سأحاول ان أروي الهزيمة التي لم أعاصرها على شاكلة النقاب الذي يظهر اليوم وكأنه ستار يحاول إخفاء "المستور، ففي الخامس من حزيران تشكلت خارطة ثقافتنا من جديد، ورغم أن السياسة تابعت نحو قمة الخرطوم ولاءاتها الشهيرة، لكن المجتمع شعر بأن مكشوف ويحتاج إلى نقاب.

كان المجتمع يظهر عورته وهو يبحث عن ساتر أو ورقة توت عملاقة بحجم الهزيمة، وربما بمساحة انهيار الثقة مع "الثقافة الراديكالية" باتجاهها اليساري، ففي حقبة الستينات كان التحول الاجتماعي أكثر من حلم، وكان سيد قطب في المقابل يملك التأثير رغم غيابه، لأن "الحاكمية" التي أظهرها فتحت المعركة مع كل "أشكال" الراديكالية، فالخارطة الثقافية كانت تملك الحلم رغم كل أشكال النظم السياسية وتخبطها، وكان حزيران بداية التكسر السريع لهذا الحلم.

البعض يرى أن مسألة انتشار التشدد كانت وليدة "النظم السياسية، لكن هذا التشدد الذي انتج لاحقا "التكفير والهجرة" لا يمكنه أن يبقى أسير الحدث السياسي، فما حدث ربما يكشف أن مسألة "الهوية الثقافية" كانت متأرجحة وربما حسمت في الخامس من حزيران.

النقاب شكلا هو المسألة التي تثير اليوم أسألة داخل ثقافتنا، لكنه موجود في التراث الذي حركنا منذ النهضة، أو منذ استطعنا التجرأ على الأسئلة الحمراء، لكننا مازلنا عاجزين عن إيجاد معرفة جديدة ننهي فيها ساحة المعرفة التراثية، ليصبح النقاب تراثا أو ماضيا، وربما ما حدث في حزيران أوضح اننا بارعون في استخدام "النقاب الفكري" الذي يتيح لنا التلون دون أن ننكشف...

في الخامس من حزيران ظهر التلون على انواعه، وظهرت الرغبة في مغازلة التراث، فانهينا الحداثة بحجة الخصوصية، وتحول الفكر القومي إلى مساحة دينية، وانتهينا اليوم بـ"فكر القاعدة" أو أرضيتها الثقافية التي تظهر فجأة من الأماكن التي أنتجت "الثورات".

لنحاول اليوم نزع النقاب الفكري على الأقل، ولنحاول التحرر من المقدس الأول .. من "الخوف" في معرفة داخلنا او طبيعة تفكيرنا، ربما عندها نبدأ عصر نهضة جديد...