالي 80 الف عسكري امريكي وعراقي في الخطة التي انطلقت في 14 شباط/فبراير الماضي.

ويشير التقرير الي وجود اقل من 18 الف شخص في المعتقلات الخاضعة لاشراف قوات
التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
ويوضح ان حوالي عشرة الاف معتقل موجودون في السجون الخاضعة لسلطة وزارة العدل
بينما يوجد لدي وزارة الداخلية 5573 معتقلا و1525 اخرين لدي وزارة الدفاع و500
لدي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
كما تعتقل سلطات اقليم كردستان اقل من 2200 شخص.
ويضيف التقرير ان السلطات تجيز الاعتقال من دون مذكرات توقيف وعمليات استجواب
من دون تحديد مهلة زمنية لمدة الاعتقال قبل المحاكمة.

من جانبه قال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان لـ"الزمان" ان "تعامل حكومة الاقليم مع الصحافيين غير مثالي" مستدركا ان الاجراءات القانونية التي تتخذ ضدهم محدودة ولا يتعدي الحجز مدة يوم او يومين.
واشار الي "وجود حالات تشهير من قبل بعض الصحافيين" واشار الي ان مثل هذه الحالات "تحال عادة للقضاء".
واشار الي حق "وسائل الاعلام في نشر معلومات حول الفساد "لكنه اكد ان "ذلك يجب ان يكون معززا بالوثائق وليس هدفه الانتقام او تصفية الحسابات.
كما يوجه انتقادات الي قوات التحالف بسبب الاعتقال غير المحدد للمحتجزين الذين يقبع الالاف منهم في المعتقلات من دون توجيه تهم او احالتهم الي المحكمة.
والتقرير هو العاشر حول حقوق الانسان ويغطي الفترة الممتدة بين الاول من كانون الثاني/يناير حتي 31 آذار/مارس 2007 كما قررت البعثة اصدار تقاريرها مرة كل ثلاثة

اشهر بدلا من كل شهرين وذلك لاتاحة الوقت لمزيد من التمحيص والتدقيق .
في غضون ذلك، ردت الحكومة علي التقرير معبرة عن تحفظها بشكل كبير علي مضمونه

ومتهمة التقرير بانه غير متوازن و"يفتقد الي المصداقية في نقاط عدة.
وافاد بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء ان الحكومة تعرب عن تحفظها بشكل كبير علي التقرير الذي يفتقر الي الدقة في عرضه للمعلومات، ويفتقد المصداقية في الكثير من نقاطه، كما انه يفتقد التوازن في عرضه لوضع حقوق الانسان".
واضاف البيان رغم حرص الحكومة العراقية علي التعاون بشكل كامل وشفاف مع بعثة الامم المتحدة في العراق، فان الكثير من المعلومات الواردة في التقرير لم تؤخذ من مصادر يعتد بمصداقيتها او جهات رسمية موثوقة"..