أظهرت المباحثات التي أجراها في دمشق نائب رئيس الحكومة الإيطالية وزير الخارجية ماسيمو داليما تقاربا في المواقف السورية الإيطالية تجاه مختلف الأوضاع في المنطقة.

وكان داليما وصل دمشق مساء أمس، وأجرى اليوم لقاءات مع الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم تناولت "العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها ومستجدات الاوضاع في كل من العراق والاراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء سانا، التي نقلت عن داليما تأكيده "ضرورة اشراك سورية في المساعي المبذولة لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة، وأهمية دور سورية في هذا المجال".

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقده المعلم وداليما في مطار دمشق الدولي قبيل مغادرة الأخير إلى بيروت، جدد الوزير المعلم التأكيد أن "لا علاقة لسورية بتنظيم فتح الاسلام"، كما جدد الموقف السوري القائل بأن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري "شأن لبناني وليست شأناً سورياً".

ومع أن المعلم تمنى لو أن اللبنانيين توصلوا "الى اجماع وطني حول نظام المحكمة"، وهو الموقف المتطابق مع موقف داليما الذي أوضح أن بلاده كانت تفضل أن "تُشَكَلَ المحكمة بموجب قرار من البرلمان اللبناني"، إلا أن المعلم اعتبر إقرار المحكمة في مجلس الأمن "سابقة خطيرة حيث حلَّ مجلس الأمن محل مجلس النواب اللبناني والاجراءات الدستورية اللبنانية"، بينما برر داليما إقرار المحكمة في مجلس الأمن بـ "استحالة التوصل الى مثل هذا القرار في لبنان "، وتمنى أن "تتوصل القوى السياسية اللبنانية الى اتفاق في أسرع وقت ممكن حول الوضع الداخلي, لأنه في بلد مثل لبنان يكون من الصعب أن تعمل القوى السياسية دون اتفاق بين كل الاطياف".

ورفض داليما أن تكون هذه المحكمة بمثابة "تهديد لأحد", قبل أن يُثمِن "تعاون سورية مع التحقيقات التي لم تنتهي حتى الآن "، متمنياً أن "تتعاون كل دول المنطقة والقوى السياسية مع هذه المحكمة ".

وأكد الوزير المعلم أن "عناصر فتح الإسلام ملاحقون في سورية وهناك حوالي 24 منهم موجودين في السجون، ومن جنسيات سورية وتونسية ولبنانية"، واعتبر أن التنظيم هو "أحد فروع تنظيمات القاعدة في منطقتنا مثله مثل تنظيم جند الشام الذي حاول ارتكاب عمليات ارهابية في سورية"، مُذكراً أن "قوات الأمن السورية كانت في مواجهة مع هذا التنظيم عندما حاولت عناصره العبور من العراق الى سورية وقتلت ستة منهم".

وأعرب الوزير المعلم عن اعتقاده أن "من يحاول اتهام سورية بهذا التنظيم يخفي حقيقة من يدعم التنظيم في لبنان ومن رعاه ولماذا رعاه "، مرجعاً " نشاط تنظيم القاعدة في العراق" إلى "الغزو الامريكي" لهذا البلد, مضيفاً "من تنظيم القاعدة جاء هؤلاء عبر الاراضي السورية تحت مسميات مختلفة وانتشروا في سورية وفي لبنان، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ".

ورداً على سؤال يتعلق بتهديد تنظيم فتح الاسلام باستهداف قوات اليونيفيل العاملة في لبنان، لم يخفِ الوزير الإيطالي الشعور بالخوف جراء "وجود عناصر أصولية في لبنان ومنذ البداية وجدنا في مثل هذا الحضور الخطر الأكبر على هذه القوات"، وقال "نحن نسعى الى التعاون التام مع القوى الفلسطينية لعزل هذه العناصر والى التعاون مع الجيش اللبناني وكل مكونات الشعب اللبناني ".

وقال الوزير المعلم إن مواقف سورية وايطاليا ازاء التحديات التي تواجه منطقتنا كانت متقاربة، حيث بحثنا في موضوع العراق وسبل دعم العملية السلمية والمصالحة الوطنية انطلاقاً من أن أمن واستقرار العراق هام لنا، كذلك بحثنا في مسألة الصراع العربي الاسرائيلي وسبل تحقيق سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الاوسط.

وأوضح المعلم أن سورية وإيطاليا عبرتا عن دعمهما لمبادرة السلام العربية ولحكومة الوحدة الفلسطينية وأكدتا ضرورة تحريم الاقتتال بين الفلسطينيين وأهمية التشاور بينهما للوصول الى وقف اطلاق نار في جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة بالاضافة الى التأكيد على أهمية تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني من خلال تقديم الدعم المالي والمعنوي لهم ورفع الحصار عنه.

وفي الشأن اللبناني، شدد الطرفان ـ بحسب الوزير المعلم ـ على ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار وضرورة الحرص على الجيش اللبناني الذي هو رمز الوحدة الوطنية، وكررا رفضهما للإرهاب واعتبرا أن ما يجري من أعمال إرهابية في منطقتنا يهدد أمنها واستقرارها.

بدوره، وصف داليما مباحثاته في دمشق بأنها "بالغة الأهمية "، واعتبر زيارته "فرصة للانطلاق لعلاقات وثيقة من التشاور والتعاون لمواجهة التحديات التي تواجهها هذه المنطقة "، وأكد أهمية الدور السوري لحل مختلف مشاكل المنطقة سواء في لبنان أو في عملية السلام بين العرب وإسرائيل، مشيراً إلى دعم بلاده لـ"طموح سورية بالوصول الى شراكة مع الاتحاد الاوروبي ونحن نؤمن بضرورة ازالة العقبات التي حالت دون اتمام هذا الاتفاق ".

ووصف الوزير الإيطالي حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بأنها "خطوة الى الأمام" وطالب "بوقف إطلاق الصواريخ من الأراضي الفلسطينية"، آملاً "أن تتمكن السلطات الفلسطينية من السيطرة على قطاع غزة, وأن يُتَرجم الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى تحسين ظروف حياة الفلسطينيين ".

ودعا داليما إلى توقيع اتفاقية سلام بين الطرفين "تقوم على الاعتراف بحق اسرائيل بحياة آمنة والاعتراف للفلسطينيين بحقهم في أن تكون لهم دولة "، مؤكداً في الوقت نفسه أن "مسألة السلام بين سورية واسرائيل نقطة جوهرية, تتضمن اعادة الاراضي السورية المحتلة الى سورية واتفاقية سلام حقيقية تضمن أمن اسرائيل".

وعن الوضع اللبناني شدد داليما على "ضرورة تطبيق ما جاء في القرار 1701 والعمل على تجنيب لبنان الارهاب وزعزعة استقراره ".

ورداً على سؤال حول ما اذا كان ينقل رسائل سورية الى لبنان نفى داليما ذلك وقال " هذا خاص بالحكومة السورية، والحكمة التي نرددها كثيراً عدم التدخل أو وضع الاصبع بين الاقارب او الجيران".

مصادر
سورية الغد (دمشق)