قالت صحيفة " معاريف " الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم أن بعض الدول العربية ارسلت مبعوثنين الى تل ابيب للتشاور مع الحكومة الاسرائيلية حول كيفية مواجهة المستجدات في الاراضي الفلسطينية بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة. وقال بن كاسبيت كبير المراسلين السياسيين في الصحيفة الذي اورد النبأ في عدد الصحيفة الصادر امس الاثنين أن احداث غزة مهدت الطريق أمام ارساء علاقات استراتيجية بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية المتعدلة، مشيراً الى أن هذا العلاقات تجد تعبيرها في تزايد الاتصالات التي يجريها قادة الدول العربية سراً مع قادة إسرائيل منذ سيطرة حماس على القطاع. واشار كاسبيت الى أنه من خلال المداولات التي تجري سراً يتبين أن هناك شعور لدى بعض الدول العربية أنها " موجودة في نفس المركب الذي تتواجد فيه إسرائيل " بعد سيطرة حماس على قطاع غزة مؤخراً. من ناحيتها كشفت "جيروزالم بوست" الإسرائيلية التي تصدر باللغة الإنجليزية إن قادة من حركة فتح ناشدوا مؤخراً الحكومة الإسرائيلية وقف إجراءاتها الأمنية ضد كوادرها من المسلحين في الضفة الغربية حتى يتسنى لهم مواصلة الضغط على نشطاء وقادة حركة حماس في الضفة الغربية. وأشارت الصحيفة الى أن المناشدة " الفتحاوية " تم نقلها للحكومة الإسرائيلية عبر مسؤولين امريكيين وأوروبيين، التقوا بعدد من قيادات فتح في الأسابيع القليلة الماضية. وعلى الرغم من أن الصحيفة لم تشر الى ما اذا كانت الحكومة الإسرائيلية قد ردت بالإيجاب على الطلب الفتحاوي أم لا، إلا أنها نوهت في ذات الوقت إلى أن نشطاء حركة فتح المسلحين باتوا يطاردون نشطاء حماس في المناطق التي تسيطر عليها اسرائيل بشكل مباشر في الضفة الغربية والتي يطلق عليها مناطق " ب " و " ج ". ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في حركة فتح قوله "على إسرائيل أن تساعدنا في التخلص من حماس في الضفة الغربية".

اسرائيل: التركيز على دعم عباس

من ناحيتها قالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي أن هدف اسرايئل في المرحلة الحالية يتمثل في دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعزل حركة حماس، مشددة على ضرورة عدم اضفاء أي شرعية على الواقع الجديد في قطاع غزة بعد سيطرة حماس عليه. وفي تصريحات للإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية صباح اليوم الاثنين، حذرت ليفني من خطورة نجاح حماس في مشروعها على اعتبار أنها حركة تستند الى ايدلوجية دينية متطرفة، وترفض وجود اسرائيل ارتكازاً على قناعات دينية. واعتبرت ليفني أنه بعد سيطرة حماس على قطاع اصبحت محاربتها " اكثر سهولة "، مشيرة الى أن المجتمع الدولي اصبح اكثر قناعة بالعمل على عزل الحركة ودعم ابو مازن. و اضافت ليفني " نريد التوصل الى اتفاق مع عباس والفلسطينيين المعتدلين ولا بد من المرور بمراحل مختلفة لضمان ان الدولة الفلسطينية المستقبلية لن تصبح دولة ارهابية ". واشار الى أن اسرائيل تجري عملية استخلاص للعبر والدروس مما حدث في غزة، قائلة " سنظل متيقظين واصابعنا على الزناد وسنواصل معركتنا ضد الارهابيين "

من ناحيتها نقلت صحيفة " هارتس " في عددها الصادر اليوم الاثنين عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الذي يزور حالياً الولايات المتحدة قوله أن ابو مازن " ملزم بمواصلة تعزيز قوته وقدراته في الضفة حتى يمنع نشوء وضع مشابه لما حصل في غزة". واضاف اولمرت ان عباس " ملزم بالقيام بخطوات حازمة في مواجهة حماس، مشيراً الى أن اسرائيل ستتعاون مع أي حكومة فلسطينية تستجيب لشروط الرباعية (الاعتراف باسرائيل، التنصل من الارهاب واحترام الاتفاقيات السابقة) وتوافق على السير بعيدا في خطوات تتجاوب معها وسنفكر بتحويل اموال الضرائب الفلسطينية ، والتي يبلغ حجمها562 مليون دولار مجمدة في اسرائيل.

