لم أعد أستمتع بمشوار، أو بمطعم، ولا حتى بجلسة عائلية.. فقد حولتني مهنة المتاعب إلى مجرد قناص لا هدف له إلا اصطياد فكرة من هنا، أو موضوع من هناك.

في المطعم أنظر إلى الناس الذين حولي وأتساءل ما إذا كانوا يصلحون لمادة صحفية من نوع: كيف يفكر الناس وهم في المطعم؟ أو من نوع: لماذا يلعبون طاولة الزهر ولا يلعبون الشطرنج؟ أو ماهو الفرق بين المطاعم الشعبية وبين والمطاعم الفاخرة اجتماعياً؟ وعندما تأتي الفاتورة أبدأ بتفحصها جيداً في محاولة للعثور على خطأ كزيادة في التسعيرة وغيرها..

وهكذا في كل مرة أخرج فيها من محيطي الحيوي (المكتب والكومبيوتر) أجدني أسجل في دفتري الصغير ملاحظات مختلفة، تفيدني في عملي كصحفي.. هذا العمل الذي أدمنته حتى أصبح كل شيء في حياتي مجرد فكرة لموضوع يمكن الكتابة عنه.. المرأة التي أحببت والمرأة التي كرهتني، السمان، جاري الذي يسكن في مواجهتي والذي يسكن فوقي أو تحتي هم أيضاً مادة صحفية..

الزبال، سيارة الزبالة، باص النقل الداخلي، السرفيس، التكسي، الماشي في الشارع، والواقف، السوق، واجهات المحلات وما تحتويه تلك الوجهات.. باختصار تفاصيل الحياة التي أعيش كلها تصلح أن تكون مادة صحفية: بعضها يصلح لزاوية، وبعضها الآخر يصلح لتحقيق، وبعضها الثالث يكون مجرد خبر أو شكوى..

لا لست مخبراً كما قد يظن البعض، أنا مجرد إنسان تحولت الحياة بالنسبة له إلى أفكار وكلمات فقط، ولكن دعوني أخلع نظارتي عندما أذهب إلى السرير فأحلامي وحدها تصلح لموضوع صحفي.. وأنا مغلق العينين!!

مصادر
أبيض وأسود (سورية)