قبل أربعة أيام من لقاء الحوار على مستوى الصف الثاني بين أطراف طاولة الحوار اللبناني في سيل سان كلو في ضاحية باريس، لم تخل الساحة السياسية اللبنانية من تبادل الحملات التي تأمل الخارجية الفرنسية ضمناً بأن تقود مبادرتها الى خفضها بنتيجة رعايتها لطاولة الحوار.

وفيما ابلغت دمشق الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى التي زارها في اطار مساعيه لحل الازمة اللبنانية انها تدعم جهوده على اساس تحقيق التوافق اللبناني لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتهيئة الاجواء لانتخابات رئاسية وفق الاصول الدستورية، لمح موسى الى وجود اطراف تريد «ألا تتدخل» الجامعة العربية لحل الازمة اللبنانية عبر «الاصطياد في المياه العكرة»، مشدداً على انه «ليس ساعي بريد» بل «رجل عنيد ومقتنع بضرورة حل المشاكل العربية عربيا».

وعلمت «الحياة» ان اتصالات تجري لقيام الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بزيارة دمشق في 19 الشهر الجاري، يتوقع ان تتركز المحادثات خلالها على تطورات الاوضاع الاقليمية، بما فيها الوضع في لبنان.

وكان موسى اجرى امس محادثات رسمية مع الرئيس بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، بعد «جلسة خاصة» تمهيدية عقدت ليل اول من امس. وافاد بيان رئاسي سوري ان الاسد اطلع من الأمين العام للجامعة على نتائج زيارته لبيروت و «سبل استئناف جهود الوساطة التي يقوم بها لإيجاد صيغة توافقية للحل بين الاطراف اللبنانية، وان سورية اعربت عن دعمها مهمة الامين العام في لبنان والهادفة الى تحقيق التوافق بين الاطراف اللبنانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية».

وكانت مصادر ديبلوماسية افادت ان موسى سيسعى الى «جس نبض» دمشق ازاء ثلاث قضايا تتعلق بممارستها النفوذ على اصدقائها في لبنان للعودة الى طاولة الحوار وبحث احتمالات جديدة لنشر مراقبين على الحدود السورية - اللبنانية وموضوع المنظمات الفلسطينية في لبنان. لكن لوحظ ان البيان الرسمي السوري، لم يتطرق الى اي من هذه المسائل. وقال مصدر عربي ان موسى «لم يسمع جديدا».

وعلمت «الحياة» ان محادثات موسى في دمشق تركزت على الموضوعين اللبناني والفلسطيني مع تطرق سريع الى الشأن العراقي. إذ اكدت سورية على «تشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس التوافق اللبناني وضرورة تهيئة الأجواء لاجراء انتخابات رئاسية وفق الاصول الدستورية»، اضافة الى تأكيد «الحرص السوري على امن لبنان واستقراره» ودعم دمشق «التحرك العربي وجهود موسى لحل الأزمة اللبنانية».

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن دمشق مقتنعة ان «الجهود مستمرة وغير منقطعة مع اصدقائها، للوصول الى التوافق»، ما يعني توقع الجانب السوري ان يستغل موسى «علاقاته مع جميع الأطراف لتأسيس الوفاق اللبناني».

وفي بيروت، لم يمر امتداح السفير الفرنسي برنار ايمييه في كلمة ألقاها أول من أمس في المختارة، أثناء احتفال التكريم الذي أقامه له رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط لقوى 14 آذار ولحكومة الرئيس فؤاد السنيورة باعتبارها الوحيدة الشرعية والدستورية، من دون تعليقات من المعارضة، وتحديداً من رئيس البرلمان نبيه بري الذي انتقد موقف ايمييه. وقال بري ان الموقف «المنحاز» الذي اتخذه السفير ايمييه «هو في أحسن الحالات موقف ضد لقاء الحوار الذي سيعقد في فرنسا... وجواباً على السفير خير جواب اننا سنصر على حضور مؤتمر فرنسا وتلبية الدعوة الفرنسية مشكورة للمساهمة في تخفيف الحدة بين اللبنانيين».

وسبق تصريحات بري كلام للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء استقباله أسر الجنود الاسرائيليين الثلاثة المخطوفين في فلسطين ولبنان، قال فيه ان هدفه ان يتوقف «حزب الله» عن أعماله «الارهابية»، وان «يتحول الى حزب سياسي مثل سواه». وسئل الناطق باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون عن كون ساركوزي وصف «حزب الله» بأنه ارهابي، فأجاب: «نعم».

وكان رئيس المجلس السياسي لـ «حزب الله» السيد ابراهيم أمين السيد رأى ان «المشكلة الجوهرية مع فريق 14 شباط ليست الحكم والحكومة والوزارات، انما لأن هذا الفريق بات جزءاً من المشروع الأميركي الهادف الى نزع سلاح المقاومة».

أما على صعيد تداعيات بيان مجلس المطارنة الموارنة وتحفظاته عن بعض قرارات الحكومة وردود الفعل عليه، بدءاً برد الحكومة السبت الماضي، فقد عقد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع مؤتمراً صحافياً علّق فيه على تأييد بعض قوى المعارضة لبيان المطارنة، واصفاً الاسبوع الماضي بأنه كان «أسبوع العهر بامتياز».

ودافع جعجع بقوة عن السنيورة إزاء الحملة عليه وعلى الحكومة مستغرباً اتهامها بأسلمة البلد في إشارة الى تصريحات المطران بشارة الراعي. واعرب عن اعتقاده بأن «ثمة مؤامرة على حكومة السنيورة لكسر الصخرة الأولى في وجه عودة السوريين إلى لبنان». وقال: «لماذا كل هذا الهجوم على السنيورة لأن سورية بأمها وأبيها خط الدفاع الأول التي تضعه نصب عينيها هو فؤاد السنيورة. البعض منا للأسف لا يعرفون ويساعدون جلادي الأمس على كسر الصخرة التي تقف في وجههم لدخول لبنان فيدخلونه مجدداً».

وأشار الى تراكم اللاتوازن في الادارات منذ عهود سائلاً: «اين كان الرئيس لحود والوزراء المسيحيون وكل هذا الخلل حصل في عهدك». ودافع جعجع عن قوى الأمن الداخلي. واعتبر ان «كل الجرائم ترتكب باسم التوازن في البلد، والحل الوحيد انتخاب رئيس جديد للجمهورية». ودعا الجميع الى الاتفاق على مرشح واحد، وقال: «ان ردود فعل بعض المسيحيين كرد فعل المجموعات الاصولية الاسلامية».

ورد لحود عبر مكتبه الإعلامي على جعجع، معتبراً انه «يحرض طائفياً ومجازره ضد المسيحيين سبب ضعفهم».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)