أن المدقق في أزمة فتح فسيجد أنها تعاني الكثير من المشاكل، إذ تعاني فتح أولاً من مشكلة بنيوية تنظيمية حقيقية، ومن حالة تشرذم داخلي ومن صراعات وصلت حد الاغتيالات والتصفيات؟
ومنذ سنة 1989 لم تنجح فتح في عقد مؤتمرها العام، وشهدت انتخاباتها الداخلية وانتخابات اختيار من يمثلها في المجلس التشريعي (البرايمرز) ممارسات لا تليق بحركة عريقة مثلها. وكان الكثير من عناصرها يشكون من تفرُّد ودكتاتورية رئيسها الراحل ياسر عرفات، لكن الوضع زاد سوءاً بعد وفاته.

وتعاني فتح ثانياً من تآكل رصيدها النضالي، إذ أن فتح التي نشأت لتحرير الأرض غرب الضفة الغربية (الأرض المحتلة 1948) تنازلت عن هذا الهدف، فقد قامت قيادتها (التي تقود م. ت. ف) بالاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود على 77% من أرض فلسطين، وأعلنت نبذ الإرهاب ووقّعت على اتفاق أوسلو وقادت تيار التسوية، واضطرت لقمع حركات المقاومة إيفاءً بالتزاماتها تجاه إسرائيل. وظهرت فيها مجموعات ورموز على علاقات سياسية واقتصادية وأمنية بالإسرائيليين.

ولا شك أن مجموعات كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح شاركت بفعالية في الانتفاضة، لكن فتح لم تعد كما كانت من قبل (عندما قدمت حتى نهاية سبعينيات القرن العشرين نحو 80% من شهداء الثورة الفلسطينية وأسراها) بعد أن نافسها أو تجاوزها أداء حماس العسكري في انتفاضة الأقصى، كما أن برنامجها النضالي أصبح باهتاً بعد أن اختلط بمشاريع التسوية وبالعلاقة مع الإسرائيليين.

ومن جهة ثالثة تعاني فتح من حالات استشراء الفساد في أوساط العديد من عناصرها، وخصوصاً تلك التي حصلت على مناصب ومواقع في السلطة الفلسطينية.
"فتح" وتياراتها المتعددة: حين يجري الحديث عن تيار بعينه في فتح يقود المواجهات ويمارس لعبة "خمسة بلدي" مع حماس، فإن الجميع سيشير إلى رأس هذا التيار وبعض رموزه، أعني محمد دحلان وبعض المتعاونين معه. بعد ذلك سنعثر في غزة مثلاً على أمين سر الحركة أحمد حلس وآخرين إلى جواره في اتجاه آخر، كما نعثر في الضفة الغربية على قادة صرخوا بالفم المليان أنهم لن يسمحوا بتطبيق نظرية الانتقام من حماس في الضفة رداً على قوتها أو استضعافها لفتح في غزة.

وللمفارقة فإن أزمة هذا الطرف (دحلان ومن معه) هي في عدم قدرته على حسم المعركة بالقوة، فتراه يضرب ويتحرش ويمارس الانفلات وحين تبدأ الردود ويحشر في الزاوية يمعن في الصراخ وطلب الوساطات والتساهل معها، ومن ثم توقيع الاتفاقات التي ما تلبث أن تتحول إلى لا شيء، لأن اللعبة المشار إليها لا بد أن تعود من جديد ولذات الهدف المتمثل في تطفيش حماس من الحكومة، أو جعل وجودها فيها مستحيلاً أو مكلفاً على مختلف الصعد وهو بالمناسبة سيواصل هذه اللعبة حتى يكون بوسعه تغيير ميزان القوى. والأميركيون يمعنون في الضغط على تل أبيب من أجل تعزيز خطة "دايتون" لتعزيز قوات الأمن الموالية للرئيس الفلسطيني، وقد طلب دحلان دعماً تسليحاً عربياً ما زال الإسرائيليون مترددين في إدخاله كما كشفت ذلك الدوائر الإسرائيلية مطلع شهر يونيو/حزيران الحالي، فيما يقال إن بعضه قد دخل بالفعل.

أما الأموال الأميركية فقد وصلت من قبل، ويقوم الطرف المعني بوضعها في مصارفها الطبيعية!! وتبقى قصة الشرعية والانقلاب عليها التي أشار إليها عدد من الناطقين باسم الطرف المذكور، وهي قصة تؤكد أن فتح لا تزال ترى نفسها الشرعية، بينما الطرف الآخر طارئ على اللعبة وليس له شيء، ولا ينبغي أن يكون له أي شيء.
في المقابل يبدو الطرف الثاني موحداً حيال ما يجري، أعني حماس التي لم نسمع قائداً فيها يدين التصدي للعبة الانفلات والتحرش المتواصل التي يمارسها الطرف الآخر، وقد تجلى ذلك بشكل أوضح خلال الجولة الأخيرة التي يبدو أن قرارها المبدئي هو ترك القوة العسكرية لحماس تحسم الموقف وعدم السماح بنجاح لعبة "خمسة بلدي" من جديد.
وفي القاهرة قال وزير الداخلية السابق سعيد صيام لأحد المسؤولين المصريين الكبار (يقال إنه مدير المخابرات عمر سليمان) وعلى مسمع من قادة في الفصائل "ارفعوا الغطاء عن محمد دحلان وسننهي الانفلات الأمني في أسبوع واحد أو عشرة أيام"، لكنهم لن يرفعوه على أية حال.

ليس لأن القاهرة تستمتع بصحبة الرجل (هي لا تطيقه في واقع الحال، ولطالما قال عنه المسؤولون المصريون إنه "بتاع إسرائيل")، بل لأنها تدرك أن موازين القوى الخارجية (الأميركان والأوروبيون والإسرائيليون) تعمل لصالحه من جهة، فيما تدرك من جهة أخرى أنه وحده القادر على تخليصها من الصداع الحمساوي في خاصرتها الفلسطينية.

