بعد مفاوضات ماراتونية مكثفة مع المسؤولين البولنديين ارست الدول السبع والعشرون امس ‏اسس اتفاق حول معاهدة اوروبية ستحل مكان الدستور املا في احياء اوروبا وطي صفحة ازمة ‏مؤسساتية مستمرة منذ سنتين.‏
وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي جعلت من التوصل الى اتفاق خلال هذه القمة ‏الاولوية المطلقة للرئاسة الالمانية للاتحاد الاوروبي ان الاتفاق «لم يكن سهلا واستغرق وقتا ‏طويلا».‏
واضافت في تصريحات للصحافيين «بطبيعة الحال قد تكون ثمة انتقادات لكن الاهم بالنسبة لي ‏ولنا هو الخروج من الشلل» الذي تسبب فيه رفض الفرنسيين والهولنديين للدستور الاوروبي في ‏استفتاء العام 2005 .‏
والاتفاق الذي كان غير مضمون حتى اللحظة الاخيرة ينص على توجيه الرئاسة ‏
البرتغالية الجديدة للاتحاد دعوة لعقد مؤتمر حكومي قبل نهاية تموز لوضع اللمسات الاخيرة على ‏صياغة معاهدة جديدة نهاية 2007 «على ابعد تقدير». وعلى الدول الاعضاء ان تصادق على ‏المعاهدة لتدخل حيز التنفيذ كما هو مقرر في منتصف العام 2009 .‏
وتبقي المعاهدة على ما استحدثه الدستور من اجراءات لتسهيل اتخاذ القرارات في الاتحاد ‏الاوروبي مثل اعتماد القرارات بالغالبية الموصوفة (المطلوبة) وليس بالاجماع وتعزيز ‏صلاحيات الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية وهو منصب يشغله حاليا خافيير سولانا ‏من دون ان يمنح لقب «وزير».‏
لكن المعاهدة الجديدة تخلت عن كل ما يمكن ان يمنح الاتحاد الاوروبي مميزات دولة مثل الرموز ‏او حتى عبارة دستور.‏
ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي عاون ميركل في جهودها للتوصل الى اتفاق واكد ‏انه اضطلع بدور المحرك في المداولات مع المسؤولين البولنديين، الاتفاق بانه «نبأ سار لاوروبا ‏ونبأ سار جدا لفرنسا».‏
واضاف «اقتربنا كثيرا من القطيعة، لكن فرنسا لم تستسلم ابدا. ليس هناك من غالب وليس ‏هناك من مغلوب واوروبا تتقدم مجددا».‏
وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من جهته «المهم ان هذا سيسمح لنا بالتقدم باتجاه ‏امور هي في نهاية المطاف اهم». وفي اخر قمة اوروبية يشارك فيها قبل تنحيه حصل بلير على ‏الا تطبق عدة بنود في المعاهدة على بريطانيا بينها ميثاق الحقوق الاساسية.‏
لكن ساركوزي انتقد ضمنا موقف ميركل التي هددت مساء الجمعة بالدعوة من دون موافقة ‏وارسو، الى عقد مؤتمر حكومي لاعادة التفاوض بشأن المعاهدة.‏
واتى هذا الاقتراح بعد رفض تسوية اولى من قبل الرئيس البولندي ليش كاتشينسكي بعد ‏التشاور مع شقيقه التوأم رئيس الوزراء ياروسلاف كاتشينسكي الذي بقي في وارسو.‏
واكد ساركوزي «لم يكن بالامكان ترك اكبر دولة في اوروبا الشرقية جنبا».‏
وكان الناطق باسم ساركوزي اكثر صراحة في انتقاده لـ «اسلوب» ميركل.‏
وقال «ان ساركوزي لم يجعل الامور تتطور بتهديده كاتشينسكي باتفاق مع 26 دولة فقط».‏
لكن بعض المسؤولين الاوروبيين اعتبروا ان تهديد ميركل كان الهدف الرئيسي منه تركيز الجهود ‏على هذه المسألة الوحيدة واطلاق المحادثات.‏
وفعلا تلى التهديد مفاوضات هاتفية غير مسبوقة بين بلير وساركوزي ورئيس وزراء لوكسمبورغ ‏جان كلود يونكر الذين اجتمعوا جميعا في مكتب الوفد الفرنسي في بروكسل، وبين ياروسلاف ‏كاتشينسكي في وارسو.‏
وهذه المفاوضات التي دامت اكثر من ثلاث ساعات افضت عند منتصف الليل الى قرار بارجاء ‏دخول نظام التصويت الجديد بالغالبية الموصوفة المطلوبة في الاتحاد الاوروبي حيز التنفيذ ‏وهو امر كان يطالب به الاخوان كاتشينسكي.‏
وهما يعتبران ان هذا النظام يعطي ثقلا اضافيا لالمانيا. وبدلا من ان يطبق اعتبارا من ‏العام 2009 فان هذا النظام الجديد المعروف بنظام الغالبية المزدوجة الذي سيحل مكان ‏نظام توازن الاصوات المعقد، سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من العام 2014 مع مرحلة ‏انتقالية حتى العام 2017 .‏
وتقضي الغالبية المزدوجة بان تتخذ القرارات بغالبية 55% من اصوات الدول الاعضاء على ‏ان تمثل هذه الدول 65% من سكان الاتحاد الاوروبي.‏
وقالت ميركل «اقر بانه تنازل كبير وقد ساهمت فيه» لكن «تأجيلا لبضع السنوات ليس اسوأ ‏شيء يمكن ان تشهده اوروبا».‏
وشكر الرئيس البولندي من ناحيته فرنسا وبريطانيا لـ «تضامنهما». ومع ان الشقيقين ‏كاتشينسكي يقيمان علاقات صعبة مع برلين الا ان الرئيس البولندي حيا «التصرف الودي جدا ‏للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل». واضاف «اخذت تحفظاتنا في الاعتبار بشكل كبير. والنتائج ‏بالنسبة لبولندا في ما يتعلق بنظام التصويت مشجعة جدا».

مصادر
الديار (لبنان)