عاد موضوع الحدود اللبنانية السورية إلى واجهة الاهتمام الدولي واللبناني على حد سواء بعد التقرير الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة واقترحت فيه نشر خبراء دوليين لمساعدة السلطات اللبنانية في ضبط الحدود.

وكرر رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في نهاية زيارته المظفرة إلى باريس وانتقاله إلى روما حيث التقى نظيره الايطالي رومانو برودي، طلب تعزيزات إلى لبنان من شأنها منع تمويل «الحركة الأصولية» بالذخائر والأسلحة والرجال التي وصفها السنيورة بأنها تأتي من سوريا.

فجأة ودون مقدمات يظهر فؤاد السنيورة بوجهه الحقيقي مكشرا عن أنيابه في حضور سيد الإليزيه نيكولا ساركوزي ومتهما الشقيقة سوريا علانية بسيل من الافتراءات والظلم الذي لا يقبل به عقل ولا تتسع لاختزانه ذاكرة، سوريا بين ليلة وضحاها باتت العدو اللدود للسنيورة وحكومته الرشيدة التي جرت للبلاد الفقر والخراب والأزمات الاقتصادية التي لا يمكن الخروج من دهاليزها حتى ولو تم بيع لبنان بالمزاد العلني.

وأمام العمليات العسكرية التي شارفت على نهايتها في نهر البارد يطل الرئيس الفاقد للأهلية فؤاد السنيورة عبر المنابر الباريسية مستجديا ومستعطفا الدول الأوروبية والولايات المتحدة للعمل على «تخليصه من الشرور السورية والأعمال التخريبية» التي لحقت بالبلد.

المعارك مازالت على حالها ولو بوتيرة أقل من الاسابيع الماضية ولبنان فقد صيفه السياحي بسبب اشتباكات نهر البارد التي حولت الأجواء اللبنانية إلى مرجل يغلي وسخونة كبيرة في كل أرجاء الوطن الذي بات يترقب الحل من خارج الحدود بنكهة دولية أو عربية والساعة الحسم لم تعرف حتى هذه اللحظة.

واعلن الجيش اللبناني ان فلول ما يسمى فتح الإسلام تعمد إلى استهداف مراكز الوحدات العسكرية بنيران القنص من عمق المخيم، مستخدمة منازل المدنيين منطلقا لهذه الاعتداءات، مستغلة من تبقى من الأخوة الفلسطينيين للاختباء بينهم ومصادرة مواد الاغاثة المرسلة اليهم.

قيادة الجيش جددت دعوتها إلى الاخوة الفلسطينيين داخل المخيم بوجوب اتخاذ الموقف الشجاع والمسؤول عبر التصدي لهذه الجماعة الإرهابية واقناع هؤلاء المسلحين الضالين بتسليم انفسهم، لان استمرارهم في قتالهم العبثي لا جدوى منه سوى إلحاق الضرر بالشعبين اللبناني والفلسطيني اصحاب القضية الواحدة. الجيش اللبناني الذي يبسط سلطته على اكثر من جبهة مستمر على ما يبدو بملاحقة الارهاب اينما وجد، مؤكدا التزامه تنفيذ القرار 1701، وان الجنوب لن يكون ساحة مباحة لصراع الآخرين على ارض لبنان، ولن يألو جهدا للحفاظ على امن الجنوب وسلامته كمدخل لامن لبنان واستقراره. السنيورة يكرر خطاباته وكأنه يتلو قصيدة في كل مكان يحل فيه ضيفا بان المجتمع الدولي لن يرضخ للترهيب واصفا الاعتداء على الوحدة الاسبانية بالمشين وان الهدف منه كان ترهيب قوة اليونيفيل وحرفها عن تحقيق هدفها الفعلي الا وهو ضمان السلام والامن. وتابع السنيورة قبل بدء لقائه مع نظيره الايطالي رومانو برودي الذي تشارك بلاده بأكبر كتيبة في قوة اليونيفيل ان الاعتداء ضربة للامن وللسلم الاهلي في لبنان وتحد موجه الى المجتمع الدولي الذي لن ينصاع للترهيب. واضاف السنيورة ان اسبانيا و الدول الاخرى المشاركة في قوة اليونيفيل لا تزال ملتزمة بالعمل على تحقيق السلام والامن في لبنان مؤكدا انه حصل على ضمانات بهذا المعنى. وتوجه السنيورة الى برودي الذي كان واقفا الى جانبه بالقول: انا هنا لاقول لك إن بلادي ستقوم بكل ما هو ممكن لضمان امن قوة اليونيفيل. المضيف الايطالي اكد بدوره الالتزام القوي لايطاليا دفاعا عن لبنان حر وسيد معتبرا ان البلدين صديقان وان السنيورة صديق شخصي. السنيورة الذي اعتلى المنابر الباريسية لم يعرف تقرير الامم المتحدة الذي اوصى بنشر مراقبين دوليين على الحدود مع الجارة والشقيقة سوريا لكنه من جانب آخر يؤكد بوجود معسكرين على الحدود بين البلدين، معسكر لفتح الانتفاضة ومعسكر للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، وخلال الاسابيع الماضية سجلت وبشكل واضح تعزيزات بالذخائر والاسلحة ونوعيتها والرجال، في هذين المعسكرين اللذين هما على الحدود اللبنانية ـ السورية، داخل الاراضي اللبنانية، اي ان تواصلهم مع الحدود السورية مباشر وتأتيهم التعزيزات والمؤن وحتى الاكل الساخن والكلام دائما لسيد قريطم.