فهي منذ اللحظة الأولى لم ترتح للنتيجة الانتخابية، وبدت توجهاتها واضحة في مطاردة التجربة؛ أولاً لأنها تمثل إسلاميين سيؤثرون بدورهم على الحراك السياسي المصري الداخلي، وثانياً لأن الوضع المصري منذ التوجه نحو التوريث لم يعد بوسعه مخالفة التوجهات الأميركية، وثالثاً لأن واشنطن قد منحت القيادة المصرية حرية قمع معارضتها الإسلامية مقابل التراجع في الملفين العراقي والفلسطيني.

محمد دحلان وأعوانه من غزة إلى تونس مسافة قريبة قطعها محمد دحلان بسرعة. من عنصر صغير في "فتح" إلى قائد لجهاز الأمن الوقائي إلى وزير في حكومة السلطة. مواقع تنقّل فيها محمد دحلان بسرعة.
من الموالاة الشديدة دفاعاً عن "الرمز" و"السيد الرئيس" و"يابا" و"الختيار"، إلى معارض وانقلابي ومهدِّد بمهلة "عشرة أيام" لإسقاط عرفات.
من عضو في "عصابة الأربعة" وعراب في مافيا الفساد ومختلس للأموال، إلى "مصلح" سياسي واجتماعي.
من قائد لجهاز الأمن يقمع كل من يرفض "أوسلو" أو يقاوم الاحتلال أو يعارض السلطة، إلى متظاهر يحتل مراكز السلطة ويخرّب مقرّاتها ويعبث بالأمن الداخلي.
محمد دحلان له طموحاته وأهدافه، لكنه هو "ابن مشروع" و"أداة" و"صاحب مخطط" يتوافق كلياً مع البرنامج الصهيوني – الأمريكي حارب المقاومة والمقاومين حين دعي لذلك، والآن جاء ليحارب "فتح" والسلطة، وغداً سوف يحارب فلسطين والفلسطينيين
هل هو مصلح فعلاً ومحارب للفساد!؟ أم أنه يحمل أجندة ضد غزة لما بعد خطة" شارون". الإسرائيليون شجعوا "دحلان" قبل فترة على "تحمل مسؤولية" في قطاع غزة لقطع الطريق على حماس.فقام "العقيد" باستغلال الإشارة وأطلق رصاصاته باتجاه الجميع.

قصة الصعود: عندما كانت تجرى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منتجع "واي بلانتيشين" في العام 1997م، اقترب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون من عضو الوفد الفلسطيني محمد دحلان، وهمس في أذنه قائلاً "أرى فيك زعيما مستقبليا لشعبك".
"أن هذا الفتى يعجبني يعجبني!".. جورج بوش الابن"..! لم يكن ليصل رئيس أكبر دولة في العالم إلى هذا الإعجاب الشخصي لو لم يقدم" العقيد محمد دحلان" خدمات جليلة للإدارة الأمريكية، ولم يطلع الرئيس الأمريكي شخصياً على تاريخ طويل من قصة الصعود (الأكروباتية) لهذا الشاب المدعو" محمد دحلان".
هذا الكلام صدر عن الرئيس" بوش" في ذروة التدخل الأمريكي في القضية الفلسطينية إبان انتفاضة الأقصى, حيث حضر الرئيس بوش يومها إلى "قمة العقبة" في حزيران 2003، فرحاً بالنصر الذي حقّقه قبل شهرين في بغداد، عاقداً العزم على خلق أنظمة جديدة في المنطقة تتساوق مع الفكر الصهيوني وتتعاون معه، وإخماد ما تبقّى من حركات أو دول تقاوم المشروع الأمريكي في المنطقة.
كما أن هذا الكلام جاء بعد تقديم "دحلان" تقريراً مفصلاً عن الوضع الأمني في الضفة وغزة، عرضه أمام" بوش" و"شارون" وعقّب عليه قائلاً: "إن هناك أشياء نستطيع القيام بها"، طالباً المساعدة الأمنية الأمريكية لأجهزته.
في الطريق إلى هذه "القمّة" قطع "دحلان" مسافات وخرق مراحل وقفز مراتب ورُتَب في الهرم السياسي الفلسطيني. ولكن الهرم لم يكن فلسطينياً أو عربياً فقط، بل إن كثيراً من مراحله يكتنفها الغموض؛ أو قل وضوح العوامل الخارجية المعادية.
فما قصّة هذا الصعود..؟
كل مرحلة من مراحل عمره بناها "دحلان" على كذبةٍ وادعاء، رغم أن تاريخه معروف وأصدقاءه أحياء ومعاصريه من ذوي الذاكرة الحية الطرية.. ادعى النضال منذ نعومة أظفاره وادعى الاعتقال عشر سنين وادعى تأسيس الشبيبة الفتحاوية وادعى مساعدة أبو جهاد "خليل الوزير" في توجيه الانتفاضة.. في حين أن كل فترة من هذه الفترات اكتنفها غموض فوضّحتها وقائع سردها أكثر من طرف. جيران طفولته وزملاء دراسته ورفاق تنظيمه ومنافسو زعامته و... و
في المخيّم: منذ أن ولد محمد دحلان لزمته صفة العنف، كان من أطفال الحي الذين لا يُنهون يومهم من دون معركة مع أقرانه. كان متوسط المراتب في المدرسة، غير منتبه لتحصيله العلمي، يميل إلى الإهمال في علاقاته الاجتماعية، ولم يكن لبقاً أو متحدثاً، بل كان عصبيّ المزاج سريع الغضب كثير السباب والشتم.. ولم يكن متميزاً بين أقرانه، شاب عادي غير ظاهر النشاط. وهو لم ينتمِ لأي تنظيم حتى دخوله الجامعة؟ في الجامعة:
درس محمد دحلان في الجامعة الإسلامية بغزة، وكثيراً ما اصطدم مع الطلاب الإسلاميين هناك، وذكر بعضهم أنه تعرّض للضرب أكثر من مرة فيها
وفي الجامعة الإسلامية، التحق بحركة فتح وشبيبتها هناك، وسجّل لاحقاً كذبته الأولى التي كان مسرحها هناك. وادعى أنه كان مؤسس الشبيبة الفتحاوية أثناء دراسته الجامعية. وقد فنّد أحد مؤسسي الشبيبة الفتحاوية هذا الادعاء، بأن الشبيبة تأسست في الضفة الغربية وليس في قطاع غزة، وذكر تفاصيل ذلك بالتواريخ والأسماء والأرقام
وعلى افتراض أنه كان مؤسسها في غزة فإن هذا الكلام –حسب المسؤول الفتحاوي- مردود عليه، لأن نشوء الشبيبة في غزة كان عبارة عن انتقال ولم يكن تأسيساً.
