حصلت «الحياة» على تفاصيل الورقة الايرانية المقدمة الى مؤتمر شرم الشيخ، وفيها ان طهران ضد اي تغيير في رئاسة الوزراء العراقية قد يؤدي الى عودة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، وتطالب بتجمع القوات الاميركية والبريطانية في قواعد ومعسكرات داخل العراق، وبوضع خطة واضحة للانسحاب الذي يجب ان يكون مبرمجاً خوفاً من إعادة خلط الأوراق وتوزيع السلطة من جديد. وتدعو الى مشاركة السنة والأكراد في محاربة «القاعدة»، خصوصاً «أنصار الاسلام». وتعارض الفيديرالية وكل مساعي التقسيم.

لبنانياً، لا تعارض انشاء محكمة دولية شرط الأخذ بملاحظات المعارضة، وتربط بين التقدم في المحادثات حول ملفها النووي وقضايا المنطقة، خصوصاً الملف العراقي، وتسعى الى تقاسم النفوذ في العراق مع واشنطن.

وفي ما يأتي النقاط الأساسية في الورقة الايرانية:

1- وضع برنامج محدد لانسحاب القوات الاميركية والبريطانية من المدن والتجمع في قواعد ومعسكرات داخل العراق، على ان يلي ذلك تسلم القوات والاجهزة العراقية مهمة الأمن وفرض القانون بعد تعزيز قدرات هذه القوات.

2- رفض أي انسحاب غير مبرمج للقوات الاجنبية، خوفاً من أن يؤدي هذا الامر الى اعادة خلط الأوراق وتوزيع السلطة.

3- رفض تولي بعثي سابق رئاسة الوزراء في العراق، إذا تم التوافق على تغيير نوري المالكي.

4- تساعد ايران في عقد مؤتمر مصالحة وطنية يضم كل القوى والاحزاب الشيعية والسنية العراقية ومشاركة الجميع من كل الاطياف، على ان يتم الاتفاق لاحقا على مكان انعقاده مع ترحيب طهران باستضافته.

5- إعادة النظر، بناء على لقاء المصالحة، بالدستور العراقي وادخال تغييرات على قانون الانتخاب، على ان يعطى السنة بناء على التعديل حصة 40 في المئة من مقاعد بغداد في مقابل 60 في المئة للشيعة، وإعادة النظر في قانون اجتثاث البعث.

6- اجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب، ثم تعيين رئيس وزراء جديد توافقي بين الاطراف الداخلية من جهة والاطراف الاقليمية والدولية من جهة اخرى.

7- الاتفاق على توزيع عادل لعائدات النفط بين المناطق والمحافظات العراقية بحيث يرضي الجميع، خصوصاً مناطق وسط العراق.

8- اعادة استيعاب رتباء الجيش العراقي السابق، واستثناء الضباط الذين ثبت تورطهم بجرائم في زمن الحكم البعثي السابق، او دفع تعويضات وبدل تقاعد لمن يريد منهم.

9- وضع تصور للسيطرة على نشاط الجماعات القريبة من «القاعدة» بمشاركة الجميع، خصوصاً الاكراد والسنة، وبالتحديد جماعة «أنصار الاسلام» في كردستان، التي تتخذ في الرمادي والفلوجة اسم «أنصار السنة»، واستيعاب الآخرين في الدولة والاجهزة ممن لا يرتبطون بالجماعات الارهابية.

10- ان تتولى عشائر وقبائل الوسط العراقي مهمة مواجهة عناصر «القاعدة» من العراقيين او العرب الذين يتسربون من خارج العراق اليه.

11- تساعد ايران الحكومة العراقية في السيطرة على الجماعات الشيعية المسلحة ودمجها في الاجهزة الرسمية.

12- تعارض ايران بشدة كل مساعي تقسيم العراق او فرض فيديرالية مناطقية تتعارض مع نص الدستور، وبالتالي منع استئثار أي من الاقاليم بالثروات التي يحتويها وحرمان الاقاليم الاخرى من عائداتها.

