نظراً إلى موقعها في قلب منطقة الشرق الأوسط المضطربة قد تبدو سوريا مقصداً سياحياً يصعب ترويجه، لكن الحكومة ترى في السياحة قطاع نمو حيوياً، خصوصاً أن موارد النفط بدأت الآن تتقلص.
وبآثارها التاريخية الغنية وأسواقها الحيوية ومواقعها الدينية وتقاليدها العريقة في الضيافة، فإن سوريا لديها الكثير الذي تقدمه للمهتمين بالثقافة والمستعدين في الوقت نفسه لقبول نوعية من الخدمة لا ترقى إلى مستويات المقاصد السياحية الأكثر تمرساً في هذا المجال.
كما يتعين على سوريا أيضاً مواجهة ما يعترف وزير السياحة سعد الله آغا القلعة، بأنه «مشكلة صورة» متصلة بحال عدم الاستقرار في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية.
وقال الوزير لـ «رويترز» في مقابلة في مطلع الأسبوع «سوريا جزيرة في منطقة مضطربة. لذا يحتاج السياح إلى شخص كان هنا ليبلغهم بأنها آمنة ومستقرة». وبإمكان السياح الحصول على تأشيرة زيارة بسهولة والسفر بحرية في أنحاء سوريا. لكن الولايات المتحدة تنصح رعاياها بإرجاء السفر لسوريا وذلك في أعقاب هجوم شنه متشددون على السفارة الأميركية في دمشق في سبتمبر/ أيلول. كما تنصح بريطانيا رعاياها بتوخي الحذر.
لكن أجواء الهدوء والترحيب بالضيوف هي السمة السائدة في سوريا. ففي البازارات القديمة في حلب ودمشق يبادر التجار بدعوة الزوار إلى تناول قدح من الشاي أثناء معاينة بضائعهم.
ويقول آغا القلعة، إن الفنادق الفاخرة القليلة في كبرى المدن السورية تشهد معدلات إشغال عالية ويعتزم مستثمرون معظمهم من دول الخليج إقامة مشروعات بقيمة 3,4 مليار دولار لتلبية الطلب المتوقع من السياح الذين ينمو عددهم بنسبة 15 في المئة سنوياً. وأضاف «من الصعب للغاية العثور على غرفة في دمشق أو حلب أو على الساحل أثناء الموسم. في العامين 2008 و2009 سنتجاوز مشكلة غرف الفنادق».
وبحلول العام 2010 ستضيف المشروعات الحالية التي تستفيد من الإعفاءات الضريبية السخية 30 ألف غرفة إلى العدد المتاح حالياً في سوريا وهو 45 ألف غرفة.
وتظهر أرقام الوزارة، أن 3,1 مليون زائر من بينهم لاجئون عراقيون ولبنانيون فروا من الحرب بين إسرائيل وحزب الله زاروا سوريا في العام 2006 مقارنة مع 1,7 مليون زائر في العام 2000 وهو العام الذي تولى فيه الرئيس بشار الأسد الحكم في سن الرابعة والثلاثين. وقال آغا القلعة، إنه عند توليه سدة الحكم رأى الرئيس الشاب في السياحة ركناً أساسياً للاقتصاد وجسراً إلى التفاهم الدولي ومحركاً للتنمية الإقليمية. وأضاف أن السياحة تمثل الآن 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وينتظر أن تزيد هذه النسبة إلى 9% بحلول العام .2010 وتمثل الطاقة أكبر قطاع في الاقتصاد بنحو 28%.
وبينما ينتظر أن تستورد سوريا أكثر مما تصدر من النفط بداية من العام المقبل، فإن السياحة لا يمكن أن تدر على الفور الحجم نفسه من العائدات بالعملة الصعبة الذي كانت صادرات النفط تدره في 15 عاماً مضت.
وقال الاقتصادي نبيل سكر، إنه ليس هناك أي قطاع
مستعد على الفور لسد الفجوة. وأضاف «الزراعة والصناعات التحويلية والسياحة كلها واعدة لكن كلها تحتاج إعادة هيكلة».
وتابع بقوله «معظم العمل كان في قطاع السياحة الذي يدر عملة صعبة، لكنه سريع التأثر بالسياسة». واستشهد بتأثير الهجوم الذي شنه متشددون إسلاميون في العام 1997 عندما قتلوا 58 سائحاً في معبد بالأقصر هناك على اقتصاد مصر.
وقال القلعة إن عمليات المسح التي تجريها الوزارة تظهر أن 77 في المئة من السياح جاءوا إلى سوريا بتوصية شفاهية من أشخاص آخرين زاروها وليس بفضل أي جهد تسويق منظم.
بيد أن سوريا شرعت الآن في حملة دعاية أكثر منهجية. وزادت موازنة التسويق لدى وزارة السياحة إلى 5,5 مليون دولار هذا العام من 1,5 مليون دولار فقط في العام .2006 وتسعى الوزارة لموازنة حجمها عشرة ملايين دولار في العام .2008
وقال القلعة إن حملات الترويج هذا العام تستهدف الدول الأوروبية الكبرى وروسيا والصين والهند، إضافة إلى دول الخليج العربية والدول الإسلامية مثل تركيا وإيران. والسياحة الجماعية ليست هدف سوريا، وذلك لأسباب منها أن سوريا ليس لديها سوى ساحل صغير على البحر المتوسط تفتقر شواطئه نسبياً للجاذبية.
ويقول القلعة «نريد سياحاً يفهمون سوريا ويرغبون في اكتساب خبرات جديدة وليس السياح الذي يمضون أسبوعين هنا على شاطئ من دون أن يعرفوا أين هم».

مصادر
رويترز (المملكة المتحدة)