أصدر الرئيس جورج بوش امس قرارا،ينفذ فورا، يمنع أي شخص لبناني أو سوري «متورط بنشاطات تهدد سيادة لبنان وديموقراطيته من دخول الأراضي الأميركية او عبورها»، في حين بدا ان فرقاء فلسطينيين يسعون الى نقل المواجهة الحالية بين الجيش اللبناني وما تبقى من مقاتلي تنظيم «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد، الى مواجهة مع المدنيين الفلسطينيين النازحين من البارد الى مخيم البداوي القريب، بحجة إصرار هؤلاء على عودتهم الى منازلهم. وسقط قتيلان فلسطينيان بالرصاص أثناء محاولة تظاهرة للمهجرين تخطي حاجز للجيش عند مدخل المخيم بالقوة للدخول اليه، على رغم استمرار المواجهات في داخله.

وكانت فصائل فلسطينية منضوية تحت لواء تحالف القوى الفلسطينية المعارضة لمنظمة التحرير ومنظمات شعبية نظمت أمس سلسلة اعتصامات وتحركات احتجاجاً على استمرار نزوح أهالي مخيم نهر البارد وللمطالبة بعودتهم السريعة اليه. وشملت هذه التحركات معظم المخيمات من الجنوب الى بيروت، وصولاً الى الشمال، حيث سارت تظاهرة في الشارع الرئيسي لمخيم البداوي الذي لجأ اليه المهجرون من البارد وناهز عددهم الـ25 ألفاً، لكن جزءاً من المتظاهرين خرج من المخيم وتوجه الى حاجز للجيش على الطريق المؤدية الى البارد، وحمل بعضهم العصي وآلات حادة فمنعهم الجيش من التقدم. وتعددت الروايات حول كيفية تطور الأمر الى إطلاق نار سقط إثره قتيلان من المتظاهرين وزهاء 34 جريحاً، معظمهم جروحهم طفيفة، وبين الجرحى قادة المنظمات المنضوية تحت لواء منظمة التحرير أثناء محاولتهم ثني المتظاهرين عن مواصلة مسيرتهم.

وجاء هذا التحرك من أجل عودة النازحين الى مخيم نهر البارد قبل زهاء ثلاث ساعات من إعلان «رابطة علماء فلسطين» التي سعت خلال الأسابيع الماضية الى الوساطة بين الجيش وبين مسلحي «فتح الاسلام»، في مؤتمر صحافي عقدته بعد الظهر تعليق مساعيها من أجل تسوية أزمة البارد.

وكانت الرابطة اقترحت حل «فتح الاسلام» وتسليم الجرحى من عناصرها والجثث وانكفاء الباقين على قيد الحياة، فيما اصر الجيش على تسليم هؤلاء أنفسهم للعدالة ليخضعوا للقضاء اللبناني، الا ان قادة التنظيم رفضوا الاستسلام. وتزامن فشل محاولات إقناع عناصر التنظيم بتسليم انفسهم مع عدم نجاح الاتصالات بين الفصائل المختلفة لتشكيل قوة أمنية مشتركة تدخل المخيم القديم. وقالت مصادر لبنانية أمنية ان هذه الخلافات هي انعكاس للخلاف الدائر في غزة والضفة الغربية.

وفيما أخذت المواجهة بين الجيش والمتظاهرين طابعاً أهلياً، لأن لبنانيين من البداوي انتصروا للجيش واشتبكوا بالأيدي مع بعض المتظاهرين، قال مدير مكتب منظمة التحرير في بيروت عباس زكي ان «عناصر فوضوية» قامت بتصعيد مفتعل وتسللت الى مسيرة سلمية وأخرجتها من البداوي الى الشارع. ورفض زكي «إرباك الجيش اللبناني». وسبق إطلاق النار وتبعه إحراق لإطارات سيارات في الشوارع خارج البداوي.

ومساء صدر عن قيادة الجيش البيان الآتي: «تظاهر عدد من الاشخاص، انطلاقاً من مخيم البداوي وأقدموا على قطع الطريق العام بالدواليب المشتعلة والعوائق، مطالبين بالعودة الى مخيم نهر البارد. وعملت قوى الجيش جاهدة لإنهاء هذا التحرك سلمياً لكنها لم تلاقِ أي تجاوب من المحتجين الذين حاولوا اجتياز الحواجز العسكرية من دون الامتثال للانذارات المتكررة من عناصر الجيش، كما لم يهابوا اطلاق النار التحذيري بعدما شكل اندفاع المتظاهرين المزودين بالعصي والآلات الحادة تهديداً أكيداً لسلامة تلك القوى».

وأضاف البيان: «ان قيادة الجيش الضنينة بكل نقطة دم تراق من أي فلسطيني شقيق، تهيب بالأخوة الفلسطينيين التنبه الى ان ليست بهذه الطريقة تكون العودة الى المخيم، وتتمادى باستهداف مراكز الجيش ولم ترضخ لنداءات الاستسلام المتكررة، وكي لا تشكل عودتهم مجدداً دروعاً بشرية للارهابيين، بالتالي مصدر خطر عليهم، تدعوهم الى مزيد من الصبر وضبط النفس حتى انهاء هذه الحالة الشاذة، وتأمين العودة الكريمة لهم والشروع بإعادة بناء ما تهدم».

وسعت قوى 14 آذار الى استيعاب حادث إطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين، وذلك في بيان أصدرته مساء أمس، فأسفت لسقوط الضحايا في البداوي واعتبرتهم شهداء الشراكة اللبنانية – الفلسطينية في حفظ أمن الشعبين. وأشارت الى اتخاذ «عصابة (شاكر) العبسي المدنيين الأبرياء رهائن داخل المخيم...».

وإذ شددت قوى 14 آذار على ان الجيش أثبت حرصه على المدنيين الفلسطينيين فإنه «لا يتحمل مسؤولية سقوط الضحايا بل تتحمل هذا الوزر المجموعات التي كانت تقود التظاهرة وأقحمت أبناء المخيم لأهداف سياسية لديها بهدف فك الحصار عن القتلة» («فتح الاسلام»). ورأت ان ما حصل هو «تنفيذ لمخطط سوري باستغلال معاناة الفلسطينيين لضرب الاستقرار وحماية القتلة وتحريض أبناء المخيمات على أشقائهم اللبنانيين».

ودعا البيان أنصار قوى 14 آذار في الشمال الى التزام أقصى درجات الهدوء وعدم الانجرار الى أي استفزاز.

واصدرت «قوى التحالف الفلسطينية في لبنان» بياناً ليلاً دانت فيه «الجريمة المجزرة التي ارتُكبت بحق أهالي مخيم نهر البارد النازحين الى البداوي»، وطالب البيان الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش بـ «اجراء تحقيق عاجل ومحاسبة مطلقي النار على المسيرة خصوصاً ان قيادة الجيش في الشمال أبلغت الفصائل انها لم تطلق النار مباشرة على المسيرة انما هناك مسلحون لبنانيون أطلقوا النار وهم معروفو الانتماء السياسي». وحذر البيان من «وجود جهات لبنانية تسعى لفتنة لبنانية – فلسطينية تخدم المشاريع الاميركية – الصهيونية». ودعا الى حل سياسي لأزمة نهر البارد يوقف القتال ويحفظ المخيم وأهله ويمنع تداعيات سلبية للأحداث».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)