فؤاد السنيورة الذي ركب رأسه واستمع لمن يأخذونه نحو المجهول اعتبر تشكيل حكومة ثانية من باب التهويل وفقاعات صابون ونسي سيد قريطم ان الرئيس العماد اميل لحود بيده المفتاح والحل وغير ذلك هراء وأوهام تعشش في رؤوس أقطاب الرابع عشر من فبراير.

وفي باريس ايضا قالت وزارة الخارجية الفرنسية بلسان الناطق جان باتيست ماتييه انه على سوريا أن تحترم الحظر على الأسلحة الى لبنان معتبرة ان المعلومات الاخيرة حول ادخال اسلحة بشكل غير شرعي على الحدود بين البلدين تثير قلقا شديدا. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان الحظر على الأسلحة الوارد في القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي يجب ان يحترمه الجميع وفي المقام الاول سوريا لأنه التزام يفرض على الجميع وأضاف ا ن معلومات مستقاة من مختلف المصادر تشير الى تهريب اسلحة بشكل غير مشروع على الحدود وهو امر مثير للقلق الشديد.

هذا كلام رخيص يراد من خلاله توجيه أصابع الاتهام الى سوريا وزجها في كل حادثة تطال التراب اللبناني فيما الايادي التي تعبث بالامن والسلم الاهليين تسرح وتمرح في كل المناطق اللبنانية تخرب وتفجر وتزرع الخوف بين الناس بلا حسيب ولا رقيب وأصابع الاتهام توجه على الدوام الى سوريا.

وامام كل ما يجري في لبنان يتوقع ان تصل القضية الى فتح جبهة الجنود مرة اخرى ضد اسرائيل باعتبار ان الدولة العبرية لم تعد تتحمل آثار الهزيمة المدوية في حرب يوليو العام الماضي ولهذا سيباغت حزب الله قوات الاحتلال بضربة استباقية.

تيمور غوكسيل الذي عمل لمدة 24 سنة متحدثا باسم قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان والخبير في الشؤون الجنوبية، يقول انه لا يمكن لاسرائيل ان تدع احدا في الشرق الاوسط يعتقد انها هزمت امام حزب الله وعودة مصداقية الجيش المهزوم تحتاج الى نصر على أرض الجنوب.

وتبدو الصورة واضحة من جانب حزب الله الذي خرج من معظم مواقعه جنوب نهر الليطاني لكن استعداداته اخذت بالتصاعد وقدراته الصاروخية ستكون اكثر تأثيرا في الجولة المقبلة، فهل يتعظ السنيورة مما يجري حوله ام انه ركب رأسه وفق خيارات وإملاءات اميركية لا تريد الخير والطمأنينة للبنان بينما تمتين العلاقات مع سوريا يحمي لبنان من شر الفتن والمؤامرات المتربصة بالبلد.

مصادر
الوطن (قطر)