كان في أشد حالاته الانفعاليه ، ولم نعهده كذلك إلا عندما كان يتحدث عن سلوك الصهاينة ضد أبناء الوطن المحتل ،... كان ذاك أحمد عبد الرحمن في لقاء مع الجزيرة الفضائية .... أمره عجيب .!.
لم يكن متوازناً أبداً ، ومع شحوبه الواضح ، بدا في غاية التوتر والاهتزاز ،.. نعم لم يكن متوازناً أبداً ، وفي مقابل خطاب السيد اسماعيل هنية ، المتماسك القادر على الوصول إلى الرأي الآخر ، كان أحمد عبد الرحمن – السياسي المخضرم – خارج كل مفردات الخطاب السياسي المقنع ليبدو وكأنه دخيل على عالم السياسة والخطاب القادر على الوصول دون معارضة تُذكر إلى عقول وقلوب المنتظرين لموقف أو توضيح فيه المزيد من العقلانية ، والقليل من التشنج وضخ الكثير من التهم التي ما عاد يصدقها أحد على الضفتين .
عندما يتحدث الناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية فإنه لا يتحدث بلسانه الشخصي ، ولا يعبر عن رأيه فقط ، بل يعبر عن رأي السلطة وينطق باسمها ، ورغم أن كل إجراء على أرض فلسطين المحتلة يتخذه فصيل أو منظمة يجب أن يدعمه شبه إجماع ، وهنا لا يجب أن يفهم أننا كأبناء أمة معنيين بالأمر، نؤيد فصيلاً ضد آخر ، فإننا لا ننظر إلى عملية حماس على أنها إعلان لأمارة إسلامية ، اسمها حماسستان ، ولا شبه بينها وبين أمارة طالبان ، وهذه أوصاف أطلقها الناطق بلسان السلطة ، وألصقها استقراء بإجراءات حماس التي قرأناها ضمن واقع مرير هو معالجة الخروق الأمنية والفلتان الأمني الحاصل على أرض القطاع منذ لحظة رجحان كفة الديمقراطية لصالح التنظيم المقاوم ، وإذا كان السيد أحمد عبد الرحمن تجاهل كل محاولات الاغتيال التي حصلت ، أو تجاوز عن ذكر الضحايا من قادة حماس والذين سقطوا بدلالة أصابع أثيمة تعمل في صفوف الشعب الفلسطيني لصالح العدو ، فإن أحداً على الساحة الفلسطينية ، والسورية بعامة ، والعربية لا يجهل ما حصل ويحصل ، ويعلم الجميع أن الاختراق الحاصل في صفوف فتح لم يقتصر على شرائح الدرجة الثالثة بل تعداها ليصل إلى الأولى ، وليس بخاف عن الجميع أسماء شخصيات تم نقلها بعيداً لتتدرب وتتأهل ويكون لها القول الفصل في تنفيذ المخططات التي ارتهن لها البعض ، وهؤلاء هم الذين يقدمون خدمات مقابل ... وقد تحين ساعة الأجر ... ويعلم الله ، والضالعين من أي مصدر سيكون هذا الأجر .
المزاج الشعبي العام في الداخل الفلسطيني ، والمحيط يميل إلى تصديق الوقائع والأدلة التي قدمتها ، وتقدمها قيادة منظمة حماس ، والذين يطالبون بالاعتدال في مواقف الطرفين – الفتحاوي والحمساوي – إنما يدركون أنهم يعملون لإطفاء الحريق ، وأن أحد الطرفين هو على خطأ والأرجح أنه طرف السلطة ، ونستذكر محاولة اغتيال رئيس الوزراء هنية عند عودته من جولة عربية يحمل بعض الأموال ... وقد اتهموه بأنه يحمل أموالاً لصالح منظمته ، بينما دحض بالوقائع والممارسة هذا الادعاء ، نستذكر أيضاً أن اللعبة منذ انطلاقها كانت لتطويق الانتصار الديمقراطي وإسقاط هذا الخيار غير المقبول صهيو – أمريكياً ، والوسيلة بمنتهى الوضوح كانت عملية التجويع في سبيل التطويع وحتى التركيع . . . هل تساهم بعض عناصر السلطة في العملية ..؟.
