دعا أكثر من معلّق اسرائيلي امس الحكومة الى حزم امرها والقيام بعملية عسكرية واسعة في غزة بهدف اضعاف حركة "حماس" بصورة كبيرة ووضع حد لسيطرتها العسكرية على القطاع، ثم تسليم المسؤولية هناك الى قوات دولية على شاكلة ما هو حاصل في لبنان. وبالامس ايضاً اشارت صحيفة "هآرتس" على صفحتها الاولى الى ان الادارة الاميركية اعلمت اسرائيل بموافقتها على اجراء مفاوضات سياسية مع السوريين حول موضوع الجولان، شرط ان تتجنب اسرائيل طرح موضوعين اساسيين في محادثاتهما، هما: المستقبل السياسي في لبنان، وموقف الولايات المتحدة من عدد من الموضوعات الشرق الاوسطية.

وكان متابع الشؤون العربية في الصحيفة تسفي برئيل استبعد في مقال له عن "فتح – الاسلام" ان تكون سوريا وراء الاحداث الدامية، رغم ان هذا يصب في مساعيها لعرقلة قيام المحكمة الدولية. وكتب: "فتح – الاسلام تنظيم فلسطيني صغير يتألف من بضع عشرات من المسلحين انشق عن فتح – الانتفاضة الموالية لسوريا في نهاية 2006. يعتنق التنظيم ايديولوجيا دينية متطرفة بعكس التنظيم اليساري العلماني الذي انشق عنه. زعيم التنظيم هو شاكر العبسي المتهم بقتل ديبلوماسي اميركي في الاردن عام 2002 حيث صدر في حقه حكم بالاعدام غيابياً، وعلى ما يبدو هو من المقربين من تنظيم القاعدة في العراق.

جاء ظهور هذا التنظيم المتشدد نتيجة حرب العراق التي حولت العراق منتجاً ومولداً للتنظيمات الارهابية التي لجأت الى عدد من الدول العربية، منها المغرب والسعودية ولبنان. يحظى التنظيم بتمويل سخي يأتيه من العراق. ولقادته موارد مالية من ملاكين كثر في سوريا بصورة خاصة، بالاضافة الى اموال مودعة في المصارف السورية. وبسبب الخلاف على هذه الاموال افترق طريق فتح – الاسلام عن التنظيم الام.

يدير تنظيم فتح – الاسلام عملياته انطلاقاً من مخيم اللاجئين في نهر البارد شمال لبنان حيث يجري تدريباته ويجنّد الكثيرين، كما يخوض معركة داخل المخيمات ضد التنظيمات الفلسطينية الاخرى التي ما زالت تواصل تنسيق مواقفها مع سوريا وحزب الله. ولقد قتلت سوريا قبل بضعة ايام اربعة من اعضاء التنظيم حاولوا التسلل الى سوريا من لبنان في طريقهم الى العراق. من هنا ثمة شك كبير ان تكون سوريا وراء الاشتباكات الدائرة رغم وجود احتمال للربط بينها وبين مساعي سوريا لعرقلة تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري.

المعركة الضارية التي يخوضها الجيش اللبناني ضد فتح – الاسلام ليست جديدة، ولكن تبدو هذه المرة اوسع واكثر ضراوة. مع ذلك لم تقرر الحكومة اللبنانية بعد دخول مخيمات اللاجئين ونزع السلاح الفلسطيني. على اثر مجزرة صبرا وشاتيلا سُمح للفلسطينيين بالاحتفاظ بسلاحهم للدفاع عن النفس، مما حوّل المخيمات معسكرات ومخازن اسلحة واماكن للتدريب على القتال ليس بامكان الجيش دخولها، وباتت اشبه بمواد متفجرة مهددة بالاشتعال مجدداً كل مرة.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)