فبعد إرهاصات التحركات الطلابية الفتحاوية عام 79/80، وردت تعليمات أبو جهاد الوزير بتشكيل نسيج طلابي، بدأ في الضفة الغربية، وسجّل صعوده في العامين التاليين.. وباختصار فقد كان مؤسسو الشبيبة من الضفة الغربية، ولم يكن منهم أحد من غزة.
الاعتقال:للعقيد "دحلان" قصة "طويلة" مع الاعتقال ساهمت في تنصيبه وترفيعه السريع داخل فتح، ولكنه كان اعتقالاً إيجابياً بالنسبة له.
وكانت هذه الفترة هي الفترة الذهبية في بناء "الكاريزما" الشخصية لمحمد دحلان عبر كل وسائل التلميع المتاحة، ولا يألو "دحلان" جهداً ولا يجد غضاضة في استخدام "محنة" السجن لمواجهة الآخرين.
وقد ذكر في مؤتمره الصحفي الأخير في الأردن (إثر أحداث غزة)، أنه سبق أن اصطدم أكثر من مرة مع عرفات، منها حين اعترض على تعيين د. زكريا الأغا عضواً في اللجنة المركزية، وأن عرفات سأله: باسم من تتكلم؟ فرد عليه: باسم عشر سنوات أمضيتها في السجن الإسرائيلي.
في حقيقة الأمر لم يعرف "دحلان" السجن سوى بين الأعوام 1981 و1986، حيث اعتُقل عدة مرات لفترات متقطعة وقصيرة خلال تلك السنوات الخمس، لم يُمض إلا القليل منها في السجون. ولم يحدث أن اعتُقل "دحلان" كما ادعى "عشر سنوات".. قال جبريل الرجوب مؤخراً إن "دحلان" لم يُعتقل أكثر من ثلاث سنوات.
غير أن هذا الاعتقال على ما يبدو –كما يقول جيرانه السابقون- يأتي في سياق تلميعي متقن، يهدف إلى نقل الفتى" الضائع" إلى صورة الفتى "المناضل"، ليتخرج لاحقاً بصفة (الشاب القيادي)، الذي لم يعُدْ ينقصه سوى (التَوْنَسَة) لاستكمال المواصفات ومتابعة الطريق إلى أعلى الهرم
دور "أبو رامي" في التلميع:
ويتذكر جيران "دحلان" القدامى حفلات التلميع التي كان يقوم بها "أبو رامي"؟ مسؤول المخابرات الصهيونية في منطقة خانيونس ولعلّ أخطر ما قام به "أبو رامي" كأداة تنفيذية لدى المخابرات الصهيونية، هو الاعتقالات التي كانت تطال مسؤولي "فتح" الذين كانوا أعلى من "دحلان" مرتبة في التنظيم، مما أدى إلى عدة فراغات تنظيمية كان "يتصادف" أن يملأها "دحلان"، فيتولى المسؤولية تلو الأخرى، حتى حان وقت الإبعاد عام 1988.
في تونس:انتقل "دحلان" من غزة إلى ليبيا حيث أقام فترة بسيطة، ما لبث بعدها أن انتقل إلى تونس.. ووصلها و"تبناه".. والتقط معه صوراً فوتوغرافية تمّ توزيعها على الصحافة.. وكان ينادي عرفات "يابا".
ساهمت الاغتيالات التي شهدتها تونس (أبو جهاد – نيسان1988) وأبو إياد وأبو الهول (كانون الثاني1991)، إلى صعود نجم عدد من قادة الصف الثاني (أبو مازن, أبو العلاء..)، وحدوث فراغات في القيادات الشابة، وحدثت حركة ترقيات مفاجئة وغزيرة، نال المبعدون وقتها حصتهم منها.. وبات في دائرة الضوء "العقيد" دحلان، وعدد كبير من العقداء الذين أغدق عليهم عرفات يومها الرتب بسخاء.
بعد أوسلو:ليس بعيداً عن ذهن القارئ ما فعله "دحلان" بعد أوسلو حين تسلّم مهمة قيادة جهاز الأمن الوقائي، وكيف كان وفياً بطريقة خرافية للاتفاقات الأمنية، وكيف تعاون مع الصهاينة من أجل الفتك بالمقاومة عبر التنسيق المذهل مع الأجهزة الأمنية الصهيونية هذا التنسيق دفعه، عبر الرسائل والتقارير واللقاءات والمصالح الأمنية والاقتصادية، إلى أعلى المراتب في سلطة الحكم الذاتي، من قائد لجهاز الأمن الوقائي، إلى مستشار عرفات للشؤون الأمنية إلى وزير للداخلية.. إلى ما هو عليه اليوم
محمد دحلان.. من يموّله وكيف جمع ثروته؟
ما بين ولادة محمد يوسف دحلان في العام 1961 لأسرة فقيرة في مخيم خانيونس ونشأته في مناخ "العوز"، وما بين تملّكه لفندق فخم في غزة، تعيش حكايات وقصص كثيرة يعرفها الصغير والكبير في غزة عن ذلك الفقير الذي تحوّل إلى واحد من أثرى أثرياء غزة في بضع سنين قليلة.
