ما ذكرته افتتاحية صحيفة “الثورة” السورية أول من أمس، لم يكن مستغرباً بالنسبة للعديد من اللبنانيين والمتابعين للشأن اللبناني. حتى إنه ليس بعيداً عن تصوّر الحل الذي تقوم على أساسه المبادرات العربية وغير العربية.

“الحل يمر عبر دمشق”، هذه الجملة قد تكون من المسلمات لدى السياسيين اللبنانيين كافة، قبل أن تعلنها افتتاحية “الثورة” صراحة للمرة الأولى. فرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري سبق موقف الصحيفة السورية، التي تعبّر إلى حدّ بعيد عن الموقف الرسمي لدمشق، حين كان يعلن

أن على الموفدين الدوليين والعرب الساعين إلى حلّ الأزمة في لبنان المرور بدمشق قبل أو بعد مجيئهم.

لم يكن الموقف السوري بحاجة إلى مثل ردة فعل “الأكثرية” الصاخبة، طالما أن “الأكثريين” أنفسهم لا يفوتون فرصة لاتهام دمشق بعرقلة مبادرات الحلول اللبنانية، وبالتالي فهم يسلمون مسبقاً بهذه الحقيقة، أي أن إعلانها على الملأ للمرة الأولى سورياً ليس مفاجئاً لا لهذا الطرف اللبناني أو ذاك.

وبما أن الطرفين اللبنانيين يسلمان بصورة مباشرة أو غير مباشرة بهذه الحقيقة، فماذا عملا فعلياً، وخصوصاً الطرف الحاكم، لتدارك انهيار الوضع اللبناني؟

من السياق الزمني للأزمة اللبنانية، فالمبادرات كافة سواء داخلية أو خارجية تجنّبت المرور عبر دمشق. وها هم اللبنانيون اليوم يتجهون إلى باريس للبحث عن نافذة حل، قد يجدونها أو لا يجدونها.

في المقابل، فإن الباب السوري لم يطرق إلا أخيراً عبر زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى دمشق قبل أيام، فيما كان كثير من الأطراف العربية والدولية، ولا تزال، تسعى إلى القفز فوق أي دور سوري في الداخل اللبناني بالاتجاه إلى طهران مباشرة، وهو ما لم ينجح في إحداث اختراق حتى اليوم.

فالباب السوري لم يجرّب بعد، وحتى العلاقات اللبنانية السورية مجمّدة إلى أجل غير مسمى، وهو ما يتعارض مع أبسط معادلات العمل السياسي الدولي. فبعد زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إلى دمشق لدى تسلمه مهامه قبل نحو عامين، لم تحدث أي زيارة رسمية لبنانية إلى العاصمة السورية، انسجاماً على ما يبدو مع قرار المقاطعة الأمريكي.

ورغم قرار طاولة الحوار الأولى بفصل العلاقات اللبنانية السورية عن التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، إلا أن أي محاولة لإعادة العلاقة بين الدولتين لم تقم، ولم تجر أي محاولة لحوار حقيقي. بل على العكس كان ما ينقص العلاقات خلال الفترة الماضية هو إعلان الحرب، رغم أن الاتصالات بين الدول لا تنقطع، حتى في وقت الحروب. فماذا تنتظر الدولة اللبنانية؟

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)