ملاحظتين أساسيتين يمكن تسجيلهما بعد القمة الرباعية في شرم الشيخ، الأولى أن خطاب حسن النوايا لا يعكس الواقع االسياسي بل هو متناقض بشكل كامل معه، فكلمات الافتتاح تشكل شريطا مطولا لتاريخ "مباحثات السلام"، وهذا االشكل النمطي ربما لا يعبر عن الخطورة التي تظهر يوميا على مساحة الشرق الأوسط عموما وليس فقط ضمن إطار فلسطين، فمسألة الدولتين وتأكيد عباس على وحدة الأراضي الفلسطينية، ثم العودة مجددا إلى الحديث عن الشرعية، سواء كانت فلسطينية أو دولية، هي في النهاية لا تعكس أي شكل مستقبلي للحلول الممكنة على الأقل في إطار ما يحدث في فلسطين.

والملاحظة الثانية هي ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس حرفيا وقال عباس «ان منطقتنا اليوم على مفترق طرق تاريخي فإما طريق السلام والاعتدال او طريق ‏العنف والفوضى والتطرف واراقة الدماء».‏ حيث وضع الصراع الفلسطيني ضمن إطار أوسع، وربما في عمليات الفصل الاستراتيجي الذي تتبعه الولايات المتحدة ضمن مكافحة الإرهاب. فما قاله عباس موجه أساس إلى حماس ورؤيتها، وهو في نفس الوقت أعاد تصنيف هذا التيار ضمن إطار "الحرب على الإرهاب"، وجعله أيضا قضية أمريكية ومرتبطة بالمظاهر السائد سواء في العراق أو في غيرها من مناطق الشرق الأوسط والعالم.

وفق هذه الصورة لم يعد من الضروري النظر إلى ما قاله مسؤول إسرائيلي من مكتب أولمرت إنهم يعتبرون قمة شرم الشيخ «مظلة عربية»، لأن مثل هذه الشرعية لا تستند أساسا إلى قوانين "مكافحة الإرهاب" التي ظهرت بعد احداث إيلول، وهي تعتمد على قرارات الأمم المتحدة بالدرجة الأولى، لكن ما حدث يطرح "الهامش العريض" لمسألة الشرعية في التفاوض او السلام مع إسرائيل، فمسألة المظلة العربية طالما انها تعتمد على "التصريحات" حول "حسن النوايا" وتشتت الشرعية في مسألة عملية التسوية فإن المسار التفاوضي سيبقى معلقا دون الوصول إلى التسوية الشاملة.

عمليا فإن "الدوائر" السياسية كما حدث في قمة شرم الشيخ تحاول بحث ما يحدث في فلسطين على أساس "إغلاق" هذه القضية زمانيا وجغرافيا، فعباس يريد العودة إلى مرحلة ما قبل اندلاع الانتفاضة، محاولا تجاوز كل المعطيات التي حدث بعدها وأدخلت المنطقة بكاملها ضمن زمن جديد، بينما يتحدث أولمرت عن دولتين، وجغرافية هاتين الدولتين معلقة أيضا بحسابات إقليمية لذلك يبدو من الصعب هذه الصيغة في ظل الوضع القائم حليا، رغم أن هناك قرار دولي واحد على الأقل بشأن دولتين (قرار التقسيم 181)، وعدد كبير من التعهدات الدولية بدولتين.
في ظل الوضع القائم لا يبدو من المستحيل خلق تسهيلات بالنسبة للسلطة الفلسطينية، لكن المسألة الأهم هي عدم تجاوز كل المعطيات لأن ما يحدث يكرس بالفعل ظهور دولتين إنما في قطاع غزة والضفة الغربية.