بدأت رائحة "دحلان" المالية تفوح بعد أن أصبح مالكاً لفندق الواحة على شاطئ غزة، وهو الفندق المصنف كواحد من أفخم مجموعة فنادق الخمس نجوم في الشرق الأوسط. فاستغرب أهل غزة مِن ذاك الذي كان فقيراً بالأمس القريب يتملّك فندقاً تكلفته عدة ملايين من الدولارات، ولكن جهاز الأمن الوقائي كان كفيلاً بإسكات وتعذيب كل من يهمس بكلمة عن هذا (الإصلاحي) الجديد.
لم تنته الحكاية عند هذا الحدّ بل تفجّرت بشكل كبير عندما كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية في العام 1997 النقاب عن الحسابات السرية لرجال السلطة الفلسطينية في بنوك إسرائيلية ودولية، وكانت ثروة "دحلان" في البنوك الإسرائيلية فقط 53 مليون دولار المعابر الحدودية هي المثال الأبرز للفساد، حيث تجبي (إسرائيل) لصالحها ولصالح السلطة الفلسطينية رسوم العبور في المداخل والمخارج من السلطة ومصر والأردن إلى (إسرائيل)، وهي ملزمة حسب الاتفاقيات تسليم السلطة الفلسطينية 60 في المائة من العمولات. في عام 1997 طلب الفلسطينيون تحويل حصتهم من رسوم معبر "كارني"، نحو 250 ألف دولار في الشهر، على حساب جديد. واتضح فيما بعد أن صاحب هذا الحساب هو محمد دحلان قائد الأمن الوقائي في غزة في ذلك الوقت هذا بالإضافة إلى ملايين الشواقل التي تجبى من أنواع مختلفة من الضرائب و"الخاوات" الأخرى، وفي مناطق مثل الشحن والتفريغ من الجانب الفلسطيني لمعبر "كارني"، ويتضح أن تمويل جهاز الأمن الوقائي يتم بواسطة ضرائب مختلفة تُنقل إلى صناديق خاصة ولا تخضع لنظام مالي مركزي. وفي سلطة المطارات الإسرائيلية، والكلام لصحيفة "هآرتس"، تقرّر تحويل النقود إلى الحساب المركزي لوزارة المالية الفلسطينية في غزة، مما أغضب "دحلان".
كما يوفر "دحلان" من خلال رجال أمنه الحماية الأمنية لشاحنات شركة "دور للطاقة" الإسرائيلية التي تدخل إلى قطاع غزة. وتعمّدت (إسرائيل) نشر هذه المعلومات عن "دحلان" لحثه على تدابير أشدّ صرامة ضد حركات المقاومة، متغافلة عن أن أعوام انتفاضة الأقصى تختلف عن الأعوام التي سبقتها
لم تقف الفضائح المالية لدحلان عند هذا الحدّ، بل تفجّرت مرة جديدة حين اشترى بيت أحد وجهاء غزة البارزين المرحوم رشاد الشوا، بمبلغ 600 ألف دولار، لكن "دحلان" نفى هذه التهمة (المغرضة) وقال أنه دفع ثمنه فقط 400 ألف دولار!!! ثم ذكر لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه لا يحق لأحد أن يسأله عن ثمن البيت سوى شعبه. ونحن نسأل كجزء من هذا الشعب مِن أين أتيت بثمن بيت قيمته 600 ألف دولار بعدما كنت تسكن بيتاً في مخيم وبالإيجار..؟
وتمضي الأيام ويذهب القائد السابق لجهاز الأمن الوقائي، محمد دحلان، إلى جامعة كامبردج ليتعلّم اللغة الإنكليزية على أيدي ثلاثة من المختصين في إحدى أكبر وأغلى الجامعات في العالم وتحت الحراسة الأمنية. وأقام في فندق كارلتون تاور بكامبردج ذي الإقامة المرتفعة الثمن. فمن دفع له الفاتورة؟
يتضح مما سبق أن تمويل محمد دحلان يعتمد على المصادر التالية: تحصيل الضرائب الفلسطينية، احتكاره لبعض السلع الأساسية التي تدخل لقطاع غزة، مساعدات أمريكية وأوروبية هائلة، استيلاؤه على أموال وأراض فلسطينية، وفرض خوات على رجال الأعمال والتجار...!
