هل يوجد تعريف محدد ودائم للهوية ؟ لا استطيع ان اجزم بدقة، فهي مرتبطة ودوما بمجموعة عوامل متغيرة تعيد تشكيل الهوية بناء على المعارف المستجدة مجتمعيا وبناء على المصالح المتغيرة فرديا .. ولكن الهوية يمكنها ان تعرف ذاتها بأنها مجموعة المواصفات الخاصة التي تميز الاشياء والاشخاص والمجتمعات عن بعضها على الرغم من تشابهها الاساسي واذا اضفنا في لحظة ما ، فأن عامل الزمن يدخل بقوة لنجده يشكل نفسه كعامل من عوامل الهوية .

فهل الهوية فعل استباق تاريخي؟
لا شك ان للزمن التاريخي تأثيره في الهوية ففي وعائه تم اعتماد اللغة والعادات والتقاليد وربما المكتشفات، ولكن الزمن كبنية هو نفسه في الماضي والحاضر والمستقبل أي انه يحمل نفس امكانيات مساهمته في انشاء اما هوية جديدة أو متجددة وللأنسان الخيار في ذلك ، اما نعطي التاريخ الحق الكلي في اعطاء الهوية للأحفاد شاغلي الزمن فهو معاكسة لفهم الزمن من جهة ومصادرة لحق الناس في صنع تاريخهم وهوياتهم معه.

ربما كان هذا الكلام يساعد على ادغام فكرة الهوية وعدم ايضاحها.. ولكن مالفرق بين الادغام والايضاح في هذه الحالة؟
فاذا كنا (كذا) في الماضي وعلينا ان نكون (كذا) في الحاضر والمستقبل فلماذا سؤال الهوية اصلا؟!
ربما لأن الهوية وسؤالها يحضران بعد ان يضع التاريخ اوزاره ويسند ظهره ليستريح علينا ،مادحا ايانا اننا نحن اولاده الاوفياء المتربين أحسن تربية ولا يمكن ان نرى هوية لنا غيره ، ولكن الحقيقة الوحيدة ان التاريخ وضع اوزاره وغادرنا وعلينا ان نعامله كفلكلور حتى عندما نبحث ونكتشف حقائقه، لأن الفلكلور في حقيقته مادة للبهجة بالاضافة الى انه شيىء من ملامح الهوية عند ردها الى منبعها التاريخي، اما الاستزادة من الاستعادة التاريخية فأنها تنقلنا الى الحيرة بين هويات متناقضة قد يوفرها تاريخ لا يستطيع معالجة نتائجها (نتائج الحيرة) والاهم: هو ان هذه الهويات احتمالية على الرغم من تأكيد التاريخ لنا انها يقينية...فهل هناك حقيقة واحدة نهائية في أي تاريخ؟

الهوية ليست نتاج التاريخ لوحده على الرغم من انه يساهم فيها بنسب بسيطة ، لأن الهوية بنت الحاضر وعوامله وما نريده لأنفسنا بالمستقبل قبل ان نصبح تاريخا.......