طالبان على حدودنا

قبل أيام، وعلى منتدى شبكة فلسطين للحوار، التابع للمركز الفلسطينى للإعلام، وهو موقع حركة حماس على الإنترنت، دخل عضو فى المنتدى يلقب نفسه باسم "أبوالأجاويد لكى يزف للمشاركين فى المنتدى نبأ فتوى مهمة جدا وقال حرفيا "الله أكبر الله أكبر ظهر الحق« يقول الشيخ محمد سليم العوا رئيس رابطة العالم الإسلامى بوجوب قتال الفئة الظالمة وقال انصر أخاك ظالما أو مظلوما، وأوضح أن الحق فى غزة معروف لمن ومن هى الفئة الباغية إذا جلجلت جلجلت" لا أعرف المعنى المقصود« وجب قتالهم اقتلوا كل فتحاوى نجس باع نفسه رخيصة فى سبيل الشيطان ودحلان
ومن ثم، وبعد دقائق، دخل »أبوالأجاويد« مرة أخرى إلى المنتدى، وقال »يا أبناء القسام أنتم الآن على بينة من أمركم قاتلوا المنافقين كافة فجروهم الحق معكم الله أكبر ولله الحمد هذه فتوى من رئيس رابطة العالم الإسلامى أنتم على الحق قاتلوا عن حق قاتلوا عن عقيدة« وبعده دخل عضو لقب نفسه بوصف »نووى حماس« وقال »حماس لا تحارب إلا من يحاربها لذلك فهى على الحق إن شاء الله.
وفيما هو معروف من ألعاب تلك المنتديات التى تستخدم عادة فى نشر الشائعات، والمعلومات غير الموثقة، وتستخدمها كل تنظيمات التطرف الإسلامى، ومن خلالها ومثلها كان تنظيم القاعدة يعلن فتاواه وأخباره وأخبار عملياته، طالب »أبوالأجاويد« المشاركين بما يلى »أرجو من الجميع العمل على نشر هذه الفتوى للعالم الجليل، محمد سليم العوا، والله لقد أثلجت صدرى وقلبى« ورد عليه »نووى حماس« بقوله »هل يمكن لك أن تأتينا بمصدر موثق وبنص مفصل للفتوى بارك الله فيك«؟ وفيما يشبه العتاب علق »أبوالأجاويد« قائلا »يا أخى الكريم أنا قبل نصف ساعة من الآن سمعت صوت الشيخ محمد سليم العوا فى صوت الأقصى الساعة 03,7 والله لقد سمعت ذلك بنفسى وهو يقول بقتال الفئة الباغية الحق واضح مع من ومن أوصى بقتالهم .
وبعده بلحظات دخل شخص اسمه »محمد البرى« وكتب قائلا نعم وأنا سمعته على صوت الأقصى من خلال البرنامج الذى وضعه الشباب هنا وكنت أقول لمن هذا الصوت والآن تذكرت أنه صوت العوا ولم نكن فى حاجة إلى فتاوى فالأمر واضح وهناك نص صريح فى القرآن يجيز قتال الفئة الباغية فكيف لو كانت تلك الفئة من العملاء الخونة«؟
ولم تكن حماس فى حاجة حقا لأى فتوى، ولكن هذا المعنى أى وجوب قتال »فئة باغية« حتى لو كانت مسلمة كانت تريد تسويقه من الناحية العقيدية حتى لا يقع عليها لوم من المتعاطفين الرومانسيين الذين يظنون أن هذه التنظيمات لا تقتل المسلمين بناء على نص الحديث النبوى المعروف »كلاهما فى النار« أى أن حماس تريد أن تحقق مكسبا قتاليا، وفى نفس الوقت لا يكون المعنى فى ذهن العامة أنها أيضا فى النار مكسب دنيا وآخره.

