اثار قرار المحكمة الدستورية التركية، بالغاء الجولة الاولى من التصويت البرلماني على اختيار رئيس جديد، حفيظة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، ما دفعه الى تقديم مشروع قانون رسميا الى البرلمان، أمس، يطالبه الموافقة على اجراء انتخابات عامة مبكرة، في 24 يونيو المقبل، من أجل التغلب على الازمة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، ولتخفيف التوترات بعد تصاعد المواجهة بين الحكومة ذات الجذور الاسلامية والنخبة العلمانية.

وكانت الانتخابات التشريعية المقبلة مقررة اساسا في الرابع من نوفمبر المقبل.

الى ذلك، وافق البرلمان امس، على موعد جديد للانتخابات الرئاسية المتعثرة محددا، الاحد المقبل موعدا للدورة الاولى.
وحسب الموعد الجديد للانتخابات، فان الدورة الاولى ستجري في 6 مايو تليها الدورة الثانية في 9 مايو ثم دورتان اخريتان في 12 و15 مايو.

واعتبرت المحكمة الدستورية، اول من امس، ان عدم اكتمال نصاب الثلثين من النواب خلال تصويت الجمعة، لا يعطي شرعية للدورة الاولى.

ولم ينجح عبد الله غول، وزير الخارجية ومرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، في هذه الدورة بفارق 10 اصوات. وهو المرشح الوحيد في الانتخابات الرئاسية.

وقضت المحكمة، بأن النصاب القانوني للانتخابات الرئاسية يتعين أن يبلغ 367 نائبا، أي ثلثي عدد أعضاء البرلمان. لكن في تصويت الجمعة، لم يصوت سوى 361 نائبا. ويفترض ان تعتمد لجنة برلمانية، مشروع قانون الحزب الحاكم قبل التصويت عليه في جلسة عامة. ولم يعرف على الفور موعد بدء مناقشته من قبل النواب.
وانتقد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، أمس، في شدة قرار المحكمة الدستورية، معتبرا أنه بمثابة «طلقة موجهة الى الديموقراطية». وقال أمام اعضاء حزبه، ان «قرار المحكمة الدستورية جعل من شبه المستحيل ان ينتخب البرلمان رئيسا في المستقبل». وأوضح: «نحن نحترم القرار لكن سيجري في شأنه نقاش طويل من الناحية القانونية».

واقترح اردوغان، ليل أول من أمس، اجراء اصلاح ينص على انتخاب الرئيس بالاقتراع العام المباشر. وقال: «التوجه الى الامة هو الحل الافضل». واضاف في تصريح صحافي انه «يأمل في طرح هذا الاقتراح لانتخاب رئيس بالاقتراع العام في الدورة الحالية للبرلمان قبل اجراء انتخابات نيابية مبكرة». واقترح ايضا ولاية رئاسية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بدلا من الولاية الحالية الوحيدة التي تمتد سبع سنوات.
يذكر أن الرئيس ينتخب في البرلمان.

واقترح من جهة اخرى، اجراء انتخابات نيابية كل اربع سنوات وليس كل خمس سنوات، كما هو حاصل اليوم.
من ناحيته، قال رئيس البرلمان بولنت ارينغ، خلال مؤتمر صحافي ان «تقديم الانتخابات سيخفف من حالة الارتباك». وذكر ان القرار «سيفي بتطلعات الشعب الى الثقة والاستقرار».
يذكر أن غول واردوغان أسسا الحزب عام 2002 عقب حظر نشاط حزب «الرفاه الاسلامي» المتشدد. ومنذ وصول الحزب الى السلطة في 2002، نفى كل من غول وأردوغان وجود أي أجندة اسلامية لديهما، وبدلا من ذلك كانا يفضلان نعت نفسيهما بالمحافظين. ويخشى الكثير من الاتراك من أنه اذا أصبح غول رئيسا، ومع شغل أردوغان لمنصب رئيس الوزراء، لن يكون هناك أي حائل أمامهما لكي يعملا على تخفيف القوانين العلمانية الصارمة.

يشار الى ان نحو مليون شخص احتشدوا في شوارع اسطنبول، الاحد، احتجاجا على ترشيح غول لمنصب الرئيس وتعبيرا عن تأييدهم للعلمانية التركية. كما انخرط الجيش في الجدل الدائر، قائلا انه «سيتدخل اذا اقتضى الامر لحماية الدولة العلمانية». واعتبر هذا البيان العسكري بمثابة تهديد حقيقي للحكومة بالنظر الى أن الجيش أزاح أربع حكومات من سدة الحكم على مدى الـ 50 عاما الماضية.

ويمكن لقرار تقديم الانتخابات الى يونيو، ان يهدئ أسواق المال التي شهدت أكبر انخفاض لها على مدى عام في اليومين الماضيين بسبب مخاوف من عدم الاستقرار. وارتفعت الاسهم التركية والليرة نحو اثنين في المئة امس، لكن المحللين قالوا انه على المستثمرين توخي الحذر. وزادت الازمة التركية من المخاوف المحيطة بانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وفي بروكسيل، رحبت المفوضية الاوروبية امس، باقتراح تقديم الانتخابات. ودعا الجهاز التنفيذي في الاتحاد في بيان، كل الاطراف الى احترام حكم المحكمة الدستورية.

وفي اثينا، اعلنت وزيرة الخارجية دورا باكويانيس امس، ان اليونان ترغب في تركيا «مستقرة واوروبية وديموقراطية». وقالت في ختام اجتماع مع نظيرها التونسي الذي يزور اثينا: «اننا نتابع عن كثب وباهتمام كبير» التطورات السياسية في تركيا.

واضافت: «نرغب ككل الاوروبيين في تركيا مستقرة واوروبية وديموقراطية»، رافضة المزيد من التعليق على الشؤون الداخلية للدولة المجاورة.

مصادر
الرأي العام (الكويت)