جاء الإعلان السوري عن اقتراب فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الإميركي ليتوج سلسلة من الإجراءات الإقتصادية السورية على مدى السنتين المنصرمتين التي تهدف الى احتواء الضغوط الأميركية المتعاظمة على سوريا والتي أربكت العديد من الخطط الإقتصادية في البلاد .

وينظر المتابعون الى تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور اديب ميالة الاسبوع الجاري عن انه خلال وقت قريب سيتم فعليا ربط الليرة السورية بسلة عملات هي وحدات السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي إنما تأتي ترجمة لتوجهات سورية قديمة جاءت نتيجة المعاناة الشديدة من الإجراءات الأميركية ضد القطاع المصرفي السوري.

وفيما يحرص السوريون على القول بشكل مباشر أن الامر يأتي في سياق المواجهة السياسية السورية الأميركية فإن التقلبات في الاسواق المالية العالمية تساعد السوريين على تعزيز هذا التوجه إذ ان تقلقل الدولار وتراجعه أمام اليورو دفع بالعديد من الدولي الى مراجعة سياستها النقدية وفكل ارتباط عملتها الدولار لصالح اليوور او سلة عملات كما فعلت الكويت مؤخرا .

وتأتي خطوة دمشق الجديدة بعد اعلان الحكومة السورية قبل فترة قصيرة عن انها حولت حوالي نصف احتياطياتها من العملات الصعبة من الدولار الى اليورو معتبرة الامر يأتي في سياق الإجراءات الآيلة الى الحفاظ على استقرار وضع الليرة السورية التي عانت ضغوطا جديدة عليها خلال العامين الماضيين الامر الذي ادى في مراحل معينة الى انخافضها بنسبة وصلت الى نحو 5-10 بالمئة امام الدولار ولكن مالبت ان استعادت قوتها بفعل عوامل متعددة لعل اهمها تحقيق الاقتصاد السوري نموا بنسبة تصل الى 5 بالمئة وعمليات الأكتتاب الكثيرة في الشركات المساهمة التي ادخلت الكثير من العملات الاجنبية الى البلاد عن طريق شراء المغتربين السوريين في الخارج للعملة الوطنية من أجل شراء اسهم في الشركات التي ستطرح اسمهما في بورطة دمشق الذي ينتظر ان تفتتح خلال العام المقبل .

وكانت الولايات المتحدة فرضت سلسلة من العقوبات المالية على دمشق ومنعت بنوكها من التعامل مع سوريا كنا فرضت حظرا على المصرف التجاري السوري يذريعة أنه يقوم بعمليات تمويل ارهاب وغسيل أموال وهو امر تبين عدم صحته حيث حصلت سوريا مؤخرا على تصنيف عالي جدا من قبل الهيئة العالمية المتخصصة بمراقبة عمليات غسل الاموال وتمويل الإرهاب .

وفيما تنفي سوريا انخراطها في اية عمليات مالية او نقدية سلبية ضمن جهازها المصرفي فإن هذا القطاع شهد تحولات مذهلة خلال السنوات القليلة الماضية اذ دخل الكثير من البنوك العربية الى السوق المصرفية السورية كما ينتظر ان تدخل بنوك عالمية مثل اتش اس بي سي الى السوق السورية في وقت ليس ببيعد كما تشير مصادر مصرفية وأعلنت مختلف البنوك الخاصة التي دخلت منذ ثلاث سنوات تقريبا السوق السورية بعد تغيييرات قانونية جوهرية في البلاد اعلنت عن ارباح كبيرة حققتها في سوريا فيما بدأت مصارف اسلامية بالعمل في السوق السورية للمرة الاولى وهو مايجعل الخطوة التي اقدمت عليها الحكومة السورية بفك ربط عملتها بالدولار عملية مأمونة الى حد كبير فضلا عن انها ستتيح لها هامش مناورة اكبر في التعاطي مع واشنطن التي ستفقد بالـتأكيد بهذه الخطوة سلاحا هاما كانت تضغط به على دمشق .

مصادر
ايلاف