بدأت في دمشق أمس الاثنين أعمال المؤتمر الدولي للاعلام العربي والاسلامي لدعم الشعب الفلسطيني في دورته الثالثة بمشاركة 350 شخصية الاعلامية والأدبية والفكرية من دول العالم.

وحمل نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية عرقلة جهود السلام في المنطقة.

وقال الشرع الذي مثل الرئيس بشار الأسد راعي المؤتمر: إن المهمة الامريكية بعد أربع سنوات في العراق لم تنجز بسلام حتى الآن، مضيفا أن "الإدارة الأمريكية تخسر الحرب على الجبهتين الداخلية والخارجية، ليس لأنها لم تعد القوة الأعظم في العالم، بل لأنها أخذت شعبها ليقاتل على بعد آلاف الأميال من أجل قضية غير عادلة وغير مقنعة".
وأضاف أن "إسرائيل فقدت هيبتها ومصداقية الأساطير التي حكيت حولها بعد حربها الأخيرة على لبنان، ليس لأنها لم تعد تملك أقوى ترسانة تقليدية وغير تقليدية في الشرق الأوسط، بل لأنها شنت حربا مدمرة في تموز الماضي بذريعة غير مقنعة ومن أجل تحقيق هدف بسيط كانت تستعين في الماضي على حله عبر وسيط أوروبي معروف لم يكن بحاجة إلى أكثر من بطاقة سفر إلى بيروت وتل ابيب".

وتابع الشرع أن "التماهي في سياسات العنف التي تلجأ لها واشنطن وتل أبيب ليست خطيرة فحسب على أمن واستقرار العالم، وإنما تشكل بالإضافة إلى ذلك عنصرا رئيسيا في إعاقة الوصول إلى سلام حقيقي بين العرب وإسرائيل".
وقال إن إقدام إسرائيل على بناء جدار فصل بينها وبين الفلسطينيين لم يكن هدفه "التوسع على حساب الأرض الفلسطينية فقط وإنما إجهاض فكرة السلام بين الجانبين وإشعار الفلسطينيين أن لا مكان لهم بجانب إسرائيل أو في داخلها".
وتحدث الشرع عن المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت وأكدت عليها قمة الرياض، قائلا "إنها ليست هي المبادرة ذاتها في الذهن الإسرائيلي لأن إسرائيل تزعم أن حق العودة يقوض وجودها، على الرغم أن حق العودة حق مشروع لا يجوز لأحد التصرف به".

وحمل ممثل الرئيس السوري الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية نزوح ملايين اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين خارج اوطانهم وخصوصا إلى الدول العربية المجاورة، مطالبا إياهما بتحمل تداعيات هذه المسئولية أمنيا واقتصاديا وأخلاقيا.

وقال إن أية محاولة لتحميل دول الجوار مسؤولية التداعيات الناتجة عن الاحتلال هي "محاولات خاطئة وخطيرة لأنها لا تخدم في النهاية إلا الإرهاب الفعلي الذي لا قضية له إلا سفك أرواح المدنيين الأبرياء وتدمير حياة البشر وممتلكاتهم".
وأكد الشرع أن "استمرار الخلط المتعمد بين الإرهاب والمقاومة يمنح الإرهاب تغطية سياسية تساهم في انتشاره وتقوية شوكته على امتداد العالم".
وانتقد الأمم المتحدة التي قال "إنها فقدت منذ إنشائها بعض من دورها ومصداقيتها عندما لم تستطع مساعدة الشعب الفلسطيني في تطبيق القرارات الصادرة عنه ليسترد حقوقه الوطنية المشروعة ويقيم دولته المستقلة".

ويأتي انعقاد المؤ‌تمر ضمن خطه مستدامة من اجل ابراز القضايا العادلة وتذكير العالم ان الاحتلال هو لب المشكلة والاضطراب والفوضي في المنطقة، وان شعوب المنطقة ليسوا دعاه حرب وبالتالي تصحيح الصورة المغلوطة التي يحاول الاعلام الغربي ترويجها عن المسلمين والعرب.
وسيقدم خلال المؤ‌تمر ‪ ۱۳‬بحثا تتناول محاور الخطاب الاعلامي العربي بين المهنية والالتزام بالقضايا الوطنية والقومية ومفهوم ومرتكزات ثقافة المقاومة في الاعلام العربي والاسلامي ودور الاعلام فى التفريق بين المقاومة والكفاح من اجل تحرير الارض وبين الارهاب كعمل مدان اضافة الى ابحاث حول الجولان العربى السورى المحتل فى الاعلام العربي والدولي .

