عن السعودية وايران و"حركتهما" اللبنانية تحدث المسؤول الرفيع نفسه في "الادارة" الاميركية الثالثة اياها المهمة جداً والمؤثرة في اوساط الرئيس جورج بوش، قال: "السعودية لا يمكن التنبؤ بما يمكن ان تقوم به. هي اخذت طبعاً الدور القيادي في العالم العربي اخيراً وتحركت. ونحن نتشاور معها ونعرب لها عن آرائنا ونــــشرح لها اهتماماتنا ومصالحنا. لكننا لا نعرف اذا كانت ستأخذ ذلك كله في الاعتبار. فهي مثلاً لم تأخذ آراءنا في الاعتبار في "اتفاق مكة" بين حركتي "فتح" و"حماس" الفلسطينيتين. الذي لا نعتبره اتفاقاً مفيداً. لذلك فإننا نسأل عن الاتصالات التي تجريها المملكة مع ايران. الامير بندر بن سلطان لم يأت الى واشنطن منذ مدة (كان هذا الحديث في 21 آذار الماضي). لا اعرف ماذا هناك. قد يكون هناك اختلاف داخل العائلة الحاكمة على السياسة الخارجية.

اتى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى السعودية في زيارة رسمية، ولم نعرف ماذا فعل ولماذا اتى. اشرح كل ذلك لأقول اننا نخشى من التسوية التي تعمل عليها السعودية مع ايران، او بالاحرى لأقول اننا نتساءل عن تسوية كهذه سواء من ناحية الجوهر والمضمون، او من ناحية الشكل، او من ناحية التنفيذ. هل تكون هذه التسوية مثل "اتفاق مكة"؟ او تكون افضل للبنان وشعبه؟ اننا ننتظر. طبعاً باستثناء ترطيب الاجواء لم يحصل شيء جدي حتى الآن على المستوى السعودي – الايراني او على المستوى اللبناني. لكن لا احد يستطيع ان يستبق النتائج وان يعرفها".

ماذا لو توصل السعوديون والايرانيون الى تسوية وطلب الأولون من الســــــنّة في لبنان، وتحديداً من الزعيم الاقوى لديهم سعد الحريري وتالياً من فريق 14 آذار، قبول هذه التسوية وان لم تكن ملائمة في رأي كل هؤلاء للبنان؟ سألت. فأجاب:

"طبعاً السعودية "منرفزة" جداً من سوريا. ومصر ايضاً. لكن مصر الآن اكثر تسامحاً مع سوريا ورئيسها بشار الاسد رغم مطالبتها ايانا وغيرنا بمتابعة الضغط عليهما. هي لا تريد تغيير النظام السوري حرصا على استقرار المنطقة كما تقول. وهي ربما تخشى نجاح "الاخوان المسلمين" السوريين في السيطرة على بلادهم وفي الوصول الى السلطة فيها لانه قد يساعد اخوانهم "الاخوان المسلمين" المصريين للاقتداء بهم. في كل الاحوال يجب ان ننتظر لنرى. ما رأيك في النائب سعد الدين الحريري زعيم تيار المستقبل؟" سأل. فأجبت: اتى الحريري الابن الى السياسة من خارجها. لكنه تعلم في سرعة ولا يزال يتعلم ولا يعتبر انه "ختم العلم". ولا يبدو ان هناك بديلاً منه وبقوته على الساحة الاسلامية السنية في لبنان حالياً.

فؤاد السنيورة اظهر انه رجل دولة مهماً، لكنه ليس زعيماً شعبياً وربما لا يريد ان يصبح زعيماً شعبياً فضلاً عن انه مع قوى 14 آذار وتحديداً مع الحريري. طبعا تسمعون هنا في واشنطن، مثلما نسمع نحن في لبنان وخارجه، ان سعد الحريري ينفذ كل ما تقوله له السعودية من دون مناقشة. وهذا النوع من الاقوال يقلق كثيرين في لبنان، لكنه غير صحيح في المطلق، رغم الاحترام الكبير الذي يكنه سعد للسعودية وللعائلة الحاكمة فيها.

