اختارت الولايات المتحدة «مبشرها التجاري» روبرت زوليك ليرأس البنك الدولي، خلفاً لبول ولفويتز، الذي أطاحت به فضيحة محاباة وانتهاكات لقواعد هذه المؤسسة الدولية.

ينتمي زوليك، الملقّب بـ«داهية عقد الصفقات»، إلى الشق البراغماتي لحركة المحافظين الجدد، إلا أنه، مقارنة بسلفه ولفويتز ودونالد رامسفيلد، قد يوصف بالمحافظ المعتدل.

ويقول مدير «مركز العلاقات الدولية» توم باري، في تقرير على موقع «كاونتر بانش»، أنه «للوهلة الأولى، قد يظن المرء أن زوليك إيديولوجي، لكونه مبشراً بالتجارة الحرة وأحد المحافظين الجدد. إلا أن مساره السياسي يبيّن أنه ممن يتطلّعون دوماً إلى الأسعار، بهدف تأمين مصالح الشركات الأميركية (الجمهورية)، وصون سيطرة واشنطن وتفوقها على العالم.

ويضيف باري أنه «عندما تؤثر مبادئ تحرير التجارة على المصالح الأميركية القصيرة الأمد أو حتى على مصالح أنصاره السياسيين، يتحول زوليك إلى تاجر أحادي أكثر منه مسوقاً لتحرير التجارة المتعددة الأطراف، ومثال على ذلك، الاستراتيجية التي أطلقها في أيار ,2004 لتوقيع اتفاقيات ثنائية مع دول أميركا الوسطى، بدءاً بكولومبيا والإكوادور وبيرو وبنما».

ويرى باري أن «الخبث الأميركي تجلّى في العام ,2002 بعدما قررت إدارة بوش، بإيعاز من زوليك، رفع الدعم المالي عن الزراعة، ما أثار غضب الدول النامية، التي شاهدت صادراتها وهي تصدّ أمام الأسواق الأميركية، فيما كانت أسواقها بحر تغرق فيها الصادرات الأميركية».

بدأ «بوب» زوليك، كما يسميه المقربون منه، عمله مع مختلف الإدارات الجمهورية في ثمانينيات القرن الماضي، معتمداً في غالبية نشاطاته على استراتيجية بسيطة تتمحور حول طرح التجارة كبديل للدبلوماسية، مستهلاً حياته السياسة كمحامٍ متخرج من جامعة هارفرد، مساعداً خاصاً في وزارة الخزانة خلال الولاية الثانية لرونالد ريغان.

وبعد تعيينه مستشاراً شخصياً لجورج بوش الأب، أصبح زوليك، وهو من ولاية ايلينوي، الشخص الرئيسي المكلف بالسياسة الاقتصادية الأميركية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، وشارك آنذاك في المفاوضات التي جرت من أجل إعادة توحيد ألمانيا، التي يتحدر منها أسلافه.

وكان زوليك، الذي أمل منه وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير «أن يعيد بناء ثقتنا في البنك الدولي»، أحد الذين وقّعوا في العام ,1998 إلى جانب رامسفيلد وريتشارد بيرل ووليام كريستول، رسالة إلى بيل كلينتون تطالبه بـ«إبعاد (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين عن السلطة».

بدأ مشوار زوليك مع جورج بوش الابن، عندما كان هذا الأخير حاكماً لولاية تكساس، ثم أصبح مستشاره للسياسة الخارجية خلال حملته الرئاسية الأولى في العام ,2000 حيث أعدّ تقريراً حول «السياسة الخارجية لإدارة جمهورية»، دعا فيه إلى إنشاء جيش قادر على صون سلطة أميركا العظمى، والتعاطي مع الأنظمة «الشريرة»، وترويض بكين وموسكو.

ويُعتقد أن زوليك كان أول من أدخل مفهوم «الشر» إلى بنيوية خطاب بوش كاتباً، قبل عام واحد من تسلمه رئاسة الولايات المتحدة: «لا يزال هناك شر في شعوب العالم التي تكره أميركا. نحن نواجه أعداء ينكبون على تطوير أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية، والصواريخ. وهؤلاء لن يتجاوبوا معنا، نحن أصحاب الإرادة الطيبة».

في السابع من شباط ,2001 عُين زوليك ممثلاً أميركياً خاصاً للتجارة، المكلف منظمة التجارة العالمية، وظل في هذا المنصب حتى العام .2005 وبعد اعتداءات 11 أيلول، قال زوليك «الآن أصبح عدونا واضحا، وهو يحاول إيذاءنا وإرهابنا وشلّنا. لقد اختار الإرهابيون، عمداً، استهداف منظمة التجارة العالمية، وسيكون ردنا تعزيز التجارة الحرة».

في كانون الثاني ,2005 اختارته وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس نائباً لها. وفي حزيران 2006 استقال من الخارجية الأميركية، ليعود إلى مصرف «غولدمان ساكس»، على رأس مجلس مستشاريه، بعد أن كان سابقاً مستشاراً دولياً فيه.

وكتبت عنه مجلة «بيزنيس ويك» في العام 2003 انه يسعى لطرح نفسه في موقع «قيصر العولمة الاميركي»، فيما وصفته نشرة «ديسيندت فويس» في العام ذاته، أنه العدو الأول لدعاة العولمة البديلة.

مصادر
السفير (لبنان)