يتوقع مسؤولو مساعدات دولية ان تلجأ سورية نهاية المطاف الى تقييد التدفق الهائل للاجئين العراقيين البالغ عددهم حالياً أكثر من مليون شخص والذين يفرون من كابوس قد يزداد تدهوراً.

ويتسبب تدفق اللاجئين بين 30 و40 ألفا شهريا، في اجهاد موارد الدولة التي تبنت حتى الآن سياسة انفتاح ازاء اللاجئين.
وقال لورنس جوليس، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في دمشق ان «موقف السوريين قد يتغير تجاه العراقيين شيئا فشيئا».

وأضاف: «في حين لا يزال هناك بعض التعاطف. الا أنهم (السوريين) بدأوا أيضاً يشعرون بتبعات هذا العدد الهائل من العراقيين على المدارس والمستشفيات».

وتابع ان «الكثير من السوريين يلقون باللوم على العراقيين، عن حق أو من دون وجه حق، في ارتفاع الايجارات والاسعار وفي موجة ملحوظة من الجرائم».
والمفوضية هي الوكالة الرئيسية التي تساعد سورية في استيعاب العراقيين الهاربين من أعمال العنف الطائفية التي تمزق بلادهم.

وأعرب جان جاك فريسار، كبير موفدي اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن خشيته أيضاً «من أن تعيد سورية النظر في ترحيبها باللاجئين، وسط تزايد الاستياء الشعبي والمخاوف الامنية».

وقال: «يمكنك أن تشعر بالقلق من أن السوريين في مرحلة ما قد يقولون: حسنا القارب ممتلئ عن آخره. ربما لا يغلقون الحدود بالكامل لكنهم سيكونون أكثر احجاماً عن استيعاب القادمين الجدد. هذا أمر يشغل البال كثيراً».
وعلى رغم العبء المتزايد الذي يشكله اللاجئون فقد أبقت سورية وحدها حدودها مفتوحة. بينما جعل الاردن ومصر وبلدان أخرى الأمر أكثر صعوبة ان لم يكن مستحيلا لدخول العراقيين.

ويمكن للعراقيين العبور بحرية الى سورية والبقاء ثلاثة اشهر، وتجديد تصاريحهم لثلاثة أشهر أخرى قبل أن يتعين عليهم العودة الى الحدود والدخول مجددا بالشروط ذاتها.

وقال جوليس ان السلطات السورية كانت أصرت في وقت سابق على العراقيين الذين مكثوا ستة أشهر في البلاد المغادرة لمدة شهر، قبل العودة ثانية، ما أثار قلقاً واسعاً والكثير من الاحتجاجات وسط اللاجئين، غير أن دمشق عادت سريعاً الى السياسة القديمة.

وتابع أن كثيراً من العراقـــيين عمليا يقيمون من دون تــــــجديد تصاريح الإقامة كما أن السلطات السورية نادراً ما اتخذت اجراءات صارمة ضدهم.

وعلى رغم تزايد الاهتمام الدولي وزيادة أموال المانحين هذا العام، الا أن الجهود الانسانية لمساعدة الدول المضيفة للاجئين تبدو متضائلة أمام أعمال العنف التي دفعت بالفعل ما يصل الى أربعة ملايين عراقي الى الفرار أو النزوح.

وقال فريسار: «آمل أن أكون مخطئا. لكن كلنا يعتقد بأن الاسوأ لم يأت بعد في العراق وهو ما قد يترجم الى وصول أعداد كبيرة أخرى الى هنا وربما قريباً جداً».

وأضاف أن معدل قدوم اللاجئين قد يتزايد بعد انتهاء العام الدراسي في حزيران (يونيو) أو اذا حدثت أي زيادة كبيرة في القتال.
وتؤكد سورية انها استوعبت بالفعل «1.4 مليون ضيف» عراقي، 80 في المئة منهم يعيشون في العاصمة دمشق أو حولها.
ولا تملك المفوضـــــية العليا لشؤون اللاجئين أي احصاءات دقيقة، لكنها تقول ان عددهم يبلغ المليون شخص.

ولا توجد دول أخرى مستعدة لقبول العراقيين أو إعادة توطينهم لديها لذلك فإن سورية تواجه احتمال استضافتهم طالما استمرت المأساة العراقية. فهي تستضيف أيضاً لاجئين فلسطينيين يبلغ عددهم حاليا 400 ألف منذ حرب عام 1948.

ويمكن للعراقيين ادخال أطــــــفالـــهم الى المدارس السورية من دون رســـــوم على رغم أن منظمات المساعدات تقول ان قلة قليلة تفعل ذلك. كما يمكن للعراقيين تلقي العلاج مجانا في المنشآت الطبية الحكومية في سورية ما يسبب في انهاك الخدمات العامة التي تئن بالفعل في البلاد.

وأظهر مسح أجرته اللجنة الدولية للصليب الاحمر للاجئين العراقيين في سورية أن ما لا يقل عن ربعهم يعيشون في فقر مدقع ويقتطعون من تكاليف الطعام والشراب لتوفير ما يكفي من الاموال لدفع الايجار.

ويعيش اللاجئون الذين ينتمون الى مختلف أعراق وطوائف العراق على مدخراتهم أو يحصلون على الاموال من أقارب لهم في العراق أو في الخارج.
ويعثر بعضهم على أعمال في الأحياء المزدحمة التي تدفق عليها العراقيون على رغم أن ذلك محظور.

وقال فريسار: «الناس قدموا ومعهم أموال ولكنها تنفد ببطء. ستكون هناك لحظة انهيار. لا نعلم متى. لكن بالنسبة الى كثير من الناس ستكون هذا العام».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)