من سيرغمني على استهلاك "الحكايا" من بقايا الزمن القديم أو الجديد!! فأنا لا أرى نفسي إلا صورة لكل مفردات "الجاهلية" التي جعلتني أبحث عن حريتي وهي مخبأة في داخلي ... والصورة القاتمة لأنثى الستينات ما تزال تلاحقني رغم أنني لم أولد في حقبة التحولات الكبرى في العالم، والهزائم المتكررة في جغرافيتي. فعندما ظهرت أكذوبة حريتي كعنوان براق في ستينيات القرن الماضي كنت خارج هذا العالم أنتظر الولادة "الحسية" ... وأنتظر أن أشاهد كيف تكون الحرية سياقا لا نستطيع الهروب منه بافتراض الشعارات أو برؤية مجزأة.

عندما أفكر بحريتي فإنني أنعتق من الأحلام المريضة وأشعر أن الحرية هي مجال للإيديولوجية ... فما أريده لا يمكنه أن يصبح مطلقا في وسط لا يرى سوى ماضيه، ويخجل من نفسه عندما يعرف أن المستقبل ربما لا يترك له شيئا من تراثه .. وحريتي لا يمكن أن تصبح حقا لأنها من "المسؤولية" كي يتبدل العالم ويصبح لوحة نرسمها باستمرار.

ثم ماذا سيبقى من حقوق المرأة؟؟؟ جملة من الإناث في مواقع العمل، وطيف من الثرثرة التي لا تنتهي داخل غرف مغلقة وبقايا القهوة، أو أصوات الأطفال داخل المنزل ... وأبحث في بقايا الحياة عن التكوين الذي سيرثه الأطفال من "حقوق" مستمرة ... من تشريع تدعمه قوة القانون .. من رجل مازال يحلم بقصر الولاة المماليك وهو يحاضر في ثورة الفكر وحرية الإناث.
عندما أفكر بحريتي أطلقها من داخلي نحو الاسترخاء الذي يلفني، أو باتجاه التحدي المزيف للذكور، لأنني لا أرى سوى الحرية دون ذكر أو أنثى .. أراها طاقة على نفي الماضي ... طاقة تتبدل ثم تدفعني لأرى الحياة كما نريدها مليئة بالمفاجآت ومكتوبة خارج نون النسوة وتاء التأنيث و "واو الجماعة" ...

لأنها حريتي وليست نظاما إيديولوجيا أحاول أن أرصع بها جسدي الذي يريده الجميع مقيدا رغم كل إنجازات الحرية، ويريدونني وفق المقياس الذي يرسمونه لإعلام أنثوي لم يتبدل منذ أن قررنا إعطاء المرأة حقوقها بـ"نزع الحجاب"، في وقت نريد ألف حجاب آخر عليها وعلى مساحات الفكر الذي نحلم به ... هذه هي حريتي التي بقيت دفينة في أعماق الرغبة التي أريدها.