13- تقدم ايران كل مساعدة ممكنة تمكن الحكومة العراقية من تنفيذ هذه المخططات، وكل مساعدة تساهم لاحقاً في خروج مشرف للقوات الاجنبية من هذا البلد.

وتضيف هذه المصادر ان الحل في العراق لن يكون سريعاً، وستظهر أولى نتائجه بعد ثمانية اشهر على الاقل.

وترى هذه الاوساط ان التصور الايراني للحل في العراق لا يمكن ان يكون منفصلا عن «سلة المنطقة والملف النووي»، لذلك فإن أي اتفاق حول العراق بين القطبين المؤثرين فيه، أي ايران والولايات المتحدة، لا بد ان يترافق مع تفاهمات حول ملفات اقليمية اخرى، خصوصاً في لبنان وفلسطين.

وتؤكد هذه الاوساط ان ايران تحاول فرض معادلة اقليمية جديدة، بحيث تجعل من العراق منطقة نفوذ لها باعتراف اميركي وبمشاركة واشنطن.

وفي تفسيرها لهذه المعادلة تقول المصادر ان طهران تريد القول للاميركي ان بقاءه واستمرار نفوذه او حتى انسحابه المشرف من العراق مرهون بالتعاون الايراني، وان استثناء العامل الايراني في العراق لن يعود عليه إلا بالمزيد من المصائب والغرق في وحل هذا المستنقع الذي أوجده لنفسه. كما تريد المحافظة على نفوذها في لبنان وفلسطين في اطار توافق وتفاهم داخلي بين القوى المؤثرة في هذين الملفين.

وتقول هذه المصادر ان طهران لا تعارض انشاء محكمة دولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، لكنها ترى ضرورة الأخذ بملاحظات الاطراف الاخرى. وأنها ترفض بشدة أي حرب داخلية في لبنان وتدين مساعي أي طرف يعمل في هذا الاتجاه.

وترى ضرورة توصل الاطراف اللبنانيين الى حل لأزمة تشكيل الحكومة ولا ترى حرجاً في ان تعتمد التركيبة التي طرحها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة على ان يجري بحث معمق حول الوزير الملك بين المعارضة والموالاة.

وتطالب الادارة الاميركية ببذل جهود كبيرة لحل معضلة مزارع شبعا، بما يؤدي الى انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من هذه المزارع وتحريرها اضافة الى تحرير الاسرى اللبنانيين.

وتطالب ايضاً بتأجيل البحث في سلاح المقاومة الى حين البت في موضوع الاستراتيجية الدفاعية للبنان بناء على التطورات الاقليمية وتقدم عملية السلام في الشرق الاوسط.

ولا بد من مساع لترطيب الاجواء بين قوى المعارضة والموالاة، خصوصاً على خط الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، وزعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وكذلك الالتزام بالتفاهمات مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري برعاية ايرانية - سعودية، على ان يترك موضوع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع الى حين اجراء مصالحة بينه وبين زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون.

اما على صعيد الملف النووي، فإن ايران ستدخل مع الولايات المتحدة في مرحلة اختبار النيات، على ان يكون الهدف النهائي عدم الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي، بل التوصل الى تفاهم معه يضمن لايران الحفاظ على حقها وتعزيز الثقة بسلمية اهدافها النووية.

وتقول هذه المصادر ان طهران ترى ان الموضوع النووي في ظاهره منفصل عن الملفات الاقليمية الأخرى، خصوصاً الملف العراقي، إلا ان الملفات الاقليمية تنعكس سلبا او ايجابا على الموضوع النووي، خصوصاً ان طهران لا يمكن ان تتخلى عن اوراق تعتبرها قوية في يدها او ترضى بالمشاركة فيها، وفي المقابل لا تحقق أي تقدم في ملفها النووي. وتقترح السير في الملفات الاقليمية بالتوازي مع الملف النووي.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)