خرج المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي إي) جورج تينيت عن صمته، بعد ثلاث سنوات من استقالته من منصبه، وكشف اسراراً تدين الادارة الاميركية، مخصصاً نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بهجوم حاد، على خلفية قرار واشنطن شن الحرب على العراق

وصف تينيت، في حديث لشبكة «سي بي اس» الاميركية، تشيني بـ«الاحمق الذي جعلنا نقرر الذهاب الى الحرب»، معرباً عن جورج تينيت خلال جلسة شهادة حول هجمات 11 أيلول 2001 (أرشيف - سكوت أبلوايت - أ ب)غضبه لكثرة استخدام مستشارة الأمني القومي آنذاك كوندوليزا رايس اجزاء من تصريحاته للإيحاء بأنه صاحب فكرة غزو العراق.
واتهم تينيت تشيني ومسؤولين آخرين بأنهم مسؤولون عن دفع الولايات المتحدة إلى شن حرب على العراق واحتلاله «من دون مبررات جدية»، ومن دون «الدخول في حوار جاد» حول ما إذا كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين يمثل خطراً وشيكاً على الولايات المتحدة أو يمكن احتواؤه من دون شن حرب.

وأعرب تينيت، عشية صدور كتابه الاثنين المقبل تحت عنوان «في عين العاصفة»، عن ندمه على المبالغة التي انطوى عليها تقرير الاستخبارات القومية بشأن برامج التسلح العراقية عام 2002.

ويكشف الكتاب خفايا قرار البيت الأبيض بشن العدوان على العراق.
واتهم تينيت نائب الرئيس الأميركي بأنه حاول أن يجعل منه «كبش محرقة» لفشل الاستخبارات الأميركية قبل غزو العراق، معتبراً أن ادارة الرئيس جورج بوش «لم تكن تنتظر عباراتي كي تأمر بغزو العراق».
وتتواتر الحقائق المثيرة الواحدة تلو الأخرى في الكتاب، الذي يقع في 549 صفحة، لتميط اللثام عن أسرار قرار الغزو، وما حدث بعد التأكد من عدم وجود أسلحة الدمار الشامل، وهي الذريعة التي من أجلها شن بوش الحرب.

غير أن تينيت لا يتورع في كتابه عن الاعتراف بالأخطاء في ما يشبه محولة إرضاء للضمير.

وقال المسؤول الأميركي السابق إنه مع تصاعد أعمال العنف منذ أواخر 2003 في العراق «راحت ادارة بوش تلقي اللوم علي بدلاً من الاعتراف بمسؤوليتها»، لكنه أقرّ بمسؤوليته عن «المعلومات المغلوطة» التي وردت في التقويم السنوي للاستخبارات القومية بشأن برامج التسلح العراقية عام 2002. ووصف تينيت هذه القضية بأنها «واحدة من أسفل اللحظات» خلال إدارته للاستخبارات.

ويتفق تينيت مع العديد من النقاد على أن تشيني ومجموعة من صقور المحافظين الجدد في الادارة الاميركية، على رأسهم نائب وزير الدفاع السابق ورئيس البنك الدولي الحالي بول وولفويتز ووكيل الوزارة السابق للشؤون السياسية دوغلاس فيث، «كيفوا أنفسهم، منذ نهاية عام 2001، مع المزاعم القائلة إن العراق أصبح يمثل خطراً كبيراً»، على الرغم من أن وكالة الاستخبارات الاميركية كانت تركز كل اهتمامها على تنظيم القاعدة.

ويشير تينيت، في كتابه، الى أنه كان قد حذر تشيني من الربط بين العراق وبين تنظيم القاعدة، في خطاب أعده نائب الرئيس لإلقائه عشية الغزو، إذ كتب للرئيس بوش ينبهه الى أن الاستخبارات «ليس لديها ما يدل على هذا، وهذا الكلام يجب ألاّ يُقال»، موضحاً أن تشيني «أذعن للرئيس (بوش)، وحذف هذا الربط من خطابه».
وكشف تينيت أن مسألة استقالته «تخللتها بعض شواهد تصفية الحساب مع رايس» ونائبها آنذاك ستيفن هادلي، موضحاً أنه «بعدما أقررت بتحمل جانب من اللوم في الخطأ الذي ورد في خطاب حالة الاتحاد الذى ألقاه الرئيس بوش، وتضمن زعماً بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حصل على يورانيوم من النيجر لتصنيع أسلحة نووية، بدأت العلاقة بيني وبين ادارة بوش تسوء بلا رجعة، خاصة مع تربص تشيني ورايس وهادلي» به.

وتابع تينيت أنه تردد كثيراً «في ما إذا كان يجب أن أقبل تسلم وسام الحرية» الذي منحه له بوش، إلا أنه قبل في النهاية «لأن حيثيات منحي الوسام كانت لجهود الـ «سي آي أيه» عموماً في مكافحة الإرهاب»، لا لدوره في العراق.

وأنكر تينيت وقوع أية عمليات تعذيب في السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية، غير أنه دافع عن برنامج اعتقال «المهمين جداً» في تلك السجون، قائلاً «إن التحقيقات معهم أنقذت أرواحاً وعطلت مؤامرات».

من جهة ثانية، شكك تينيت في جدوى تعزيز القوات الأميركية في العراق، «بعدما اكتسب العنف المذهبي زخماً ودفعاً ذاتياً»، معرباً عن اعتقاده بأن وجود القوات الاميركية «لم يعد له أي أثر على احتواء العنف».

في هذا الوقت، رأى الضابط في الجيش الأميركي بول ينغلينغ، في مقال نشرته صحيفة القوات المسلحة، ان «جنرالات أميركا يكررون خطأ فيتنام في العراق»، موضحاً أنهم «لم يقدموا الى الكونغرس تقويماً دقيقاً للحرب في العراق».
وتابع ينغلينغ أنه «لأسباب لم تتضح بعد، هوّن جنرالات أميركا من قوة العدو، وبالغوا في تقدير قدرات الحكومة العراقية وقوات الأمن العراقية».

وكرر بوش، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، تأكيده أنه سيستخدم الفيتو ضد مشروع قانون، مرره كل من مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي، يربط تمويل الحرب في العراق بتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية.

ودعا بوش الديموقراطيين «الى المجيء الى البيت الابيض سريعاً بعد الفيتو، كي نناقش المرحلة اللاحقة».