يرى محللون سياسيون في دمشق أن العلاقة بين إقرار المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وبين أخبار السلام أو إشعال جبهة الجولان، علاقة وثيقة، إذا أضيفت إليها أحداث مخيم نهر البارد وما يتصل بها من قضايا هنا أو هناك.

ويعتقد أن التصعيد الإقليمي ضروري لكي تصبح المحكمة نافذة بشكل عملي، وليست مجرد إطار نظري للضغط السياسي على سوريا أو غيرها من الأطراف اللبنانية. والتلويح بالحرب والسلم مع سوريا ليس مجرد افتراضات للصحف الإسرائيلية، فحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت تمهد الأجواء لخلق مثل هذا التوتر، سواء عبر المناورات العسكرية، أو حتى السياسية مثل استضافة المعارض السوري المقيم في واشنطن فريد الغادري.

ونظر السياسيون السوريون بعين الشك إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تتحدث عن التخلي عن الجولان مقابل شروط معينة، معتبرين أن الشروط الإسرائيلية كافية لإفراغ أي كلام عن استئناف عملية السلام من مضمونه.

ويؤكد المحلل السياسي مازن بلال أن المحكمة من الناحية العملية ترافقت مع عملية «نبش» واضحة لكل الأزمات العالقة في لبنان والمرتبطة بالتواجد الفلسطيني بالدرجة الأولى، وبشكل أكثر تحديدا السلاح الموجود خارج إطار حزب الله أو الدولة اللبنانية. ويضيف أن المحكمة وقبل أن تصبح واقعا قادرا على التحكم بالمنطقة تحتاج إلى إثارة كل التعقيدات الخاصة بالوجود الفلسطيني، لأن هذا الوجود لا علاقة له بالداخل اللبناني فقط، بل أيضا بالساحة الشرق أوسطية عموما.

ويخلص بلال إلى أن المسألة اليوم ليست المحكمة، فإثارة مسألة الحرب والسلام مع سوريا وأحداث نهر البارد، وحتى الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني هي معطيات مترابطة مع قدرة المحكمة على خلق محاسبة كاملة، وليس إيجاد الجناة في قضية محددة.

ويرى المحللون أن ما يحدث في نهر البارد يصب في نفس الإطار إذ لا يوحي التعامل السياسي في المنطقة بأنه يسير بشكل اعتيادي، وتفجير الوضع الأمني في الشمال ليس هدفه زج اسم سوريا فقط، بل رصدها بشكل دقيق إعلاميا وسياسيا، وفتح ملفات بقيت نائمة لها علاقة بالانتقادات الأميركية القديمة ضد دمشق، فأحداث نهر البارد أعادت إلى الساحة مسألة القيادات الفلسطينية الموجودة في سوريا، واسترجعت إعلاميا على الأقل تاريخ المنظمات الفلسطينية في مرحلة الثمانينات مع التركيز على الجانب السوري في هذا الملف.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)