لم يعد مصطلح «الصراع العربي ـ الإسرائيلي» او الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني مطروحا اليوم فقد بدا في هذه الايام ينحسر ويتلاشى امام مصطلحات وعناوين جديدة مثل تحدي حركة حماس في قطاع غزة وتحدي المشروع النووي الايراني.

فجميع خرائط الطرق السابقة تغيرت مائة وثمانين درجة وصار سلم اولويات اسرائيل يتمحور حول مخاطر عدة «دولة حماس في الجنوب وسوريا وحزب الله في الشمال والتهديد الايراني الآخذ في النشوء على المدى البعيد» ولذلك فإن قيادة اسرائيل الحالية انتهزت الظرف القائم لوضع كل الخطط والآليات السابقة في الثلاجة لتعمل مع المجتمع الدولي الذي تقوم بتفعيله الولايات المتحدة لمواجهة هذه «المخاطر» بطريقة مختلفة عما سبق. والمفارقة هنا ان اسرائيل استطاعت تبريد صراعاتها الداخلية التي اندلعت في اعقاب الفشل في حرب لبنان الاخيرة بينما الفلسطينيون واللبنانيون انشطروا نصفين وكذلك العرب الذين يتوزعون بين «معتدلين ومتشددين» انسجاما مع التوصيف الاميركي الحديث.

ايهود اولمرت الآن في دائرة الخطر سيما وان حكومته تعززت بجنرال عتيق و«صقر» من صقور حزب العمل.. وتعمل تحت قيادة ثعلب ماكر اسمه شمعون بيريز في حين صمت الصقر الليكودي الشهير بنيامين نتانياهو عن الكلام المباح لان اسرائيل اليوم في أزمة خطرة تستوجب ان يصمت فيها جميع الطامحين لوراثة الحكم الى ان تهدأ العاصفة.

في المقابل ماذا فعل الفلسطينيون ببعضهم البعض بعد أحداث غزة الاخيرة التي سيطرت فيها حركة حماس على القطاع بأكمله لقد اندلعت حرب مفتوحة بين سلطة محمود عباس الفتحاوية و«حماس»ترافقها سجالات عقيمة وحامية ترفض اي حوار او تسوية وتهدف الى قتل مشروع حماس بكل الاسلحة المتاحة (الحصار السياسي والاقتصادي واستحضار القوات الدولية) الى ان وصلت الامور مؤخرا الى حد اتهام حماس بحماية تنظيم القاعدة واتاحة موطئ قدم له في قطاع غزة في محاولة لتجييش العالم ضد «الارهاب» الذي يزعم انه صار في احضان حركة حماس.

وفي خضم هذه التحولات والمتغيرات الخطيرة مازال العرب خاصة «المعتدلين» منهم يهرعون الى اسرائيل في محاولة متجددة وعقيمة لاحياء المبادرة العربية للسلام عوضا عن تدخلهم الفاعل والجاد لاطفاء الحرائق الداخلية في كل من فلسطين ولبنان وترتيب اوضاعهم الداخلية لمواجهة اسرائيل بالمبادرة.

والسؤال هنا كيف يمكن الدفع بالمبادرة العربية للسلام وسط هذه البؤر الداخلية المتفجرة في ظل الهوس الاسرائيلي نحو تدمير الخطر الحمساوي الجديد وباتجاه استفزاز لبنان وسوريا وايران والجواب عن هذا السؤال واضح وهو ان الحراك العربي والدولي الجديد لا يعدو كونه حراكا ديكوريا لا يقدم او يؤخر في طبيعة الخطط الاميركية ـ الاسرائيلية التي لا تقبل التراجع.

مصادر
الوطن (قطر)