عندما أدركت الأنظمة والمنظمات العربية حولنا أن الحرب العسكرية الكلاسيكية لجيش عربي إزاء الجيش الاسرائيلي ستفضي أبدا الى هزيمتها ، توجه جزء منها الى السلام مع اسرائيل قسرا ، لكن آخرين ، وفي الأساس المنظمات الاسلامية ، بدأوا يبحثون عن طراز قتال جديد ، وقد وجدوه ، انه طراز "المقاومة" المُحكَم الذي استُعمل ضدنا في الانتفاضة الأخيرة وفي حرب لبنان الثانية ، وحان الوقت لنفهمه ونحاربه ، وانا أُسميه "المثلث الذهبي" ، لانه يمنح الجانب العربي الذي يستعمله ربحا مثلثا.
لهذا المثلث ثلاثة رؤوس ، اولا: نقل القتال من الجبهة العسكرية نحو الجبهة الداخلية الاسرائيلية ، بواسطة الصواريخ في الأساس ، وعبر حرب عصابات موجهة الى جنود الجيش الاسرائيلي ، ففي اللحظة التي يطلق فيها أول صاروخ على اسرائيل - يتصور الجانب العربي نفسه منتصرا ، فالامر الأساسي من جهته أن ينقل الحرب الى داخل اسرائيل وأن "يخترق القلعة" ، ويبث الذعر في اسرائيل ، وصوت الصراخ وفقدان الأمن هو انتصاره النفسي.
وفي الرأس الثاني هناك أيضا مواطنون ، هم مواطنو الجانب العربي ، فكيف ترد اسرائيل على الهجوم؟ ، إذا ردت بهجوم على ارض لبنان أو في المناطق ، فسيُصاب مواطنون عرب كثيرون ، وستبث النتيجة الفظيعة في وسائل الاعلام العالمية ، وهذه هي الفائدة الثانية للجانب العربي ، وهي الربح الاعلامي والادراكي العظيم في العالم ، فقد كان الخميني هو الذي أمر زمن المظاهرات الكبيرة المضادة للشاه بوضع اطفال صغار على رأس مسيرات الاحتجاج ، وزعم انه اذا قتل جنود الشاه اطفالا فسيكون الربح الاعلامي والمعنوي مضاعفا.
والرأس الثالث بعد الهجوم ، هي أمواج الزعزعة داخل اسرائيل: من لجان التحقيق ، الى الضجة السياسية وانعدام الاستقرار الاجتماعي ، وهذا هو تصور نصر الله ، وفحواه أن على الديمقراطية الاسرائيلية أن تقضي على نفسها ، توجد هنا أهمية للتوصل الى نوع من النضج في اعلامنا وأن ندرك أن أحدا ما في الخارج يستعمل ديمقراطيتنا استعمالا سيئا ، ولم يُحرز هذا الهدف بعد الحرب الأخيرة.
فكيف يمكن أن نواجه هذا الطراز المثلث ، الذي يؤلف بين المواجهة العسكرية ، والنفسية ، والمدنية؟ قبل كل شيء وفي الأساس يجب الكشف عنه وفهمه ، فعندما نعي الحيل التي تستعمل ضدنا ، ففي ذلك ما يعوق أو يضائل جزءا من أرباح العدو.
فيما يتعلق بالصواريخ أو الارهاب ، هناك حاجة الى سياسة ردعية حازمة ، وجباية ثمن وبلبلة متواصلة للجانب الثاني ، وهناك مكان لهجوم دبلوماسي اسرائيلي لنزع الشرعية عن إشراك المواطنين في الحرب ، وفيما يتعلق بالرأس الثاني من الواجب إجلاء جميع السكان المحليين قبل كل اجراء ، ويجب أن نُبين للعالم سلفا أن استحدام المواطنين كأداة هجومية تتعارض مع جميع قيم الغرب والديمقراطية ، والامر مهم خاصة قُبيل اجراءات عسكرية في المستقبل.
وآخر الأمر ، إن فهم المؤامرة والاستعمال السيء الذي يستعملنا له الفلسطينيون ، أو الشيعة ، قد يزيد المنعة والنضج الاجتماعيين ، ويُعيد الثقة الذاتية وينجح كذلك ، كما نأمل ، بأن يوجه تكتيك العدو اليه هو نفسه ، وبهذا سيبدأ "المثلث الذهبي" في العمل لمصلحتنا.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)