كثيراً ما أثارت العمليات الفلسطينية الضخمة، مثل خطف الطائرات والتفجيرات والاغتيالات، تكهنات بالمؤامرة وتوريط الفلسطينيين في عمليات في اطار ما يسمى بـ «حرب الاشباح». وجاءت وثيقة بريطانية رُفعت السرية عنها لتصب في تعزيز هذا الاتجاه بعدما افادت ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (شين بيت) قد يكون نظم مع فصيل فلسطيني عملية خطف الطائرة التابعة لشركة «اير فرانس» الى عنتيبي في اوغندا.

وكانت مجموعة من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» خطفت في 27 حزيران (يونيو) العام 1976 الطائرة الفرنسية، خلال توقفها في اثينا، في رحلة بين تل ابيب وباريس، وتوجهت بها الى بنغازي في ليبيا اولاً، ثم الى عنتيبي وعلى متنها 229 راكباً. وافرجت المجموعة عن الرهائن (وبينهم 83 اسرائيلياً) على ثلاث مراحل، اذ أُفرج عن 47 راكباً في 30 حزيران، ثم عن 101 مطلع تموز (يوليو). وأُمهلت الحكومة الاسرائيلية حتى الثالث من تموز للتجاوب مع مطالب الخاطفين، وبينها الافراج عن سجناء فلسطينيين، إلا أن قوات خاصة اسرائيلية تدخلت في اليوم التالي، وحررت الرهائن وقتلت 31 شخصاً، بينهم الخاطفون السبعة و20 اوغندياً.

واتخذت هذه العملية بعداً جديداً أمس في ضوء معلومات بريطانية قديمة رُفعت السرية عنها (في اطار الافراج عن الوثائق التي مر عليها 30 عاماً في الارشيف الوطني البريطاني حسب القانون). وكشفت هذه المعلومات ان تفاصيل العملية ليست كما تبدو، وان اسرائيل هي التي كانت وراء عملية الخطف. وتستند هذه المعلومات الى رسالة وجهها ديبلوماسي في السفارة البريطانية في باريس الى وزارة الخارجية البريطانية في 30 حزيران (يونيو) عام 1976 تفيد ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلية «شين بيت» والفصيل الفلسطيني عقدا «اتفاقاً ضد الطبيعة» من أجل ارغام فرنسا على تغيير سياستها في الشرق الاوسط.

واستند الديبلوماسي الى اتصال مع الجمعية البرلمانية الأوروبية - العربية ليقول في رسالته: «بحسب معلومات هذا المصدر، فإن عملية الخطف هي من عمل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمساعدة شين بيت»، و «تهدف الى تغيير الموقف الفرنسي المؤيد لمنظمة التحرير الفلسطينية ومنع التقارب المتزايد بين المنظمة والاميركيين». وأوضح: «كان بمثابة كابوس بالنسبة اليهم رؤية عملية سلام اميركية تفرض نفسها في الشرق الاوسط وتصب في مصلحة منظمة التحرير (التي ستحظى بمزيد من الاحترام على الصعيد الدولي وربما بالحق بإقامة دولة على الأراضي التي يتم الانسحاب منها) على حساب جبهة الرفض (التي سيتم استبعادها من أي اتفاق سلام شامل ولن تملك بعدها سبباً للوجود)، بينما ستكون اسرائيل مضطرة لاخلاء الاراضي المحتلة». وأشار الى ان ذلك هو ما استدعى «التحالف ضد الطبيعة»، موضحاً ان «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جندت جميع العناصر العنيفين، وساعد الاسرائيليون في ادخال بعضهم».

ولم تعقب وسائل الاعلام العبرية على هذه الاخبار، واكتفى بعضها بنقل ما جاء في وكالات الانباء، في حين اعتبر مسؤول الخارج في «الجبهة الشعبية» ماهر الطاهر ان المعلومات «مفبركة وعمل استخباراتي»، موضحاً ان «وديع حداد اشرف على عملية الخطف هذه، وكلف 4 أو 5 من ابرز مساعديه لتنفيذها، وبالتالي من غير الممكن ان يكون ضحى بأقرب مساعديه الذين قتلوا بالتواطؤ بين اوغندا واسرائيل التي اقتحمت الطائرة».

يذكر ان وديع حداد يعتبر الرأس المدبر لعمليات خطف الطائرات التي نفذتها «الشعبية» في السبعينات، واستمر في شن هذه العمليات بمفرده بعد ان قررت الجبهة التوقف عن اللجوء الى هذا الاسلوب منتصف السبعينات، وبالتالي كان مسؤولاً عن عملية عنتيبي.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)