أهمية لقاء وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها السوري وليد المعلم على هامش مؤتمر العراق في شرم الشيخ لا تقاس الا بعدم حصول لقاء كان متوقعا بين رايس ونظيرها الايراني منوشهر متكي.
والكلام عن انعكاسات محتملة لهذا اللقاء على مستقبل العلاقة الاميركية السورية وتعاون أميركا وسوريا ان في العراق أم غيره لا يكتمل الا بالكلام عن انعكاساته المحتملة على العلاقة السورية – الايرانية نفسها، أي على التحالف الاستراتيجي بين البلدين.

هذه العلاقة، بل ضرب هذه العلاقة، هو بيت القصيد الاميركي لانها مصدر قلق كبير لادارة بوش أقله منذ احتلال العراق. بل ان ضرب هذه العلاقة هو مطلب دولي ضمني عموماً ورغبة عربية قوية. ويصعب تالياً ألا يكون اللقاء ازعج ايران.

ويبدو ان أنباء بدأت تتسرب من طهران عن عدم رضى ايراني عن الاسلوب السوري في التعامل مع اميركا و"التنازل" لبعض الدول العربية وخصوصاً في قمة الرياض، وعن انه كان ينبغي اعداد جدول اعمال واضح للقاء شرم الشيخ لا يقتصر على موضوع العراق بل يشمل كل الملفات التي تعني دمشق لئلا تستغل واشنطن حاجتها الى تحسين وضعها الدولي وتسحب منها كل اوراقها للتفاوض من دون اعطائها اية ضمانات.

فهل هذا "حرص" على مصالح سوريا أم على استمرار التحالف الذي تعرف الدولتان ان ايران هي الطرف الاقوى فيه؟ هل بدأت ايران تقلق فعلاً من امكان نجاح اميركا في ابعاد سوريا عنها أم ان في انتقادها دمشق ثقة كاملة بصعوبة تحقيق هذا الهدف؟

لا شك في ان سوريا تعتمد كثيراً على ايران في تخفيف الضغوط الدولية التي تتعرض لها وخصوصا في موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكنها تشعر أيضاً أو لنقل إنها شعرت بقلق من اختلاف الاولويات بينها وبين ايران عندما بدأ الحوار السعودي - الايراني من احتمال ان ترتب ايران مصالحها ومصالح "حزب الله" على حساب التحالف بينهما. كذلك لن تتردد دمشق في محاولة تخفيف الضغوط بنفسها اذا فسحت لها واشنطن مجالا لتحسين العلاقات معها ولو بالتعاون في ملفات اخرى. وليس مصادفة ان يتزامن لقاء رايس والمعلم مع اعلان القوات الاميركية في العراق انخفاض عدد المتسللين الى العراق عبر الحدود السورية ومع اعلان دمشق نفسها انها نفذت في الاسابيع الاخيرة سلسلة عمليات ضد أشخاص مرتبطين بتنظيم "القاعدة" في العراق.
هذه الاستعدادات من واشنطن ودمشق قد توحي ببدايات ما لكنها لا تزال اضعف من ان يبنى عليها احتمال نجاح فك التحالف الايراني – السوري. فحتى اشعار آخر لا تزال واشنطن تفتقد الاستراتيجية في العراق وفي المنطقة وأقصى ما تسعى اليه هو مخرج مشرف من ورطتها العراقية، ولا يزال الهمّ السوري الاول هو قضية المحكمة وانعكاساتها على النظام ويصعب ان تذهب دمشق بعيداً في التعاون مع أميركا ما لم تكن النتائج مضمونة. وحتى اشعار آخر أيضاً لا تزال ايران قادرة على تحدي أميركا وعلى الامساك بتحالفها مع سوريا من خلال حمايتها مباشرة وعبر حلفائها في لبنان من ضغوط المحكمة.

مصادر
النهار (لبنان)