يشعر العالم العربي بالقلق الشديد ازاء ما يجري في لبنان من أعمال قتل وتفجير وزعزعة مبرمجة لحالة الاستقرار الداخلي، وهناك نية لدى الكثيرين في عواصم المنطقة، من أن يتحول لبنان إلى «عراق جديد» ليصبح ساحة مفتوحة أمام الفوضى الإرهابية التي تضرب في كل الاتجاهات، وتؤدي إلى حرب طائفية، ومن ثم إلى التقسيم! فلا يكاد يمر يوم واحد، دون أن تتحدث وسائل الاعلام عن وقوع حادث أو تفجير أمني في لبنان، في الوقت الذي تستمر فيه المواجهات بين الجيش اللبناني وعناصر «فتح الإسلام»، لتضيف إلى المشهد اللبناني عامل ضغط واستنزاف. وبعيداً عن تبادل الاتهامات والمسؤوليات بين الحكومة والمعارضة اللبنانية، وخار ج دائرة الاتهامات السياسية التي توجهها بعض القيادات اللبنانية إلى سوريا، فإن المعطيات السائدة تؤكد انه إذا ما فشل اللبنانيون في التوصل إلى توافق وحل وطني، خاصة بعد أن تم إقرار المحكمة الدولية من قبل مجلس الأمن، فإن هذا سيعني بوضوح ان بعض الأطراف اللبنانية لا تريد أي حل، وهي مصرة على دفع لبنان نحو المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار!

والمفارقة تكمن في أن كل اللبنانيين، يدركون أن هناك من يتربص بهم وبتجربتهم المميزة في التعايش، ولاسيما إسرائيل التي تعتبر لبنان، هو نقيض لها، ورغم ذلك فإن الأطراف اللبنانية تتصرف على أساس أن هذا الخطر غير قائم، وبالتالي يدخل «الوطن الصغير» في لعبة الكبار، ويجبر الشعب اللبناني على دفع الفواتير والاثمان، الأمر الذي يؤكد على فساد الطبقة السياسية الحاكمة، لاسيما عندما ترفض القيادات اللبنانية، تقديم أي تنازلات متبادلة لملاقاة بعضها بعضاً في منتصف الطريق..! فأي حل يمكن ان يُفرض على لبنان، اذا كانت الأطراف الأساسية غير معنية أو موافقة عليه؟ وإلى أي مدى ستكون أوضاع العالم العربي قادرة على تحمل ظهور «عراق جديدة» في المنطقة، والعراق الاساسي يتحول بالتدريج إلى كارثة؟

إن المطلوب من القيادات والزعامات اللبنانية إطلاق مبادرة مشتركة للوصول إلى التوافق الوطني، وإلا فإن زمام الأمور قد يفلت من أيديها، وتصبح الساحة اللبنانية متاحة ومخترقة، مثلما هو الحال في الصومال والعراق.

مصادر
الوطن (قطر)