أريد عدم الندم .. أو ترك تاريخي كومة من ركام يتطاير فوق المدينة، لكنني أبقى أفكر بأن الأمس ليس تراثا، ولا حتى تجربة تسعى لكتابة الجديد الذي يصبح اليوم قديما ... ثم اكتشف حجم التزوير الذي مارسته، أو تعبت من أجيال الإناث وهم يقفون دون الحرية أو العبودية، فما بين الأفق الجديد والليل المنسي توقف الزمن فلم أعد قادرة على العودة إلى الوراء أو حتى اقتحام القادم.

اكتشف اليوم أنني رسمت حريتي على مقاس صغير يناسب حجم التعبير الذكوري، وأعرف أن الصدق الذي مارسته، ولست وحدي في هذا الوحل، كان عنوانا يتلفح به الذكور لكنهم يفشلون في صد البرد، أو اتقاء أزيز عصر السبايا، لأنهم يلونوني كما يريدون لا كما أريد. وأنا بدوري أريد القادم وميزة الماضي، وكأن التمني هو سمة الأنثى التي أرادت العجز قبل أن يفرض الذكور أوامرهم عليها.

"حريتي" خارج الذكور هي قبل كل شيء مجالا أرسمه دون انتظار ... فاكتشاف المستقبل لا يمكن أن يتم بالتردد بين الماضي والقادم، وبين الوقوف على الأعراف بانتظار الأمر الإلهي بدخول الجنة، فأنا أريد العمل ثم أريد ميزة الأنثى بـ"الغنج" أو بالمساحة التي تتيح لي ممارسة ضعفي!!! فلا حرية اليوم لأنني مازلت أرى نفسي أنثى على طراز القرون الوسطى لكن الزمن رماها وسط مساحات الحرية!!

قبل عقود كنت أحلم بألوان الحرية على شاكلة "الصراع السياسي" .. لكنني اكتشف اليوم أن الإناث لم يحمسن بعد المصير الأخير لحرية مسلوبة منذ عهد "إبليس" ... فلا انتظار لذكور اليوم، ولا خوف من مساحات الاغتصاب التي يرسمها الرعب الأمريكي على شاكلة الأفلام البوليسية ... لأن الحرية لم تكن منحة يهديها الزمان للمجتمع ... بل هي اللون الذي نخطفه ونعرف أنه سيترك تعبا على الوجوه وقلقا دائما على أجيال ستأتي.

"حريتي" خارج الذكور هي مسؤولية الإناث بالدرجة الأولى، قبل أن تصبح مزيجا من التعامل داخل المجتمع، فأنا أرى الماضي "كومة" تضحيات ... لكنها محجوبة بدخان التبغ وبطموح الذكور وبزيف إناث اعتقدن أن الثورة هي على شاكلة "المجتمع الأبوي" .... إنها على شاكلة الإبداع اليوم ... إبداعا اجتماعيا وليس ذكوريا كما كنا نراه بالأمس.