وتقام خلال المؤتمر حلقة نقاش حول التشريعات الاعلامية الدولية والاعلام العربي والاسلامي وحلقة ثانية حول القدس والمسجد الاقصى /رؤى اعلامية/ اضافة الى بحث حول الاستراتيجية الاعلامية فى اوروبا بين الاستمرارية والتحول وبحث حول الاعلام الاسرائيلي اثناء الحرب العدوانية على لبنان وصورة المقاومة فى هذا الاعلام واخر حول كيفية تعاطى الاعلام الغربى مع حقوق الشعوب فى امتلاك التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية.
وعُقِدت الدورة الاولى للمؤ‌تمر الدولي للاعلام العربي والاسلامي لدعم الشعب الفلسطيني في ايراني عام ‪ 2002 ‬والثانية في بيروت عام 2003.

بدوره، قال وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال في كلمته ان سورية تستضيف الدورة الثالثة للمؤتمر لتجدد التأكيد على حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الاعلام بكل مؤسساته فى الدول العربية والاسلامية تجاه قضية الشعب الفلسطيني التي باتت الاجدر في استحقاقاتها للعدل والحرية والمناصرة فى عالم بات نهبا للهمجية وقوى البغى والعدوان ممثلة بالكيان الاسرائيلى وصانعيه وداعميه فى مخططاته الظالمة وحروبه المتكررة.

وشدد الوزير بلال على ان الاعلام يمثل فى عالم اليوم واحدا من اشد اسلحة الكفاح والنضال حضورا وتأثيرا فى يد الشعوب المقهورة كما يشكل السلاح الاشد فتكا فى ايدى الغزاة والطامعين، معتبراً أن على المؤتمر معاودة النظر فى الاسس الاعلامية التى توافق عليها فى الدورتين السابقتين من حيث صلابتها وسلامة اتجاهاتها واصابتها اهدافها.
بدوره، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في تصريحات للصحفيين عللا هامش أعمال المؤتمر أن العدالة والموضوعية التي يستطيع الاعلام أن يصل بها الى الراي العام العالمي هي من تخدم قضية فلسطين ، موضحاً أن الاعلام السوري يبذل جهداً كبيراً "وهذا لا يعني أننا نتخلى عن الطموح بل نحن نأمل أن يواصل جهوده وأن يطور أكثر لكي يصل الى المستوى العالمي ".

وعن أهمية انعقاد المؤتمر في دمشق قال الوزير المعلم: ان سورية حاضنة للقضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية ومن الطبيعي أن يتم عقد هذا المؤتمر وبرعاية الرئيس بشار الأسد ،

وفي كلمته، دعا وزير الإعلام الفلسطيني مروان البرغوثي الى أن يكون العنوان للكفاح الاعلامي المشترك في هذه المرحلة هو فك الحصار عن الشعب الفلسطيني فورا وفضح وتعرية ونزع شرعية فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة التي تجعل من جدار الفصل العنصري حدودا لمعازل وكانتونات وسجون والتي تستبدل فكرة الدولة المستقلة بحكم ذاتي هزيل دون سيادة على الارض.

وطالب البرغوثي بتصحيح الخطاب الاعلامي وادواته واسلوبه لتحقيق أكبر تأثير ممكن وأن يكون هذا الاعلام مكافحا في رؤيته ومضمونه وأهدافه مؤكدا أننا لن نستطيع اكتساب قلوب وعقول العالم ما لم نقدم خطابا اعلاميا انسانيا وعصريا قادرا على استخدام تقنيات ووسائل العصر الحديثة.