لا مفر اقتلوهم عموما، انكشف المعنى الذى تريد قوله، والخطوة التالية له، إذ بدءا من يوم الثلاثاء كانت حماس قد بدأت فى أن تصعد وتيرة القتل والمذابح، حتى بلغ عدد القتلى يوم الخميس 27 قتيلا، وجرت مذابح وإعدامات لعناصر فتح حتى أولئك الذين لم يقاتلوا وتم إخضاع ذلك كله لفتوى »الفئة الباغية«
هكذا، وفى يوم الخميس، وزعت حماس على موقعها تحليلا إخباريا يقول بهذه المعانى، مازجا الدينى بالسياسى والقتالى، قالت فيه »فى ظل التطورات لم تجد حركة حماس سوى أن تقرر التصدى لتلك الميليشيات التى مازالت تحاول التدثر بعباءة حركة فتح رغم أجندة تلك العصابات غير الوطنية والموصومة بالتبعية لجدول الأعمال الأمريكى فى الساحة الفلسطينية وهكذا مضى البيان فى توضيح ما تفعله حماس فهى: 1 تقاتل »فئة باغية« »يتبعون أمريكا والصهاينة« 2 لا تقاتل فتح وإنما فصيل استغل تاريخها النضالى 3 تعرض على كل من هو عضو فى الأمن الوقائى الانضمام إليها وترك الفئة الباغية 4 هى حين تقتل إخوة فلسطينيين مسلمين لن تكون فى النار لأنهم فئة باغية وجب قتالها
وقد انتبه محمود عباس الرئيس الفلسطينى إلى الفتوى التى تروج بين الكوادر، ومن ثم دار حوار بينه وبين مهدى عاكف مرشد الإخوان فى مصر، ليس معروفا من الذى بادر إليه، إذ تقول مواقع الإخوان فى مصر أن عباس هو الذى اتصل، وتقول معلومات لـ »روزاليوسف« إن عاكف هو الذى اتصل وتقول وكالة وفا للأنباء إنه »جرى اتصال« وقد دار مضمون الاتصال حول الفتوى وكما قالت »وفا« أعرب عاكف عن قلقه من هذه الأحداث واعدا بالتدخل وبذل كل ما بوسعه لدى قيادة حماس لوأد هذه الفتنة ووقف الصراع الدامى الذى لا يليق بالشعب الفلسطينى ونضاله ولفت عاكف إلى أنه أجرى اتصالا بالمفكر الإسلامى محمد سليم العوا بخصوص ما نسب إليه من فتوى تبيح الاقتتال، وتحلل دماء فريق من أبناء الشعب الفلسطينى، حيث أنكر المفكر العوا بدوره أن يكون قد أصدر مثل هذه الفتوى، وأنه سوف يصدر بيانا توضيحيا حول ما نسب إليه فى هذا الخصوص«
الإخوان وحماس والواقع أن »العوا«، وهو ليس شيخا، ولا أحسبه مفكرا، وإنما محام صاحب اجتهادات، ينتمى عمليا لتيار الإخوان، وإن كان أحد أبطال لعبة »حزب الوسط« الذى قيل إنه تعبير ديمقراطى عن التيار الإخوانى، لم يصدر البيان الذى ينفى فيه الفتوى أو أى تعليق وفى المقابل فإن حماس لم تنتظر أحدا ولم يصدر عاكف أو الجماعة المحظورة بيانا يعلق على ما تقوم به حماس فى غزة بل على العكس كانت المعانى المتداولة من قبل الإخوان تسير فى اتجاه حماس، ومنها على سبيل المثال ما يلى
