انتهت الانتخابات النيابية السورية، ووصل إلى مجلس الشعب الذين فازوا بأصوات ناخبيهم، وانتهى (العرس) الديمقراطي بذات الطريقة التي اعتدنا عليها منذ الدور التشريعي الأول، إذ لا جديد أبداً سواء في الطريقة أو في الأداء، وكأنه لم يمر على سوريا ستة وثلاثون عاماً منذ أن كانت الانتخابات الأولى.. فالمستقلون رشحوا أنفسهم بالطريقة ذاتها والنوعية ذاتها.. دون خطط أو بيانات أو برامج، وإن وجد بيان أو برنامج ما، فهو ضبابي أو غارق في الخطوط العريضة.. والجبهة الوطنية التقدمية أيضاً رشحت من أرادته أحزابها، وفاز الجميع دون استثناء..

ما يلفت النظر في الانتخابات التي مرت هو أنها جرت في مرحلة من المفترض أنها طورت تقنية العملية الانتخابية، إلا أن التقنية بقيت ذاتها دون أي تقدم أو تطوير، بل أضيف إليها موضوع الحبر الذي يغمس فيه الناخب إصبعه، وكأنه متهم بأنه سيقوم بالانتخاب مرة ثانية قبل أن ينتخب.

وأتساءل: ألم تجد الداخلية السورية طريقة لتأكيد انتخاب الناخب أكثر حضارة من هذه الطريقة، مثل استخدام تقانات المعلومات؟؟

ألم تكن السنوات الأربع الماضية كافية للاطلاع على برنامج إلكتروني لإحصاء الأصوات (مثلاً) كما يحصل في أغلب دول العالم وبالتالي الاستغناء عن طريقة عد أصوات الناخبين بهذه الطريقة التي أكل الزمان عليها وشرب؟!
وبعيداً عن التقنية وقريباً من الفائزين بالمقاعد النيابية يصاب المرء بالذهول لهذه النتائج!!

لو افترضنا أن الجبهة الوطنية التقدمية قد ألغت قوائمها وترك المرشحون دون قوائم ودون توجيهات أحزاب، هل سيحتل مقاعد البرلمان الصناعيون والتجار ورجال الدين فقط؟.. وإن احتل هؤلاء المقاعد وهم يمثلون ثلاث فئات من الشعب فقط، فهل سيكون المجلس فاعلاً، خاصة وأن أغلب صناعيينا وتجارنا لا يحملون شهادات عليا تؤهلهم (إضافة إلى خبراتهم الصناعية والتجارية) لأن يناقشوا مشروع قانون أو يقروا مرسوماً ما؟!.. وكيف سيكون شكل مجلس الشعب إن حوى فئات ثلاث ثلثاها غير متعلم في معظمه، والثلث الآخر مختص بالعلوم الدينية ؟!.

أتصور أن المشكلات التجارية والصناعية يمكن في هذه الحالة أن تجد طريقها إلى الحل وفقاً لمنظور الـ(أنا) فقط، ومشكلات المساجد والأوقاف والكنائس ستأخذ هي أيضاً طريقها إلى الحل ولكن... من سيعمل على تطوير حياة المواطن من جهة الثقافة والعلوم والصحة والطب والهندسة والسياسة الخ... إن كان جميع ممثلي شعبنا تجاراً وصناعيين ورجال دين؟!
إن نتائج انتخاباتنا التشريعية تقول، إنها تحسب نقطة بيضاء للجبهة التي حوت قائمتها جميع فئات المجتمع، فلولاها لكانت السلطة التشريعية في خبر (كان) الآن، ولكن عدم تطوير تقنية الانتخاب أو الترشيح لا تحسب للجبهة بالمقابل، كونها صاحبة القرار في ذلك..