العلاقة بين دحلان وعرفات.. من التزلف واضطهاد الخصوم إلى الانقلاب:
الإنذار الذي وجّهه محمد دحلان لعرفات بضرورة (الإصلاح) قبل العاشر من شهر آب/أغسطس 2004 و"إلا فإن تيار (الإصلاح الديمقراطي) في حركة "فتح" سيستأنف الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد"، هذا الإنذار فاجأ الكثير من المطلعين على العلاقة التي كانت تجمع عرفات بدحلان، وتحرّك الأخير ضدّ كل من كان ينتقد (الرمز) عرفات، وتعذيبهم بحجّة أن الهدف من نقدهم هو نزع الشرعية عن (القيادة التاريخية) للشعب الفلسطيني
من المعروف والشائع لدى الفلسطينيين الذين كانوا في تونس أن محمد دحلان كان من أكثر المتزلّفين لياسر عرفات بين كل من خدم في مكاتب منظمة التحرير بتونس، حتى أصبح "دحلان" حديث الفلسطينيين هناك لما أثاره من اشمئزاز لدى العديد منهم لكثرة تزلّفه لعرفات
وتشير بعض القيادات الفلسطينية بأنه لو لم يكن "دحلان" بهذا التزلّف لما وصل إلى ما هو عليه، خاصة وأنه تسلّم الأمن الوقائي في غزة وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، ولا يملك أي خبرة سياسية أو عسكرية تؤهله لهذا المنصب
في الثامن من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2001 فاجأ محمد دحلان الجميع بشدّة دفاعه عن عرفات، يوم كان يتعرّض لنقدٍ من الإصلاحيين في الشعب الفلسطيني، وقال "دحلان" إن المحاولات الإسرائيلية –لاحظ الإسرائيلية- لنزع الشرعية عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هي محاولات يائسة وستبوء بالفشل وأشار "دحلان" في نفس المؤتمر الصحفي أن "الرئيس عرفات هو أقدر من يدير دفة العمل الفلسطيني، وعندما فشلت (إسرائيل) في تركيع الشعب الفلسطيني بدأت بث سمومها وأحلامها، وإن الشعب الفلسطيني بكل توجهاته السياسية يقف خلف الرئيس عرفات وأكّد "دحلان" أن "الفلسطينيين لا يتحرّكون إلا بقرار الرئيس عرفات، وإذا اعتقدت (إسرائيل) أن هناك أحداً في الشعب الفلسطيني يمكنه الالتفاف على قرار الرئيس عرفات فهي واهمة ولم يكتف "دحلان" بهذا القدر من الابتذال بل استمرّ في نفس التصاريح المتزلّفة التي كان يطلقها منذ أن كان في تونس فقال: "إن الرئيس عرفات هو أكثر المتمسكين بالحقوق الفلسطينية، وإذا كان لدى (إسرائيل) أوهام بأن تجد قادة فلسطينيين تتلاءم أفكارهم مع أفكارها، فمصير تلك الأفكار وأولئك الأشخاص إلى مزبلة التاريخ". وأضاف "دحلان" أن الرئيس عرفات قادر على صنع السلام لكن ليس السلام الإسرائيلي، إنما السلام القائم على تنفيذ الشرعية الدولية، لكن أن يطلبوا من الرئيس عرفات أن ينفذ الالتزامات في الوقت الذي تستمر فيه (إسرائيل) بالقتل والعدوان ودخول المناطق، فهذا غير عادل وغير مقبول، كما قال وختم "دحلان" قوله: "الإسرائيليون إن أرادوا التوصل إلى سلام حقيقي مع الشعب الفلسطيني فعليهم بالتفاوض مع ياسر عرفات، أما بحثهم عن بدائل أخرى فهذه أوهام تمادى "دحلان" في تزلفه لعرفات حتى وصل به الأمر إلى تحريمه انتقاد عرفات وذلك في مقال له في صحيفة "الغارديان" البريطانية بتاريخ 2/7/2002، حين قال: "سيكون من الخطأ انتقاد عرفات أو استبداله في وقت هو محاصر في الضفة الغربية". ويضيف "دحلان" "لا مجال للحديث عن تغيير القيادة في ظل هذه الظروف.. سأقف في صف عرفات طالما يقف ضده الإسرائيليون.. مهما كانت تحفظاتي على القرارات التي اتخذت لم يطل المقام بدحلان حتى انتقل بمواقفه من عرفات مائة وثمانين درجة، متغافلاً عن التصاريح السابقة في تمجيد (الرمز)، مستشعراً أن الانتقادات الإسرائيلية والأميركية ضد عرفات فرصة لا تُعوّض للانقلاب الذي طالما حلم به وخطّط له في لقاءاته الأمنية المتكرّرة مع القادة الإسرائيليين، والرسالة التالية تشير لماذا انقلب "دحلان" على عرفات في 13/7/2003 وجّه محمد دحلان رسالة إلى شاؤول موفاز يقول فيها: "إن السيد عرفات أصبح يَعد أيامه الأخيرة، ولكن دعونا نذيبه على طريقتنا وليس على طريقتكم، وتأكدوا أيضاً أن ما قطعته على نفسي أمام الرئيس بوش من وعود فإنني مستعد لأدفع حياتي ثمناً لها". ويضيف دحلان "الخوف الآن أن يقدم ياسر عرفات على جمع المجلس التشريعي ليسحب الثقة من الحكومة، وحتى لا يقدم على هذه الخطوة بكل الأحوال لا بد من التنسيق بين الجميع لتعريضه لكل أنواع الضغوط حتى لا يُقدم على مثل هذه الخطوة في اجتماع عقده محمد دحلان مع نخبة من رؤساء التحرير والكتاب في الأردن بتاريخ 29/7/2004 شنّ هجوماً لا هوادة فيه على عرفات، فقال: "لقد طعنني في وطنيتي بعد أن رتبْت له استقبالاً جماهيرياً لدى وصوله إلى غزة.. صارت لدي رغبة في التحدي (...) ما بطلعله لا هو ولا غيره أن يخونني".
