بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية العربية والاقليمية والدولية لمنع الوصول الى خط اللاعودة بشأن الازمة اللبنانية المتفاقمة والتي بات الحل فيها ينتظر تصاعد الدخان الابيض والذي قد يأتي على يدي الرجل القبضاي في لبنان ميشيل المر وفق ما افرزته جولاته المكوكية في الايام الماضية والتي سعى خلالها لانجاح مبادرة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والخطوات المتبعة ولو على نار هادئة لعودته الى بيروت ونزع فتيل الازمة المتفاقمة بين الفرقاء. باتت الولايات المتحدة الاميركية مقتنعة أكثر من اي وقت مضى ان العصا السحرية للأزمة السياسية في لبنان لن يكتب لها النجاح دون المرور بالعاصمة السورية دمشق وهو ما افرزه اللقاء المطول بين نائب رئيس مجلسي النواب والوزراء اللبناني الاسبق ميشيل المر وضيفه السفير الاميركي جيفري فيلتمان بحيث انصب الحوار بين الرجلين على التشكيلة الوزارية المقبلة في حكومة اتحاد وطني يكون فيها القرار جماعيا وليس بالقسطاس المريح.

والمر الذي يدرك دقة الموقف وحراجته يعلم تماما ان هناك جملة عقبات يعمل على حلها وهي تهيئة الاجواء للانتخابات الرئاسية وهذه الجملة يفسرها كل من الفريقين من منظاره لذلك يبذل الرجل القوي في كتلة الاصلاح والتغيير برئاسة النائب العماد ميشيل عون الذي زار مؤخرا العاصمة القطرية الدوحة واستمزج رأي اميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والنصائح التي خرج منها عون على لسان مضيفه الذي يقرأ الامور بميزان الذهب حبا وحرصا وخوفا على لبنان وشعبه الذي يعاني من تشرذم الاقطاب.

اما لجهة امين عام الجامعة العربية عمرو موسى فهو سيعاود تحركه وستكون له زيارة الى دمشق في الايام القليلة المقبلة من اجل حلحلة الامور على صعيد الازمة، زيارة موسى الى عاصمة الامويين ستحمل الكثير من الحلحلة وحتما سيعود موسى الى بيروت وسلته مليئة بالعنب الدمشقي الممتزج بعبق الياسمين والخير الذي اعتادت تقديمه سوريا للأشقاء اللبنانيين الذين بات بعضهم في أقطاب الرابع عشر من شباط (فبراير) يمشي وفق اهواء الادارة الاميركية التي تعطي تعليماتها اليومية بالبريد المضمون لمندوبها السامي في عوكر ونعني السفير جيفري فيلتمان.

وعلى خط مواز يجب ان تواكب زيارة موسى الى دمشق زيارة اخرى لوزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الى العاصمة النووية طهران لمقاربة الخطوط الى بعضها البعض وفتح قنوات طيبة المعالم على خط دمشق بيروت الذي بات يعاني من شدة التوتر بين البلدين الشقيقين والقريبين من بعضهما البعض كقرب الرمش من الجفن وهي علاقة تاريخية واستراتيجية لن يقدر على محوها فؤاد السنيورة ولا تصريحاته العنترية ولا حتى تطبيل وتزمير وليد جنبلاط ولا قرقعة سمير جعجع ومن ينخدع بكلماته التحريضية القاتلة كالسم الزعاف.

وأشارت معلومات اخرى الى ان خيار الحكومة الثانية الذي كان مطروحا بقوة رأت المعارضة ان تأجيله يؤمن فرص النجاح للتواصل السعودي - الايراني الذي يعمل على تخفيف التصعيد وهو مستمر لايجاد الحل وهناك اقتراح تدرسه الاكثرية ومفاده ان يقدم وزيران من الحكومة استقالتيهما فتصبح الحكومة مستقيلة وبالتالي تقوم فقط بتصريف الاعمال وبذلك تكون الاكثرية قد قطعت الطريق على اي خطوة سيقوم بها الرئيس العماد اميل لحود لانه يعتبر هذه الحكومة غير شرعية بحيث تستطيع هذه الحكومة ان تجري الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي وبيروت وتشرف على الاستحقاق الرئاسي.

ويبقى التخوف المشروع من التدخل الاميركي الذي يعمل في اللحظات الحاسمة بإبطال مفعول الزيارات المتلاحقة للمندوبين العرب والاجانب فيعكس اهل السلطة بوصلته 180 درجة على خط العرض انصياعا امام الفيتو الاميركي الذي بات معروفا حتى لدى جماعة السنيورة بأنه القاضي والمشرع والمفتي في كل القضايا وفقا لمصالحه في المنطقة وهو ما تفرزه الاعمال الحربية في العراق وما تلحقه المقاومة الباسلة بصــــــــفوف عساكره من ضحايا وكسر لهيبة الجنود المارينز الذين كانوا بالامس مفخرة لكل مواطن اميركي على وجه الارض.

