كشف وزير الدفاع العراقي أن الجيش الوطني والقيادات السياسية يجرون مشاورات بشأن أسوأ سيناريو، وهو انسحاب القوات الأجنبية فجأة من العراق، وأكد مسؤولان عراقيان أن هذا السيناريو ليس مستبعداً بعد الضغوط الأمريكية القوية على الحكومة العراقية ونظيرتها الاقليمية في كردستان، والتهديد بوقف دعم الولايات المتحدة للحلفاء في بغداد، لكن تقارير أكدت ان الإدارة الامريكية تعمل سراً على إعادة احتلال العراق من خلال عملية تصعيد ثانية لأعداد القوات المقاتلة في العراق والتخطيط لبقاء طويل، ولقي 44 عراقيا بينهم ستة من عائلة واحدة حتفهم، وجرح 78 آخرون في هجمات في أجزاء متفرقة من بغداد وفي الخالص، وقتل جندي بريطاني في البصرة في هجوم على قافلة تموين للجيش البريطاني وسحل سكان جثة الجندي المحترقة في الشارع. وسمت ايران مندوبها للحوار مع الأمريكيين في بغداد حول الأمن في العراق.

وقال وزير الدفاع العراقي عبدالقادر جاسم العبيدي ل”اسوشيتدبرس” إن الجيش العراقي يضع خططاً لمواجهة اسوأ سيناريو اذا انسحبت القوات الأجنبية من العراق بشكل سريع. وقال إن خطط الجيش تهدف الى الا يكون هناك فراغ أمني في البلاد بعد انتهاء الاحتلال. اضاف “نعقد اجتماعات مع القادة السياسيين لاستباق الاحداث والاستعداد للأسوأ”.

وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش أجرى محادثات هاتفية مساء الاثنين مع رئيس الوزراء نوري المالكي، واكد المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو ان بوش اعرب عن دعمه لحكومة المالكي، وأشار الى ان هذا الاخير ابلغ الرئيس الامريكي بآخر التطورات على صعيد قانون النفط والغاز الذي يهدف الى تقاسم عائدات النفط بالتساوي بين المحافظات العراقية ال،18 وما تم على صعيد تعديل الدستور العراقي لضمان مشاركة اوسع للعرب السنة في العملية السياسية. لكن مسؤولين عراقيين طلبا حجب هويتهما أكدا ان بوش حذر المالكي من ان واشنطن تتوقع ان ترى “نتائج ملموسة وسريعة” لجهة الموضوعين ك”ثمن” لاستمرار الدعم الامريكي للحكومة العراقية.

وكشف القيادي في التحالف الكردستاني النائب محمود عثمان ل”الخليج” أن الحكومة الامريكية تحاول إجبار وفد حكومة الاقليم الذي يزور بغداد حاليا على القبول بقانون النفط والغاز ب”أسرع وقت”، في محاولة لإثبات أن هناك تقدماً ونجاحاً في العراق. وأشار الى أن المسؤولين الأكراد رفضوا هذه الضغوط واعتبروها نوعاً من التدخل الأمريكي في الشأن العراقي، وشدد على أن إجبار الأطراف العراقية على اقرار القانون على عجل من دون معالجة المسائل العالقة، ستكون له نتائج سلبية على أمن واستقرار العراق في المستقبل.

وبدأت الإدارة الأمريكية سراً، رغم استمرار الخلاف مع الكونجرس بشأن سحب القوات من العراق، القيام بما وصف بعملية تصعيد ثانية لأعداد القوات “المقاتلة” في العراق، وهي عملية يتم تنفيذها بإرسال المزيد من القوات المقاتلة في وقت يتم إطالة فترة بقاء القوات المقاتلة الموجودة هناك بالفعل من عام الى 15 شهراً، حيث سيبلغ إجمالي أعداد هذه القوات بحلول نهاية العام الحالي ال 98 ألف مقاتل إضافة للقوات التعضيدية الموجودة بالفعل بالعراق (حالياً حوالي 52،500 ألف)، وبذلك سيتخطى إجمالي القوات الأمريكية بالعراق (حالياً 162 ألفاً) سيتخطى ال 200 ألف جندي ليسجل أكبر عدد ممكن منذ بداية غزو العراق.

ونفى البنتاجون وجود تصعيد ثان سري، وبرر ما يحدث من زيادة القوات في العراق بأنه شيء عادي نتيجة وصول قوات قبل مغادرة قوات أخرى انتهت فترتها بالعراق.

وأكدت تقارير عسكرية تحليلية في واشنطن أمس امتثال إدارة بوش لمطالب القائد الأعلى للقوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس وعدد آخر من القادة العسكريين بحاجتهم للمزيد من القوات المقاتلة، واتخاذها القرار بموجبه سيتم إرسال المزيد من اللواءات العسكرية الى العراق ليصل عدد اللواءات الموجودة بالعراق بحلول الكريسماس 28 لواء أمريكياً (اللواء الأمريكي عادة ما يكون قوامه ما بين 3500 و5000 مقاتل).

وقال محللون عسكريون في واشنطن ل”الخليج” ان تنفيذ إدارة بوش لهذا التحرك الجديد سيكون بمثابة إعادة احتلال العراق في الوقت الذي تحاول الإدارة التأكد من إحداث “بناء” واقع عسكري وسياسي جديد في العراق يضمن استمرارية الأوضاع فيه، أي بقاء الوجود الأمريكي هناك، بعد رحيل إدارة بوش من الحكم. ونسبة للخلاف بين بوش والكونجرس يحاول الرئيس الأمريكي حالياً بمساعدة مستشاريه العسكريين والسياسيين معالجة الأمر بتبني سياسات تحمل روح تقرير بيكر - هاملتون من حيث البدء فوراً بعد إنجاح التصعيد الثاني في التركيز على تدريب قوات عراقية تكون مهمتها الأساسية تأمين العراق، بينما تستمر القوات الأمريكية في مواقعها داخل العراق وتنفذ مهام محددة مثل محاربة القاعدة والإرهاب وحماية بقية القوات والقواعد الأمريكية ومكافحة الميليشيات الطائفية التي تساندها إيران، بالتزامن مع الاستمرار في محاولة الحصول على دعم جيران العراق من دون استثناء الحوار مع إيران وسوريا إذا دعت الضرورة. وفيما بدا مؤكداً أن قناعة الإدارة الأمريكية الحالية هي صعوبة تحقيق الوفاق الوطني العراقي، فإن النصائح التي استمع اليها مؤخرا الرئيس الأمريكي تضمنت ضرورة التأكد من إصدار قانون جديد للنفط ومراضاة العرب السنة بتغيير عدد من بنود الدستور العراقي وإعادة “المعتدلين من حزب البعث”، ومحاولة التحالف مع زعماء القبائل السنية بالأنبار لمواجهة القاعدة، وحتى محاولة الوصول الى توافق مع الزعيم الشاب المناهض للاحتلال مقتدى الصدر.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية قد أوشكت على وضع اللمسات الأخيرة لهيكلة هذه السياسة الجديدة بغرض تقديمها أو شرحها لزعماء الكونجرس مع البدء في التنفيذ، أما غير المتوقع فهو أن يدخل حيز التنفيذ الفعلي قبل إتمام عملية التصعيد التي تقوم بها القوات الأمريكية بالعراق حالياً، بحيث تضمن إدارة بوش استمرارية الاحتلال في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة (يناير/ كانون الثاني 2009) وما بعدها بغض النظر عن هوية القادم الجديد الى البيت الأبيض ديمقراطياً كان أم جمهورياً.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)