قيادات "فتح": من مع "دحلان"؟
دحلان" وفي سبيل حشد أكبر قدر ممكن من الدعم الجماهيري والفتحاوي لما يدعيه بمحاولة الإصلاح ومحاربة الفساد أحاط نفسه بعدد من القيادات الفتحاوية ومسؤولي السلطة والأجهزة الأمنية، على رأس هؤلاء وقف العقيد سمير المشهراوي عضو اللجنة الحركية العليا لحركة "فتح" ومستشار وزارة الداخلية في غزة هناك من يرى في العقيد المشهراوي أنه يمثل واجهة محمد دحلان المقبولة لدى تنظيم "فتح" والجمهور الفلسطيني، كونه من "القيادات النظيفة" إلى حد ما -حسبما يرى بعض المراقبين- وقد أمضى عدة سنوات في السجون الصهيونية وتقلد العديد من المناصب والمسؤوليات في حركة "فتح"، وعمل مراقباً على جهاز الأمن الوقائي، واعتبر مؤخراً المنظر الرئيسي لما يسمى بتيار الإصلاح في السلطة أما العقيد رشيد أبو شباك رئيس جهاز الأمن الوقائي بقطاع غزة فهو من يقف وبقوة مع "دحلان"، كيف لا و"دحلان" هو من عيّنه لخلافته في رئاسة جهاز الأمن الوقائي عقب استقالته عام 2002، بعد أن شغل منصب نائب رئيس جهاز الأمن الوقائي لدحلان لسنوات أبو شباك من مواليد عام 1954 وتنحدر أصوله من قرية "الخصاص" قضاء المجدل وحاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية، انتمى لحركة "فتح" عام 1971 واعتقل عدة مرات في سجون الاحتلال الصهيوني من عام 1972 وحتى عام 1990 إلى أن أصبح مطارداً لقوات الاحتلال عام 1990 على خلفية تشكيله الذراع العسكري لحركة فتح "الفهد الأسود"، وفي عام 1991 غادر إلى تونس وعمل هناك في لجنة الإشراف على قطاع غزة إلى أن عاد للقطاع عام 1994 وأصبح عضواً في اللجنة الحركية العليا لفتح، وعمل نائباً لدحلان في إدارة الأمن الوقائي إلى أن تولى مسؤولية الجهاز عقب استقالة الدحلان، وفي فترة حكومة محمود عباس "أبو مازن" أصبح مديراً عاماً للأمن الوقائي في الضفة وغزة إلى ذلك فإن هناك عدداً من قيادات "فتح" وأجهزة السلطة يعتبرون من "مجموعة دحلان" منهم عبد العزيز شاهين وزير التموين في السلطة الفلسطينية والذي تدور حوله أحاديث عن تورطه في الفساد ونهب المال العام وعلاقته بالطحين الفاسد الذي وزع في غزة ومن القيادات الموالية لدحلان ولكنه يفتقد لأي شعبية جماهيرية سفيان أبو زايدة ، وهو عضو لجنة حركية عليا لحركة "فتح"، وقد أمضى عدة سنوات في سجون الاحتلال وشغل أكثر من منصب في السلطة وقد استطاع "دحلان" استمالة أوساط واسعة من مؤيدي وقادة الشبيبة الفتحاوية في غزة من خلال إغداق الأموال والمناصب عليهم، وبات معروفاً أن عبد الحكيم عوض مثلاً وهو مسئول الشبيبة في غزة ومعظم قادة الشبيبة ومؤيديها من رجالات "دحلان"، بل إنهم سخّروا الإذاعة المحلية في غزة "صوت الشباب" الناطقة باسم الشبيبة، لدحلان وما يسمى بالإصلاحيين.
والآن,وبعد ما حدث في الأراضي الفلسطينية,استفاقت فتح من غفوتها وبدأت المطالبة بالتحقيق في ما جرى, بل تدخلت مصر واعتبرت أن هناك فئة مفسدة وضالة في فتح وقامت بتوبيخهم. وقد بدأت التصريحات تخرج ومن اكبر القياديين في فتح مطالبة بالتحقيق وكذلك بإقالة كل من تورط في صنع هذه الإحداث الدامية وما آلت إليه فتح أكبر حركة في الساحة الفلسطينية ,بل الحركة التي أسسها الراحل عرفات, والتي أطلقت الرصاصة الأولى معلنة انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.واليكم بعضا مما ورد في وسائل الإعلام المختلفة:
قالت صحيفة المصري اليوم المستقلة نقلاً عن مصدر أمني مصري رفيع المستوى ,إن محمد دحلان القيادي الفتحاوي والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني هو المسؤول المباشر عما جرى في غزة مؤخراً بسبب سيطرته على الحكم بالقوة خدمة لأجندات خارجية وقال المصدر أحد أفراد الوفد الأمني الذي غادر قطاع غزة عقب الأحداث المؤسفة ’إنّ أسباب الصراع بغزة، حسبما تابع الوفد، هي مجموعة محمد دحلان التي تسيطر على كل الأجهزة الأمنية، وتقاتل في القطاع بأوامره’، على حد الصحيفة المصرية وأشار المصدر في حديثه إلى أنّ ’الصراع في غزة ليس اقتتالاً بين فتح وحماس، بل هو في الواقع صراع بين مجموعة دحلان و70 في المائة من الشعب الفلسطيني لافتاً الانتباه إلى أنّ مصر لا تملك قرار إبعاد هذه المجموعة عن الحكم وقال المصدر متابعاً ’إنّ حركة حماس واللجنة المركزية لحركة فتح، لا تريد هذه المجموعة، لكن للأسف فإن ّمجموعة دحلان مفروضة بالقوة’ من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وفق استنتاجه وأضاف المسؤول الأمني المصري ’أنّ حماس وصلت إلى الحكم لأن الشعب الفلسطيني لم يكن يريد دحلان ومجموعته التي تسيطر علي حركة فتح ومؤسسة الرئاسة’، مشيراً إلى أنّ ’الشعب يشعر بأنّ هذه المجموعة لها أياد خفية واتصالات مع الاحتلال وأمريكا، وأنّ هدفها هو الوصول إلي السلطة للاستيلاء على القيادة السياسية وإبرام اتفاقات’ مع إسرائيل بالطريقة التي تريدها حكومة الاحتلال وأشار المصدر إلى أنّ ’حماس’ طالبت رئيس السلطة محمود عباس أكثر من مرة، بالتخلص من دحلان ومجموعته، واستبدالهم بأشخاص آخرين، ’لكن عباس لم يقبل وبقيت هذه المجموعة مسيطرة على السلطة والحكم، وتعمل على تأجيج الصراع في غزة بكل الطرق.