فهو الذي، وبلسان اعدائه او اخصامه، اجهض مشروعاً رعته السعودية لحل الازمة الناشبة وكانت في بداياتها. وهو الذي يناقش السعوديين في ما يصلح لبلاده وما لا يصلح لها. ومن جهة اخرى، فان المملكة تتحاشى التعامل معه ومع حلفائها الآخرين بلغة توجيه الاوامر والتعليمات كما هي الحال بين جهات لبنانية اخرى مع جهات اقليمية ودولية. فعلّق بسؤالين: "لماذا توجهت السعودية الى ايران للبحث عن حل؟ وماذا عن "حزب الله"؟" فاجبت: السعودية تتصدى للمواجهة وحتى للقيادة، رغم طبعها الحذر والمتحفظ عندما تشعر بخطر فعلي على نفسها وعلى محيطها وعلى ما تمثل. نتذكر كلنا صراعها مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في الستينات، فهي واجهته بعدما استهدفها ونجحت في ذلك بعد تورطه في اليمن اذ حولت هذه حرب استنزاف له. الآن ترى السعودية ايران مصدراً للخطر عليها وعلى جوارها وعلى ما تمثل.

ومعالجة ذلك تتم بالحوار او المواجهة. بدأ السعوديون بالحوار لاعتقادهم او لمعرفتهم ان ايران تفضل الحوار، ذلك ان المواجهة ستشعل حرباً سنية – شيعية على امتداد العالمين العربي والاسلامي لن تربحها على المدى البعيد. ولاعتقادهم ايضاً ان ايران لا تريد انخراط "حزب الله" في حرب مع السنة في لبنان لانه لن يربحها كما لن يربحها اخصامه بل ستدمر البلاد. طبعاً تناولت المفاوضات الحكومة والمحكمة ذات الطابع الدولي، وذلك غير كاف. يجب ان تشمل ايضاً رئاسة الجمهورية تلافيا لأي تعطيل مستقبلي للتسوية التي قد يتم التوصل اليها. علّق: "هذا صحيح. يقال لنا ان السعودية تعمل على حكومة ومحكمة وعلى انشاء لجنة تنظر في نظام المحكمة الدولية. ماذا لو تشكلت اللجنة وتعطلت الحكومة بفعل الثلث المعطل للمعارضة فيها؟ المهم في هذا الامر النيات والمواقف الواضحة".

ماذا عن زيارتي الزعيم اللبناني وليد جنبلاط والرئيس الاسبق امين الجميل لواشنطن اخيراً؟ سألت. اجاب: "اظهر امين الجميل في زيارته الاخيرة، وخصوصاً للذين عرفوه في السابق زعيماً ثم رئيساً، انه رجل دولة (صار) يتمسك بلبنان وجاهز في الوقت نفسه للبحث عن حلول ومخارج تؤمن مصلحة بلاده. انه مع الحوار ولا سيما مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. اما وليد جنبلاط فقد ترك اثراً في العاصمة الاميركية، لكنه يخشى تحركاً سعودياً قد يسفر عن تسوية لا تؤمّن مصالح لبنان وتفرض على اللبنانيين".

هل من حوار مرتقب بين اميركا وايران؟ وماذا عن الضربة العسكرية الاميركية التي يتوقعها كثيرون لايران؟ سألت: فأجاب: "الضربة هي خيار موجود على طاولة الرئيس في استمرار. لكن ايران ليست قريبة من امتلاك سلاح نووي او من اجراء تجربة نووية او من امتلاك تقنية نووية. وهي لن تفاجىء العالم بعد ستة اشهر مثلا باختبار نووي او بأي شيء من كل المذكور اعلاه. لذلك فإن امكانات الحوار تبقى دائماً موجودة. هناك وقت لكل شيء.

المشكلة بالنسبة الينا هي ان ازمة لبنان جزء من مشكلات اقليمية ودولية اكبر. قــــــلت. فـــــعلّق: "نعم هناك العراق وفلسطين وايران وسوريا وغيرها. الحلول النهائية لكل المشكلات يلزمها وقت، لكن المهم ان يبدأ اللبنانيون في وعي ذلك كله وفي وعي مصالحهم وتالياً في التحرك للمحافظة على بلادهم".

مصادر
النهار (لبنان)