1 كتب عاكف نفسه أكثر من مرة فى رسائله الأسبوعية مناصرا لحركة حماس بوضوح ومتهما التيارات الفلسطينية الأخرى بنفس الاتهامات 2 جمعت حركة الإخوان أموالا وتبرعات كثيرة بدعوى دعم الشعب الفلسطينى المحاصر ذهبت إلى حماس 3 نشر موقع الإخوان فى مصر، مساء يوم الخميس، وبعد ساعة من إقالة عباس لحكومة حماس، تحقيقا يدين قرار عباس ويردد كلام حماس ونشر التحقيق على أنه آراء آخرين 4 مارس نواب الإخوان فى مجلس الشعب ضغوطا على الدولة المصرية، بقصد ابتزازها، والادعاء بأن مصر تنحاز لفتح، أى الفئة الباغية، وهو ما وجدت الخارجية أنه ينبغى الرد عليه بالنفى وتثبت قراءة ما نشره موقع »برلمان دوت كوم« الناطق باسم نواب الإخوان فيما بعد أيضا هذا المعنى، وأن الإخوان أيضا يؤمنون بما يسمى الفئة الباغية وإن أسموها »الانقلابيون« وفى ذلك أنشر النص الواضح حول هذا وهو:
طالب د حازم فاروق عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب الحكومة المصرية بالتوقف الفورى عن دعم انقلابيى فتح الـذين يثيرون الآن فتنة كبرى فى فلسطين
وطالب فاروق فى تصريح لـ »برلمان دوت كوم« الحكومة المصرية بدعم الشرعية، ووقف أى دعم للنظام الانقلابى الذى يقوده »دحلان« فى فلسطين، متهما كل من لا يتدخل الآن لوقف الاقتتال الدائر والفتنة المشتعلة فى فلسطين بالمساعدة فى تأجيج نار الفتنة
وقال إن أية حكومة عربية تساند انقلابيى فتح وجيشهم العميل بقيادة دحلان تنضم على الفور إلى المعسكر الصهيو أمريكى الذى أشاع الفساد فى العراق وأفغانستان ولبنان ودارفور وقال فاروق للأسف الشديد أصبحت أجهزة إعلامنا وحكومتنا ومسئولونا ليسوا إلا أبواقا وألسنة للنظام الصهيو أمريكى، ويسيرون خلفه فى الانقلاب على الشرعية وخيار الشعب الفلسطينى الديمقراطى وقال إن الشعب اختار حماس بكل استقلالية، ومنذ هذه اللحظة يرفض كل أعداء الإسلام أن تقوم للإسلاميين قائمة مستشهدا بعداء الغرب التاريخى للإسلاميين، والذى ظهر بوضوح فى الانقلاب على جبهة الإنقاذ فى الجزائر، والانقلاب على أربكان فى تركيا من أجل تحقيق الهيمنة الصهيونية الأمريكية فى المنطقة وانتقد النائب ترديد الحكومة المصرية دوما لما يردده الانقلابيون فى غزة وكلنا يعلم كيف تحصل هذه الفئة الانقلابية على الأسلحة ومن الذى يزودها بها
تكفير إخوانى ومعنى ما يقوله النائب الإخوانى أنه وضع الحكومة المصرية والصحافة وغيرهما فى المعسكر الصهيونى، ذلك أن دعاية الإخوان وحماس تقوم على أن مصر تدعم فتح
والواقع أن هذا يعطى فكرة واضحة عن نوع الحظر الذى نواجهه فى مصر، من جراء ما يحدث فى فلسطين، بخلاف الأبعاد الاستراتيجية الأخرى، التى سوف نتطرق إليها، فى ضوء حالة الامتزاج والترابط بين حماس والإخوان غير أنى أريد أن أتوقف قليلا أمام مسألة اتهام حماس لحركة فتح أو فئة منها بأنها تنتمى للمعسكر الصهيونى ذلك أن حركة حماس نفسها، وكما تؤكد كل الوقائع التاريخية هى صنيعة إسرائيلية وتثبت الأمور الآن أنها إنما تخدم المصالح الإسرائيلية بشكل مباشر فى الثمانينيات، وحين كانت منظمة التحرير الفلسطينية م ت ف أوبى إل أو فى حالة تماسك قوى، وتحظى باعتراف وإجماع عربى ودولى على أنها الممثل الشرعى الوحيد لحقوق الشعب الفلسطينى اختارت إسرائيل سيناريو فت عضد منظمة التحرير من خلال خلق كيان موازٍ فى الأرض المحتلة ينازع المنظمة فى وجودها وصدقيتها ويخلق نزاعا فلسطينيا بمضى الوقت لقد