شكل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لجنة تحقيق حول مجريات الأمور وأداء الأجهزة الأمنية خلال استيلاء حركة حماس على مقار الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة والانهيار السريع للأجهزة الأمنية أمام تقدم مقاتلي حركة حماس.
وقد شكل هذا الانهيار السريع للقوات التابعة لحركة فتح أمام القوات التابعة لحركة حماس في غزة صدمة لكل حلفاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنطقة فسقوط غزة في قبضة حماس بهذه السرعة لم يكن متوقعا، خاصة وأن الأجهزة الأمنية التي كانت تسيطر عليها فتح تضم أكثر من ثلاثين ألف رجل دربوا في مصر وبعض الدول الأوروبية تحت إشراف أمريكي ومسلحين بمعدات وسيارات أمريكية وبريطانية إذن ما هو سبب الانهيار السريع لفتح في غزة؟
مصدر أمني مصري رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لبي بي سي العربية إن سبب الانهيار هو أن ’العقيدة القتالية’ لأعضاء القوات الأمنية التابعة لحركة فتح كانت غير مهيأة لتقبل فكرة أن الخطر قادم من مقاتلي القوات التابعة لحماس وليس من قبل القوات الإسرائيلية أما المحللين السياسيين الإسرائيليين، مثل روني شاكيد في هاآرتس، فأرجعوا سبب سقوط غزة إلى تردد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاستعانة بقوات الأمن الوطني (التي تبلغ 30 ألف رجل) في المعارك التي خاضها مقاتلو فتح مع حماس كما ينحي المحللون باللائمة على الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب الحصار المالي المفروض على السلطة الوطنية الفلسطينية والذي أدى إلى عدم استطاعة عباس أن يصرف ماليا على قواته ويجدد من مخزونها في المعدات والذخائر، وهو ما كان متاحا لحماس بفعل صلاتها المالية القوية بالخارج، وذلك في إشارة إلى إيران ويقول شاكيد في مقال منشور له في هاآرتس إن أبو مازن (محمود عباس) اتصل برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، المقيم في دمشق، صباح يوم الأربعاء 13/6/2007 من أجل أن يطلب منه إيقاف إطلاق النار من جانب قوات حماس في غزة، إلا أن مشعل ماطل في البداية ثم رفض بعد أن علم أن قوات حماس باتت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على غزة واحتلال جميع المقار الأمنية التابعة لفتح ويضيف شاكيد أن نفس المكالمة تكررت مع رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية وأن نفس المماطلة تكررت ويعرج شاكيد على محاولات رئيس الوفد الأمني المصري اللواء برهان حماد التوسط بين الحركتين والتوصل إلى اتفاق لإيقاف إطلاق النار، ويقول إن هذه المحاولات باءات بالفشل بسبب مماطلة قادة حماس الميدانيين الذين كانوا يعلمون أنهم على وشك السيطرة على القطاع
المصدر الأمني المصري تمسك في حديثه إلى بي بي سي العربية بما قاله وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط من أن ’أياد خفية’ هي وراء فشل محاولات التقريب بين حماس وفتح والوصول إلى إيقاف لإطلاق النار بينهما
لكنه رفض التلميح أو الإشارة إلى هوية هذه ’الأيادي الخفية".
من جانبها تحاول واشنطن إنقاذ ما يمكن إنقاذه الآن وذلك بدعم عباس ماليا من أجل أن يستعيد سيطرته على الأمور في غزة ومن أجل هذا الهدف أبلغ القنصل الأمريكي العام جاكوب والز الرئيس الفلسطيني إن الولايات المتحدة سترفع حظرا على المساعدات المباشرة عن حكومة الطوارئ التي يعكف على تشكيلها وزير المالية سلام فياض
لكن محللين قالوا إن الخطوة الأمريكية التالية ربما تكون دعم فتح في الضفة الغربية وعزل حماس في غزة حتى يسهل حصارها ماليا واقتصاديا واستهدافها عسكريا، وهو ما سيؤدي وفق الرؤية الأمريكية إلى انهيارها السريع، لكن الخوف أن يؤدي ذلك إلى زيادة تشددها وزيادة قاعدتها الشعبية وأيا كانت نتيجة سقوط غزة في يد حماس، فإنه من المؤكد أن فكرة صنع سلام بين دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، قد ذهبت أدراج الرياح، وذلك لأن الدولة الثانية لم تعد قائمة.
*****
ذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن مدير عام الأمن الداخلي الفلسطيني رشيد أبو شباك يستعد لمغادرة رام الله إلي القاهرة للاستقرار فيها ونقلت صحيفة القدس العربي اللندنية عن هذه المصادر قولها أن أبو شباك يخشى من تحميله مسؤولية ما جرى من انهيار الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة أمام حركة حماس الأسبوع الماضي.
*****
في بيان صادر عن القائد العام لحركة فتح الياسر خالد أبو هلال وصل شبكة فراس الإعلامية نسخة عنه أعلن فيه أن يوم الأربعاء سيتم الإعلان عن تأسيس حركة فتح الياسر من مقر رشاد الشوا بمدينة غزة.