وقال البرغوثي للصحفيين "ان هذا المؤتمر ياتي في وقت تماماً نحن أحوج ما نكون فيه الى الدعم والتضامن من أجل رفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني ومناصرة حقه في انهاء الاحتلال واقامة دولته المستقلة "، معتبراً أنه انطلاقة جديدة في حركة التضامن الاعلامية والدولية مع الشعب الفلسطيني.

ورداً على سؤال لـ(سورية الغد) قال الوزير الفلسطيني: نحن لا نريد للقضية الفلسطينية ان تكون موضع اختلاف وتجاذبات عربية فقد بذلنا جهداً هائلاً لتوحيد الصف الفلسطيني وتقديم رؤية موحدة، حيث أن العرب قدموا المبادرة العربية واسرائيل هي التي تتهرب ولا تتجاوب معها.
وطالب البرغوثي بـ"عدم السماح لإسرائيل بالالتفاف على موقفنا الموحد وعدم السماح لها بمحاولة فرض التطبيع كبديل لحل القضايا الجوهرية"، منوهاً بأن "المبادرة العربية لا تعني فقط اقتراح الحوار بل ضرورة مناصرة الدعوة الى مؤتمر دولي للسلام بعيداً عن اللقاءات الفردية مع اسرائيل ويجب ان يكون لدى العرب خطة متكاملة لمواجهة حقيقة ان اسرائيل لا تتجاوب ولن تتجاوب ".

من جهته، اعتبر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق ان انعقاد المؤتمر في دورته الأولى في طهران والثانية في بيروت والآن في دمشق يدل على أن هذه العواصم تقف ضد الاستراتيجية الأمريكية وعملت على إفشالها، و قال لـ(سورية الغد) إن هناك انكسار سياسي قريب للمشروع الامريكي الاسرائيلي في المنطقة سواء في فلسطين او العراق او لبنان او في حرمان ايران من حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية
ورداً على سؤال : حول كيف يمكن للانسان أن يفرق بين الخطاب الخشبي والخطاب المؤثر في وقت يوصف فيه الخطاب الملتزم بالخشبي قال أبو مرزوق: إن الخطاب الذي يتحدثون عنه انه خطاب خارج العقل هو الخطاب الذي اثبت انه الحق والحقيقة وهو الذي سينجز وسيثبت على الأرض وهذا ما أثبتته المقاومة في العراق، وفي لبنان حيث كانوا يتحدثون عن عدميتها فاذا هي تصمد 33 يوماً وتكسر الآلة العسكرية الاسرائيلية وينعكس ذلك مباشرة على الآلة السياسية والمجتمعية في اسرائيل.

واعتبر أبو مرزوق ان انعقاد المؤتمر هو بحد ذاته اصرار على الاستمرارية في توظيف الاعلام في خدمة القضية العربية والاسلامية المركزية أي القضية الفلسطينية ومقاومة الشعب الفلسطيني.

بدوره، رأى الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة أن هذا المؤتمر ينعقد للدفاع عن القضية الفلسطينية في تقرير مصيرها وبناء الدولة المستقلة وحق الشعب الفلسطيني في العودة الى أرضه، معرباً عن أمله في أن يتمخض المؤتمر عن آليات تنفيذية تتابع أعماله وينبثق عنها هيئة مع جميع قوى الاعلام.

ونبه حواتمه خلال حديثه مع (سورية الغد) إلى أنه "إذا انعقد هذا المؤتمر واكتفى بكونه ظاهرة اعلامية بدون هياكل تتابع أعماله فسيكون في عداد الكثير من المؤتمرات العربية التي تلتقي وتجتمع ثم تنتهي بحدود اجتماعها وما يمكن أن تتناقله وكالات الأنباء عن الاجتماع "، منوهاً إلى أن "المسألة التي تطرح نفسها هي أن نتعود على بناء هياكل تنظيمية لهذه المؤتمرات لكن أعمال منتظمة تتواصل مع جميع البلدان".
وتلت السيدة هدية ابوزيد شقيقة الشهيد هايل ابو زيد رسالة موجهة الى المؤتمر من اسرى الجولان العربي السوري المحتل أكدت تعرضهم "لابشع انواع القهر والاضطهاد من قبل السجان الصهيونى ".
وطالب الأسرى في رسالتهم المؤتمر "بالعمل على فضح هذه الممارسات التى نتعرض لها يوميا من قبل ادارة السجون الاسرائيلية ".
واشارت الرسالة الى التردي والاهمال الطبى المتعمد فى تقديم العلاج لمئات الاسرى.. فلسطينيين وسوريين ولبنانيين وعربا وقالت ان هذه الممارسات ليست الا لقتلنا عن عمد وعزلنا والاستفراد بنا للنيل من صمودنا وادراتنا.