تولى اسحق رابين وزير الدفاع حينئذ هذا الملف، باعتبار أن الأراضى المحتلة هى فى نطاق اختصاص وزير الدفاع، ووجدت إسرائيل فى التيار الإخوانى الذى يمثله الشيح أحمد ياسين ضالتها ودعمته وأتاحت سلطات الاحتلال للتيار الذى يقول الأرض بعد العقيدة فرصة أن ينتشر فى مقابل فرض قيود وحصار على الآخرين لاسيما حركة فتح وهناك روايات عديدة بشأن دعم مالى، وتسهيلات، تم تقديمها للإخوان فى فلسطين، وإتاحة استغلاله لمنشآت، وأوقاف إسلامية، وبما فى ذلك وما شابه، لكن الدعم الأهم الذى قدمه رابين للحركة كان متمثلا فى عمليات الاعتقال غير المبررة إلى أن قدم عددا من كوادر الإخوان باعتبارهم مناضلين وهى لعبة معروفة بلغت أوجها بعد عملية عسكرية قادتها الحركة أدت إلى دراما دعائية ضخمة حين قررت إسرائيل فى وقت مبكر إبعاد عدد من كوادر الحركة إلى مرج الزهور وكان بينهم عبد العزيز الرنتيسى ومحمود الزهار وساهمت الدعاية الكبرى فى أن تدعم وجود هؤلاء وما يمثلون فيما بعد، وحين تصاعدت الانتفاضة، تحول الدعم الإسرائيلى إلى دعم لوجيستى، وصولا إلى تقديم السلاح، أو تسريبه، ومن خلال السجون وتفاعلاتها، تمكن الاحتلال من خلق انشقاق داخل حركة حماس بانفصال تنظيم الجهاد الذى قرر أن العدو الأول هو إسرائيل وراح يبدأ عملياته ونافسته حماس من خلال العمليات الانتحارية وصولا إلى كسب تعاطف الشارع فيما منظمة التحرير الفلسطينية تحاول أن تصل إلى حل من خلال التفاوض ولا ينسى الجميع أنه كلما كان الضغط الدولى يصل إلى نقطة الذروة المثمرة على إسرائيل كانت حماس تقوم بعملية انتحارية فى اتجاه إسرائيل فيتعثر السلام وبنشوء السلطة الفلسطينية من اتفاق أوسلو، ودخول عرفات إلى غزة، رئيسا لها، ورغبة من إسرائيل فى عدم اكتمال العملية فإن إسرائيل راحت تطعن فى سلطة عرفات ومكانته وتأثيره وصولا إلى حصاره وبمضى الوقت تم إضعاف أبو عمار وابتدع منصب رئيس الوزراء، ومورست ضغوط من أجل إتاحة صلاحيات أكبر له على حساب الرئيس تطبيقا لمقولة أن عرفات متطرف وأن أحمد قريع أكثر اعتدالا ويمكن التفاوض معه وينبغى عدم تركيز السلطة فى يد الرئيس وهكذا صار لمنصب رئيس الوزراء قيمة وذهب عرفات وترك أحمد قريع منصبه ومورست ضغوط على أبو مازن من جانب الولايات المتحدة، أدت إلى التبكير بموعد الانتخابات، وما كان من هذا إلا أن أدى إلى جانب أسباب أخرى لفوز حركة حماس بالأغلبية البرلمانية ونشأ الصراع الداخلى ما بين حركة فتح وحركة حماس رسميا كل منهما يقول أنه الشرعى وهذا يستند إلى سلطات الرئيس وذاك إلى سلطات الحكومة وصندوق الاقتراع واقعيا، انقلب السحر على الساحر، وبدا جليا أن إسرائيل أمام تحد مختلف، وأن صنيعتها »حماس« إنما تقف ضدها، وأن أى تفاوض مع تنظيم لا يعترف بوجود إسرائيل لن يكون مجديا، لكن إسرائيل قررت الاستفادة من لعبة مكشوفة من هذا الواقع بمزيد من الضغط على التنظيم المتطرف لكى يزداد تطرفا وبالتالى تتأكد نظرية أنه لا يوجد شريك فلسطينى لإتمام السلام هكذا، وبعد