في حافلات الفصل تجلس النساء في المؤخرة
كنت أنتظر الحافلة في وسط القدس، وبالتحديد في حي ميا شاريم الذي يقطنه المتدينون اليهود.

كان موقف الحافلة مزدحما، وحين وصلت حصل شيء لم يخطر على بالي: ترك الأزواج زوجاتهم الحوامل وأخريات يزاحمن من أجل الصعود بعربات الأطفال من الباب الخلفي، وصعدوا عبر الباب الأمامي.

حين صعدت حاولت الاحتيال على النظام والتوجه الى مقدمة الباص، الا أنني دفعت الى المؤخرة، باتجاه النساء الأخريات.

هذا الفصل بين الجنسين قائم في 30 حافلة من خطوط المواصلات العامة في أنحاء اسرائيل.

تقول السلطات المعنية ان هذا الفصل اختياري، ولكني لم ألمس هذا.

"انتهاكات وتهديدات"
ناؤومي ريجين هي امرأة يهودية متدينة رفعت قضية ضد "نظام الفصل" في الحافلات.

"لم أكن أريد أن أقوم بثورة، كل ما هنالك أنني أريد الوصول الى بيتي"، هذا ما قالته لي ناؤومي، وتابعت:

"كنت في وسط المدينة، ورأيت حافلة متجهة الى الحي الذي أقيم فيه. صعدت اليها وجلست في المقعد خلف السائق. كانت الحافلة فارغة في البداية ثم بدأ رجال متدينون بالصعود، وخاطبني أحدهم قائلين ان علي التوجه الى الخلف، وانه محظور علي الجلوس في الأمام".

نظام الفصل هذا لا ينطوي على تمييز فقط، بل قد يكون فيه خطر على نساء مثل ناؤومي اذا حاولوا تجاهله، كما تقول، وتتابع: "قلت للرجل، أرني أين يوجد هذا النظام في تعاليم الدين اليهودي، عندها سوف أمتثل. حاول الرجل طلب مساندة الرجال الاخرين في الحافلة، أما أنا فأحسست بانني أتعرض للاذلال والتهديدات، وحتى الايذاء الجسدي".

"تمييز ايجابي"
الذين يؤيدون الفصل في الحافلات يقولون ان خطها يخترق الأحياء المتدينة في العادة، ولكن هذا ليس دقيقا.

الكثير من الركاب ليسوا راضين، وبالامكان سماع الانتقادات والاعتراضات.

أحد الرجال قال لي انه اذا كان البعض يريدون حافلات فيها فصل بين الجنسين عليهم أن يتفقوا مع شركة خاصة لتسيير حافلات كهذه، على نفقتهم الخاصة.

رجل اخر قال لي انه في مجتمع ديموقراطي يجب أن لا تطغى رؤية الأقلية على الأغلبية.

شلومو روزنستاين، عضو المجلس البلدي في مدينة القدس حيث تسير معظم هذه الحافلات يقول:"هذا تمييز ايجابي، ديننا يفرض عدم حصول اتصال بين الجنسين، وهو ما تؤمنه هذه الحافلات".

التجديف عكس التيار
المعارضون لحافلات الفصل كمن يجدفون عكس التيار، فاليهود المتدينون ذوو نفوذ في اسرائيل.

ناؤومي ريجين تقول ان الحافلات المختلطة هي أحد مظاهر السلوك العدائي تجاه النساء في بعض أوساط اليهود المتدينين.

وتضيف:"لقد ألغوا التعليم الجامعي للنساء المتدينات، وملأوا المحاكم بقضاة متدينين. في بعض الأحياء يخصصون جانبا من الشارع لتسير فيه النساء".

ومن بين الممارسات التي تذكرها ريجين ان البعض يقذفون النساء "غير المحتشمات" بالدهان أو حتى بالمحلول المبيض، وتضيف قائلة :"اذا لم نضع حدا هنا فلا أدري كيف سيكون عليه ديننا بعد 20 سنة من الان".