ولفتت الرسالة الى امثلة كثيرة على هذه الممارسات وكان اخر ضحاياها شهيد الحركة الوطنية الاسيرة وعميد الاسرى السوريين الاسير هايل حسين ابوزيد الذى استشهد بعد معاناة دامت عشرين عاما من الاعتقال والقهر.
وفي الجلسات المسائية للمؤتمر، قدم نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد بحثا عن دور الاعلام فى التفريق بين المقاومة الوطنية والارهاب.

واشار الى ان اسباب الارهاب تكمن فى التدخل فى الشؤون الداخلية للدول وفى برامجها التعليمية والدراسية والتربوية ومحاولات طمس هويتها وثقافتها كما ان سعى الولايات المتحدة الامريكية الى اضفاء الصفة الدولية على الشؤون الداخلية للدول والاعتماد على سياسة الاحلاف العسكرية وتنوع مصادر القوة وتبنى سياسة الردع يؤدى ايضا الى خلق اسباب الارهاب اضافة الى ان العمل على منع الدول الاخرى من امتلاك اسباب قوتها ونهضتها وتطورها وخلق نظام دولى يخدم مصالح الولايات المتحدة ولا يراعى مصالح البلدان الفقيرة والشعوب الضعيفة وازدواجية المعايير فى التعامل مع القضايا الدولية وخاصة فى منطقتنا وعدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى كل ذلك يؤدى الى الفوضى الدولية وتشجيع العنف.

وبين نائب وزير الخارجية ان اسرائيل هى التى ادخلت الارهاب الى منطقة الشرق الاوسط من خلال المنظمات الارهابية المعروفة التى كانت تمارس كافة فنون القتل والترويع والاغتيال ضد الفلسطينيين بهدف طردهم وترحيلهم من اراضيهم وبيوتهم كما انها ومنذ قيامها تمارس الارهاب المفتوح ضد لبنان وداخل فلسطين المحتلة وضد الدول العربية وقامت مخابراتها بممارسة الارهاب على الساحة الدولية وخاصة فى اوروبا تحت شعار مكافحة الارهاب.
وكانت تليت في بداية الجلسة رسالة عميد الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الاسير سمير القنطار الى المؤتمرأعرب فيها باسمه وباسم كافة الاسرى فى السجون الاسرائيلية عن احترامه وتقديره للشخصيات السياسية والاعلامية والفكرية ولوسائل الاعلام المساندة والداعمة على ما يقدمونه من جهد واخلاص ووفاء لنضال وعذابات الاسرى.

واشار الى ان حربا ضروسا تشن ضد الاعلام المقاوم وضد الاعلام المساند لقضايا الشعوب المظلومة والرافضة للهيمنة والتسلط والاحتلال والقهر بكل اشكاله.
واكد اهمية هذا المؤتمر ودوره فى ترسيخ مفهوم وثقافة المقاومة فى وسائل اعلامنا لافتا الى ضرورة البحث عن اساليب ابداعية وخلاقة لايصال رسالتنا وابراز قدرات وطاقات الاعلاميين لتحقيق التوازن بين المهنية والالتزام الوطنى القومى والانسانى.
وطالب القنطار في رسالته المؤتمر بتفعيل الاعلام المقاوم فى وجه كل محاولات التضليل الاعلامى الخارجى وفضح الانتهاكات الاسرائيلية وخصوصا الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة وتكثيف كافة اشكال التغطية الاعلامية وتسليط الضوء على الحالات الانسانية وعلى ادب الحركة الاسيرة داخل السجون والتى خرجت شعراء وفنانين وادباء ومبدعين.

مصادر
سورية الغد (دمشق)