إخلاء الملعب، ملعب غزة، وخروج الاحتلال، حيث ترك القطاع للفراغ الذى لا تقوى على السيطرة عليه سلطة هشة، وفيما الصراع يحتدم على الأرض بين نفوذ هذا ونفوذ ذاك أقنعت إسرائيل المجتمع الدولى بأنه لابد من إجبار حماس على الاعتراف بإسرائيل وأن تقول ذلك صراحة وإلا فإن الحصار هو الأساس ومشت اللجنة الرباعية الدولية وراء هذا المعنى وراحت إسرائيل علنا تسعى إلى اعتراف لا قيمة له فى أرض الواقع وهو ما منح حماس مبررا لكى تفسر للناس فى فلسطين الفشل الذى حــققته على مــستوى الأداء الحكومى وتلبية احتياجات الناس وهكذا أيضا فشلت كل محاولات إقناع حماس بأن عليها أن تنصاع للمقررات الدولية وانتشرت اتهامات التخوين والعمالة واشتعل الصراع الذى كان متوقعا وحدث الاقتتال الداخلى الذى أسفر حتى الآن عن فوز حماس وتحقيقها لانتصار عسكرى واضح فى غزة
حدودنا الأهم إن الواقع الجديد ينبغى أن يقرأ فى ضوء الملاحظات الاستراتيجية والتفصيلية الآتية 1 عمليا، وواقعيا، نحن الآن أمام دولتين فلسطينيتين، إحداهما تخضع لسيطرة حماس فى غزة، والثانية تخضع لسيطرة فتح فى الضفة الغربية، ويعنى ذلك انتصارا حقيقيا لإسرائيل، سعت إليه منذ سنوات وساهمت فيه، وأدى إلى حدوث انقسام تجاوز الأيديولوجيا ووصل إلى حد انقسام الجغرافيا وهو ما يمثل خطرا استراتيجيا للقضية الفلسطينية وسقوط أى أمل فى السلام وصارت كل الجهود فى مهب الريح، وهو ما يمثل على المدى القريب والبعيد تحديا للمصالح المصرية وبالتالى لم يعد خيار حوار الفصائل واقعيا، ولم يعد من الممكن السعى إلى تهدئة تؤدى إلى مناخ يعيد الجميع إلى مائدة التفاوض وبالفعل دخل الجميع فى متاهة من هو الشرعى ومن هو غير الشرعى بعد أن أقال أبومازن حكومة هنية ورفض هنية الإقالة 2 يبدو جليا، وواضحا جدا، أن كثيرين فى فتح كانوا يتوقعون أن يحدث هذا الانتصار العسكرى لحركة حماس، وأعود فى ذلك إلى ما كان قد قاله لى محمد دحلان فى حوار سابق مع جريدة »روزاليوسف« قبل أيام حين أشار إلى »إذا أرادت حماس غزة فلتأخذها وكفى دماء فلتذهب وتقيم إمبراطورية فى غزة ولكن لا داعى للقتل« 3 من المؤكد أن هذا الوضع ساهمت فيه تدخلات قوى إقليمية متنوعة، كل منها حاول أن يقوم بدور فى الملف، من أجل تحقيق مصلحة من نوع ما، بدءا من دعم سوريا الواضح لحركة حماس، وفصائل فلسطينية أخرى ضد فتح، ودخول السعودية على الخط من خلال اتفاق مكة، والفلوس الإيرانية التى تم دفعها بالملايين لحماس، وحتى بعد أن أوقفت مصر عبور تلك الأموال من خلال منفذ رفح تطبيقا للقواعد الدولية، فإن هذه الأموال كان يتم إسقاطها من مراكب فى عرض البحر فى براميل مغلقة ترسو أمام بيوت ومقار بعض القيادات الفلسطينية حيث يتم استلامها كما يتم استلام المخدرات لاشك أيضا أن سلطات الاحتلال القادرة على أن تفعل الكثير ساهمت فى خلق المناخ المعاون على حدوث الانشقاق الجغرافى، وتقول مصادر فلسطينية أن اتفاق هدنة غير معلن تم التوصل إليه بين إسرائيل وحماس بمؤداه