في القراءة السياسية المعمقة للأحداث الدامية التي وقعت في نهر البارد «شمال لبنان» يمكن القول والبوح بأشياء كثيرة سواء في السياسة او الأمن او حتى القضايا الاجتماعية! ذلك ان مدبري ومفتعلي هذه الحوادث ارادوا توجيه عدة رسائل سياسية وفي عدة اتجاهات من اجل الوصول الى وضع يقود لسلسلة من الاختراقات والتداعيات تقود بدورها اللاعبين المحليين والاقليميين الى تقديم حزمة من التنازلات والتنازلات المضادة.واذا كانت بعض الاطراف اللبنانية سارعت الى اتهام سوريا بأنها تقف وراء تلك الاحداث بقصد تعطيل موضوع المحكمة الدولية فإن هذه البضاعة ارتدت بسرعة على اصحابها لأن هناك رأيا سائدا يقول إن عدة اطراف لبنانية هي على صلة بمنظمة «فتح الاسلام» ولا يمنع من ان يكون التحرك متزامنا مع بدء مجلس الامن بمناقشة مشروع المحكمة الدولية وبالتالي فإن تفجير مثل هذه المواجهة قد يدفع بالمجلس الى اقرار مشروع المحكمة وتمريره تحت ضغط الاحداث الجارية، تماما مثلما حدث عندما اغتيل النائب اللبناني السابق جبران تويني في الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن يناقش قرارا يتضمن الموافقة على فكرة انشاء المحكمة الدولية.لقد تحول لبنان الى اداة وورقة ضغط بيد الادارة الاميركية لمحاربة سوريا والاطراف المقاومة في لبنان ويجري استخدام موضوع المحكمة الدولية بمثابة «فزاعة» لتخويف دمشق وآخرين على الساحة اللبنانية.وهناك قلق حقيقي من ان تندفع الامور - نهاية المطاف - باتجاه مواجهة داخلية قد تكون لبنانية - لبنانية او لبنانية - فلسطينية، وذلك في سياق مشروع «الصدمة» الأميركي الذي يحاول تعويم المأزق الذي يواجه واشنطن في العراق.

مصادر
الوطن (قطر)