جدل إسرائيلي حول جدوى دعم أبو مازن

من ناحية ثانية تفجر الجدل في إسرائيل حول الجدوى من تقديم الدعم للرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح في مواجهة حركة حماس، بعد أن استطاعت هذه الحركة احكام سيطرتها على قطاع غزة، وذلك على خلفية التسريبات التي أكدت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت بصدد اتخاذ قرار بالإفراج عن عوائد الضرائب الفلسطينية المتحتجزة لدى إسرائيل وتحويلها لابو مازن. فمن ناحيتها ايدت صحيفة " هارتس " في إفتتاحية عددها الصادر اليوم الخطوة التي سيقدم عليها أولمرت، معتبرة أنه من الحيوي تقديم الدعم لأبو مازن، على إعتبار أنه القيادي الفلسطيني الوحيد، الذي بإمكان إسرائيل التوصل معه الى اتفاقات وتسويات. واضافت الصحيفة أن حكومة اولمرت " ملزمة بتصميم سياسية ذات مصداقية، تؤدي الى تعزيز حقيقي لعباس وتجسد للجمهور الفلسطيني بان الاعتدال مجدي و أن هناك بديل لحكم حماس وتفتت السلطة ". وشددت الصحيفة على أنه يتوجب عدم الاكتفاء بتقديم المساعدات الإقتصادية، بل يجب ابداء افق سياسي حقيقي، يتضمن تجميد الاستيطان، وحل المواقع الاستيطانية العشوائية. ونوهت الصحيفة الى ان اسرائيل ارتكبت خطأً كبيراً في اعقاب فوز حركة حماس، معتبرة أن هذه السياسة ادت الى تعزيز قوة حركة حماس. من ناحيته حذر الكاتب الاسرائيلي تسفي بارئيل من أنه في حال عدم شروع اسرائيل في مفاوضات مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، فأن " ظاهرة غزة ستنتقل الى الضفة الغربية، حيث ستظهر دولة جنين ودولة طولكرم ودولة نابلس........".
وانتقد بارئيل بعض الاصوات الاسرائيلية التي اعتبرت أن ما حدث في غزة يمثل مصلحة اسرائيلية، منوهاً الى أن هذا الواقع سينقلب ضد اسرائيل على شكل استئناف عمليات في قلب اسرائيل وضد اهدافها في الضفة الغربية. وفي المقابل قال زعيم حزب الليكود اليميني المعارض أنه من العبث الاستثمار في ابو مازن على اعتبار انه زعيم ضعيف. واعتبر نتنياهو انه يتوجب التنسيق مع كل من الادارة الامريكية ومصر والاردن لمحاصرة الخطر المتمثل في سيطرة حماس على قطاع غزة. وشن سيفير بلوتسكر كبير معلقي صحيفة " يديعوت احرنوت " هجوماً عنيفاً على القيادات الاسرائيلية التي تطالب بتقديم الدعم لابو مازن، متهماً اياها بالعيش في " الوهم الذاتي ". واضاف بلوتسكر أن اسرائيل ترتكب خطأً كبيراً عن دما تراهن على تقديمها الدعم لفتح في الضفة على اعتبار ذلك مصلحة لها، معتبراً أن حركة " فتح " حركة متعفنة، ولا أمل في دعمها، واصفاً ابو مازن بزعيم " من ورق ". من ناحيته قال المستشرق الدكتور جاي باخور أنه من مفارقات التاريخ أن يكون الاحتلال الاسرائيلي هو الضمانة الوحيدة لبقاء حركة فتح في الضفة الغربية. وفي مقال نشرته صحيفة " يديعوت " اليوم الأحد، قال باخور " مجرد وجودنا في الضفة يبقي على قيد الحياة الحركة الوطنية الفلسطينية. فاذا خرجنا، لانتهت نهاية تامة "القضية الفلسطينية" والتيار الاسلامي كان سيجرف الضفة ايضا. هذه هي الحالة الوحيدة في التاريخ البشري التي يبقي فيه الطرف "أ" على قيد الحياة الطرف "ب"، الذي يقاتله ".