أوقفت إسرائيل الهجوم على غزة لمدة أسبوعين حتى تتمكن حماس من السيطرة على الأرض وأن هذا الاتفاق تم بوساطة قطرية وبعيدا عن ذلك، وبغض النظر عن كل الادعاءات الدعائية التى قالت إن حركة فتح لقيت دعما على مستوى السلاح من جانب الولايات المتحدة أو غيرها، فإن كل المؤشرات على الأرض تشير إلى أن السلاح الذى توافر لحماس كان مصدره إسرائيل وفى الآونة الأخيرة تزايد الإبلاغ عن فقدان الجنود الإسرائيليين لبنادقهم، وهى تباع فى الأسواق بـ 0002 دولار، وينبغى الانتباه إلى أن سعر الطلقة عيار 9 ملم قد بلغ 5,2 دولار، فى فلسطين، مما يعنى أن حماس توفر لها التمويل والقدرة على الوصول للسلاح
4 على حدودنا الآن دولة طالبانية بكل معنى الكلمة، لن أقارن بين مشهد تعرية الأسرى فى مقار الأمن الوقائى يوم الخميس الماضى على يد عناصر حماس، وبين مشهد تعرية الأسرى فى سجن أريحا لحظة احتماء إسرائيل به من قبل لكى أقول أن الفعلين متشابهان ولن أشير إلى أن مقاتلى حماس صلوا بعد أن قتلوا 27 فلسطينيا ولكننى سوف أرصد ما يلى * بعد مجزرة تل الهوا قال متحدث باسم حركة حماس لقد بدأ عصر جديد وسوف نحكم بالعدل والشريعة الإسلامية
*الاستخدام المريع لفتوى »الفئة الباغية« التى أطلقها موقع حماس على لسان العوا، ولم يقم بنفيها رفع علم حماس، بدلا من علم فلسطين وفى علم حماس بنادق كما أن فى علم الإخوان سيفين ولعل الجميع يلاحظ حكاية الإعلام هذه فى لعبة تنظيمات التطرف وقبل أيام نشرت »روزاليوسف« ما يؤكد جريمة استبدال الإخوان لعلم مصر
*قامت حركة حماس بالتعدى على مقاهٍ للإنترنت، وأطلقت نيرانا على احتفال مدرسى قالت إنه علمانى، وأجبرت بعض السيدات على ارتداء النقاب
• يذكر الجميع ما جرى قبل أيام، وللدقة أسابيع، حين حرمت حماس تداول كتاب »قول يا طير« الذى يتضمن تراثا فلسطينيا شعبيا، ونصوصا مأثورة، فى المدارس الفلسطينية، لأنه يتضمن ما رأت أنه كفر بواح والأمثلة كثيرة جدا
• 5- إن ما يجرى هو على حدودنا، وليس بعيدا عنا، والتفاعلات التالية سوف تكون شديدة الخطورة، ومن ثم فإنه لا ينبغى السماح بأمرين، كلاهما يجب الانتباه إليه
• الموقف على الحدود، حيث يجب على حماس أن تنتبه إلى كل التصرفات التى تقوم بها عناصرها أى سلوك إثارى من أى نوع تقوم به جماعة الإخوان داخل مصر ويمكن أن يصب فى اتجاه التأليب، أو ترويج المعانى المغلوطة، أو إشاعة المعانى التى تضر الأمن القومى 6 أما وقد كانت حماس تتعامل وهى فى الحكومة على أنها لم تزل فى المعارضة، وها هى الآن تسيطر على كل شىء فى غزة فلتظهر للناس الآن كيف ستلبى احتياجات الشعب، وكيف ستسد جوعه، وكيف سوف تحرر الأرض لقد كانت تتحجج بالحصار لكنها تحت هذا الحصار تمكنت من إعلان دولة وقتل الفلسطينيين فلترى الناس النتائج
7 عاد الوفد الأمنى المصرى من غزة مساء يوم الجمعة، ووصل إلى رفح المصرية عند الثانية ظهرا، والهدف هو تقييم الموقف وإعادة المراجعة، واحتمال عودته قائم.

* رئيس تحرير روزاليوسف

مصادر
ايلاف