أن يصرخ السيد عبد الرحمن عالياً بأن من أسماهم الانقلابيين في قطاع غزة ارتضوا أن يكونوا في خدمة لعبة المعادلة الإقليمية ، وحتى الدولية ، وأنهم مجرد أداة بيد قوة إقليمية ، أمر يبعث على الدهشة ، إذ ورغم عدم إعلان لا إيران ولا غيرها من المقصودين إقليمياً بتأييد إجراءات حماس وإنما طالبوا بموقف فلسطيني موحد تجاه العدو ، وأن لا تفقد البندقية الوطنية بوصلتها ، واحترام اتفاقات تم توقيعها بين الفصائل والأطراف المتناحرة في أكثر من موقع وآخرها في مكة ، ... يتهم عبد الرحمن حماس بتحطيم اتفاق مكة ، وإسقاطه وأنها في الطريق لإقامة الأمارة ... رغم نفي حماس ، وقد تناسى موضوع تطبيق القياس في مجال المواقف المعلنة والمؤيدة لكل من الطرفين ، وهنا يقول أن عمر تجربته أربعين عاماً وأن ما ينطبق على حماس لا ينطبق على منظمة التحرير وكأن في الأمر أحجية ...! أن تتسابق الولايات المتحدة والصهاينة ،على إعلان التأييد للسلطة ، ومدها بالمال ، وتوفير السلاح الملائم لمجابهة حماس ، والموقف السياسي لمصر خصوصاً إعلان الرئاسة عن عدم السماح لفصيل أصولي بإقامة كيان على حدودها ..، كل هذا لا يدفع إلى وصم المنظمة والسلطة بأنهما مجرد أدوات بيد قوة دولية كبرى ، أو إقليمية محلية ، وليس من مجال للمقارنة .. ! ( حسب رأيه ) ولكن لماذا ..؟ وما الذي يشفع لمنظمة دون سواها أن لا يتم اتهامها بالتبعية أو أن تكون مجرد أداة في يد قوة كبرى ... وهل يكفي مجرد النفي والتهكم ..؟ أم أن الوقائع هي الحكم والقول الفصل في هذا الشأن .
ليس في أمانينا أن نأخذ جانب التشريح والهجوم بحق طرف من أطراف مقاومة العدو على ساحة من ساحات الأمة ، لكن دافعنا قول كلمة حق .. ولا نريد بها باطلاً ... من يقاوم العدو بكل الوسائل هو الأحق بحمل الراية على أن لا تصل إلى أيدي من يفرط بالحق ، ولا حق لليهود بشبر من أرض الأمة ..، والذين يعملون على التنازل المتدرج حيناً بعد حين ، عليهم أن يدعوا من يدهم الراية ليتناولها غيرهم دون محاولة استغلال المفردات الدولية في " مكافحة الإرهاب ، .. والأصولية الظلامية ، والمقارنة بين فصيل أنشأته ورعته الاستخبارات المركزية ، وبين فصيل نبت وترعرع من بين فئات الشعب ، سقا بدماء بريئة طاهرة أرض وتربة الوطن .
ليس عدلاً – برغم علمانيتي ، وإيماني المطلق بقوميتي الغير قائمة على الدين – أن تتم المقارنة بين ما في أفغانستان ، وبين ما هو قائم على أرض فلسطين ، لا في الاسم ولا في الجوهر ، وإن اتفق الطرفان النقيضان في الهدف – محاربة العدو الأمريكي المحتل - ولا شك أن خطيئة السيد أحمد عبد الرحمن من الفداحة بمكان لايسمح بنسيانها أو غفرانها ، ... إنها السلطة ... وقد قال معاوية لابنه ...: صه ... ويحك ، والله لو كانت في قلبك لانتزعتها منه ..! وهذا هو عذر أحمد عبد الرحمن وغيره من رجال السلطة .
الولايات المتحدة الأمريكية تعزف على وتر تبديل كل المصطلحات في المنطقة بحيث لا يكون هناك عراق بل ، دولة شيعستان ، وسنيستان ، وكردستان ، وقبل ذلك في أفغانستان ، نيو بلوشستان و... الحبل على الجرار ، وإذ يستخدم السيد أحمد عبد الرحمن نفس المصطلحات فهذا ليس بالأمر الغريب ... من أساتذتنا نستفيد ..! ونردد ما يقولون ... هل أخطأنا ..؟ سامحونا .