تحتاج سورية إلى ما يزيد على ستين مليون دولار لتقديم المساندة الطبية والاجتماعية للاجئين العراقيين المتزايدة أعدادهم وفق تقديرات المفوضية العامة للاجئين، والتي أشارت إلى أن تقديرات الحكومة السورية هي أن عددهم تجاوز مليوناً وأربعمئة ألف، بزيادة مقدارها مئتي ألف عن آخر رقم أعلن منذ نحو شهرين ونصف الشهر.

ووفق ما تذكر مسؤولة الإعلام الإقليمية في المفوضية سيبيلا ويلكس لـ«الوطن» فإن المطلوب لمساعدة الحكومة السورية الآن هو ما يعادل 60 مليون دولار أميركي، تم الحصول فقط على ما يزيد بقليل على 12مليون دولار وزعت على وزارات الصحة والتعليم والهلال الأحمر السوري ومحافظة الحسكة، بينما يتم العمل على استقدام معونات تقارب ثلاثين مليون دولار، بهدف دعم البنية التحتية في سورية لمجاراة «الضغط المتزايد عليها» خصوصاً في قطاعات الصحة والتعليم حيث يقدر عدد الطلاب العراقيين في المدارس السورية الآن بـ33 ألف طالب، من بين 200 ألف طفل في سن التعليم موجودين في سورية.
وترى ويلكس أن هذا الدعم يتمثل في بناء مدارس جديدة وتأهيل المدارس القديمة، إضافة إلى تأمين الملبس والقرطاسية الضرورية لهؤلاء الطلاب، منوهة بـ«مستوى التعليم العالي الذي كان يتميز به العراق بين دول المنطقة» وضرورة استمراره.
وتضيف إن إحدى مهام المفوضية الآن هي شرح «ما تقوم به الحكومة السورية من جهود استثنائية وكرم مدهش» للمجتمع الدولي، مشيرة إلى أن «سورية هي أحد الأمكنة القليلة الآمنة المتبقية بالنسبة للعراقيين» الذين يأتون بفئاتهم المختلفة، حيث إن ما يميز وجودهم هنا عن العراق «أن العراق غير آمن على حين هنا العكس». ويبلغ عدد المسجلين في المفوضية من اللاجئين نحو تسعين ألفاً، يتوزعون بما يعادل 49% من المسجلين هم من السنة، فيما يأتي بعدهم 24% من الشيعة و20 % من المسيحيين، وتبقى الفئات الأخرى بنسب ضئيلة ومتراوحة. إلا أن ما يقلق عموماً هو الارتفاع المتزايد في أعداد الوافدين مع مرور الوقت، إذ تشير دراسة رسمية إلى أن عدد العراقيين الموجودين في سورية حتى اللحظة يقارب المليون وأربعمئة ألف عراقي، وذلك في الوقت الذي تشير مصادر غير رسمية إلى تجاوز الرقم المليونين. ويدخل سورية وفق معلومات سابقة ما يتراوح بين 30 و50 ألفاً من العراقيين في الشهر، أي بما يعادل اثني عشر ألفاً أسبوعياً، يغادر عدد قليل منهم عائداً وتبقى الأغلبية العظمى، وتعلق ويلكس على الأعداد المتزايدة والعبء الذي تشكله على الاقتصاد والمجتمع السوري بأنه «مفهوم» مشبهة الظرف بمن «يستقبل أقاربه لمدة طويلة» ولكن لتعيد التذكير بأن حالات المساعدة الإنسانية الخاصة القادمة من عائلات سورية تساهم إلى حد كبير في حل مشكلات إنسانية كبيرة للعائلات العراقية. من جهتها تجري الحكومة السورية الآن دراسة «معمقة وجدية» حول أوضاع اللاجئين العراقيين فيها، وفق ما قاله نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مجيباً على سؤال لـ«الوطن» في وقت سابق موضحاً أن هذا الموضوع «يدرس بجدية من طرفي المعادلة. لا يجوز أن يستمر تدفق اللاجئين من دون ضمانة لهم ولأسرهم. يجب أن يتوافر ضمان صحي وتعليمي وحياتي، والموضوع حساس، ويجب أن يأخذ بالاعتبار مصالح العراقيين والسوريين معاً» وأمام مركز تسجيل اللاجئين العراقيين في دوما قرب دمشق، يمكن رؤية العشرات من الأسر العراقية التي جاءت لتسجيل أفرادها ضمن برنامج معونة اللاجئين الخاص بالأمم المتحدة، وتجمع تلك الأسر ذات القصة تقريباً من زيارة ملثمين لبيوتهم ومطالبتهم بالمغادرة خلال يوم واحد، وذلك بعد الضرب والإهانة والاستيلاء على الأموال والذهب الموجود في البيت، فبينما هربت أم عمر كما اختارت أن تسمي نفسها من ميليشيا الشيعة في حيها في بغداد، هربت فاطمة من حيها في ذات المدينة من ميليشيا السنة، وهرب أبو مروان من حي آخر في العاصمة بعد أن هدد لكونه مسيحياً، لدرجة أنه«لم يعد يحميك أن تكون من طائفة دون أخرى في العراق» وفق ما تعلق بشفقة موظفة تسجيل في المفوضية العامة للاجئين.