وأنا أتحدث الآن من بيت الشهيد القائد الرمز أبو عمار وبعد أن سقط القناع عن الوجوه واتضح بالدليل والبرهان أن ’محمود عباس’ متورط شخصيا في تيار ’محمد دحلان’ وشريكا مباشرا في كل الممارسات والمؤامرات بدءاً من التآمر على الشهيد القائد ياسر عرفات وطي هذا الملف مرورا بالتآمر مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية على تجويع وتركيع شعبنا من خلال إعلان الحرب المفضوحة على المقاومة وأدواتها مدعومين بالمال والسلاح والنفوذ الصهيوامريكي ، وانتهاءا بالجرائم التي ينفذها الآن ضد شعبنا الفلسطيني عبر احتضانه للتيار الخائن الهارب من غزة ، ليدعمه ويطلق يده في الضفة الغربية لتدمير النسيج الاجتماعي لشعبنا وتحطيم وحدته الوطنية من خلال بث بذور الفوضى والفتنة والاقتتال الداخلي ، مدعوما بالحراسة الإسرائيلية والرعاية الأمريكية المباشرة ، أو عبر قيام عباس بالطلب من الإسرائيليين منع الوقود والتموين عن قطاع غزة لتجويعه وتركعيه ، أو طلبه من الأمم المتحدة استقدام احتلال جديد تحت مسمى القوات الدولية للقطاع ، أو طلبه من موظفي الشرطة والدفاع المدني عدم الدوام بهدف إشعال النار في المجتمع الغزي ، وأخيراً وليس أخرا قيامه بتشكيل ما يسمى بحكومة الطوارئ خروجا عن القانون ، ما يعني فتح المجال أمام العدو وحلفاءه لتقسم الوطن وشرعنه الفصل السياسي وإنهاء قضيتنا الوطنية إلى الأبد
إن كافه هذه الممارسات هي غيض من فيض كثير ، لتدلل بما لا يدع مجالا للشك هوية هؤلاء الأشخاص وطبيعة تكوينهم ، وعليه فإننا نتقدم أولا بالاعتذار من كافة أبناء شعبنا الفلسطيني على ما اقترفته أيدي هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة على مدار سنوات طويلة ، بدأت بمسيرة الذل والعار في أوسلو والتي كان مهندسها ’محمود عباس’ ونعدهم أنه ستأتي اللحظة المناسبة التي سيتم فيها القصاص والمحاسبة ، فتجربة ’أنطوان لحد’ لا زالت ماثلة أمام العيون
وبناءا على كل ما تقدم فقد قررنا التمرد على هذه القيادة البائدة والهالكة بإذن الله ، وبصفتي القائد العام لحركة فتح الياسر في قطاع غزة وجناحها المقاوم ’المجلس العسكري الأعلى فقد قررنا الإعلان عن تأسيس حركة – فتح الياسر – وذلك في الاجتماع العام الذي سيتم عقده في قاعة رشاد الشوا الساعة الخامسة من عصر يوم الأربعاء الموافق 20/6/2007م
*****
وقد أبدى ناهض الريس وزير العدل الفلسطيني السابق، وعضو المجلس الثوري في حركة "فتح" ارتياحه، لما قامت به"كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تخليص غزة من"’الفاسدين".
وقال:"إن الشعب والتاريخ الفلسطيني مدينان لكتائب القسام، والصنيع الذي أهدته للشعب العربي الفلسطيني، يعد صنيع تاريخي إنقاذي، والسبب أن تركيبة السلطة بلغت في السنوات الأخيرة من الفساد مبلغاً يبعث على اليأس".
وأكد الريس أن ذلك جاء"ليس بسبب انعدام الأمن وقيام بعض منتسبي الأجهزة الأمنية بتشكيل مافيات الجريمة والتجارة المحرمة وحسب، ولكن لأن الإدارة الحكومية اجمعها تأسست واستمرت على أسس مرتجلة وذاتية لا علاقة لها بالتخصص والمؤهل والجدارة".
وقال الريس في مقال له حمل عنوان ’إن الباطل كان زهوقا’: ’لقد فشلت محاولات ضبط الإدارة وإصلاحها لأن اللجان التي كانت مهمة الإصلاح توكل لها، كانت من كبار الذين تسببوا في الخطأ أساساً واستطرد قائلا:"لكن هذا كله يهون عن انهيار القيم والأخلاق وشيوع روح العصابة واستنفار العصبيات والدعوات المبطنة لاستئثار كل صاحب فرصة بأي شيء يقع في يده، واعتبار ظلم الأقوياء فروسية وكذب الكاذبين (شطارة) والعمالة للعدو براعة دبلوماسية’. وشدد في الوقت نفسه على أن هذا هو الشيء الذي لا يهون أبداً، مشيراً إلى أن ذلك هو تخريب جذري ومستقبلي".
وأضاف الريس: "إن الإخوة الذين تولوا المعركة في يوم الأربعاء ويوم الخميس الماضيين المجيدين قد وضعوا حدا لمشروع كامل، وأوقفوا السقوط المحتوم لشعب كامل في مستنقع الفساد وحكم المافيات والأيلولة فريسة سهلة ولقمة سائغة للعدو.’
وتابع:"على الجميع أن يعلموا خاصة الإخوة الذين كسبوا المعركة، أن إخوتهم الذين لم يقاتلوهم، وإنما تركوا مواقعهم أو سلموها لهم لم يفعلوا ذلك عن جبن، وإنما هم شركاؤهم في الانتصار الذي أحرزه الشعب بأسره، وقد امتنعوا عن القتال، لأنهم لم يقتنعوا لا بسبب قتالهم ولا بقياداتهم، ولكن ميزوا بين ما يستحق القتال وبين ما لا يستحق، وكان ذلك معنى من معاني الإلهام الإلهي ليكون الباطل زهوقا كما في "الكتاب العزيز".
وفي النهاية,أتمنى لقطبي القيادة أن يراجعوا حساباتهم وأن يضعوا مصالح شعبنا الوطنية العليا فوق كل الاعتبارات الثانوية..! وفي مقال قادم سأتطرق لحركة حماس وأخطائها التي لا تغفر..!