القوة الامنية التي ستدخل المخيمات الفلسطينية في لبنان خصوصا في مخيم نهر البارد بمسماه والساخن بأحداثه ستكون مؤلفة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف وعصبة الانصار وانصار الله ويتم درس آلية تشكـــــيلها ومهماتها، وهي ستدخل لضـــــــبط المخيم والبدء بحل تنظيم فتح الاسلام على ان يتم تسليم عناصر التنظيم اللبنانيين والفلسطينيين الى القضاء اللبناني اما العناصر العربية منهم فسيتم تسليمهم لسفارات دولهم.

ونستوقف الرأي هنا للحديث عن قائد المجموعة المخلة بأمن نهر البارد ونعني الاردني شاكر العبسي الذي انقطعت اخباره نهائيا وقد يكون قد هرب الى جهة مجهولة منذ انطلاق العمليات الحربية مع الجيش اللبناني باعتبار مصيره ومصير رفاقه الكبار امثال ابو هريرة وابو سليم طه ما زال مجهولا ولو الى حين.

واضافت المعلومات ان هذا الموضوع اصبح على نار حامية وتضيف معلومات اخرى ان الجيش اللبناني الذي اظهر كفاءة كبيرة في القتال الصعب في الازقة والشوارع الضيقة والسراديب المجهولة في مخيم نهر البارد لن يتدخل هذه المرة في هذه القوة وسيتسلم منها العناصر من فتح الاسلام فور توقيفهم والذين يبلغ عددهم ما بين سبعين ومائة عنصر رغم الاعتراضات المتلاحقة من حماس المعترضة على تشكيل القوة واستثناء الحركة منها وهو ما ازعج الفصيل الفلسطيني الذي يتلقى الصدمة تلو الاخرى داخل وخارج فلسطين. ورغم ذلك لم تعلق قيادة الجيش اللبناني على مبادرة منير المقدح على تشكيل قوة فتحاوية للانتشار في نهر البارد.

لكن مصادر امنية لبنانية قالت ان الامر مبالغ فيه وما زال مجرد فكرة ويبدو ان هذا الامر غير قابل للتحقيق باعتبار ان موضوع تشكيل قوة فلسطينية يجب ان يحظى بموافقة كل الفصائل الفلسطينية وهو الامر الذي بات مثار بحث ومفاوضات بين الفصائل المتناحرة. اضافة الى ذلك يتوجب على قيادة الجيش اللبناني الاعلان عن موافقتها على تشكيل هذه القوة لكن هل تكون فكرة الانتشار بعد القضاء على عصابة فتح العبسي ومن يقف في خطه أم قبل الانتهاء من العملية الجراحية المؤلمة والمؤثرة التي تبناها الجيش اللبناني.

اضافة الى ذلك يتضح سؤال بات مطروحا بقوة في الشارعين اللبناني والفلسطيني باعتبارهما اكثر المعنيين في القضية مفاده هل ستكون القوة للفصل ام انها للانتشار في المخيم والاشراف على حل تنظيم فتح الاسلام وهو شرط اساسي طرحته قيادة الجيش كمفتاح رئيسي للحل والذي يتضمن تسليم افراد هذه العصابة التي تسببت بدمار هائل للمخيم الذي كان بالامس القريب آمنا وبلا تصدع او مناوشات وعمليات عسكرية حملت الجيش اللبناني على تقليم انياب تلك الجماعة ولو بفترة طويلة.

وبدورها قالت مصادر فلسطينية في فصائل منظمة التحرير في لبنان ان موضوع انشاء القوة من شأنه انهاء تلك الحالة غير الشرعية في مخيم لم يكن يوما في مدار البحث والصراعات والشرذمة التي طالما تعصف بالخيارات الفلسطينية المختلفة العقائد والانتماءات.

وبدورها قالت مصادر فلسطينية في فصائل منظمة التحرير في لبنان ان موضوع انشاء القوة تمهيدا لنشرها في المخيم ما زال قيد التحضير والمناقشة وهو مرهون بترتيبات واجراءات من جانب الدولة ومن جانب القوى الفلسطينية. اضافت ان المناقشات حول هذا الموضوع تسير ببطء نظرا لبعض العقد والعقبات التي تعترض قيام هذه القوة واكدت ان استكمال الموضوع يحتاج الى موقف فلسطيني موحد من جانب كل الفصائل الفلسطينية مشيرة الى ان فصائل منظمة التحرير جاهزة للمشاركة في القوة لكن استكمال التحضيرات يتطلب امرين: الاتفاق مع الفصائل الاخرى حول مهمة القوة ودورها واخذ الضوء الاخضر من جانب الدولة لنشر هذه القوة وبالتحديد من جانب قيادة الجيش. وقالت ان المسألة لا تزال تتطلب المزيد من الاتصالات لتحديد الدور والمهمة لهذه القوة قبل ان تبدأ الاجراءات العملية لانشائها.

ويبقى السؤال: هل نشهد انفراجا للازمة الحالية في المخيمات الفلسطينية والتعقيدات الحاصلة على ارض لبنان ويكون الحل الشافي والوصفة السحرية من العاصمة السورية دمشق التي يكن لها معظم الاطراف الاحترام باعتبارها الضمانة الحقيقية للبندقية الفلسطينية والحاضنة الدائمة للبنانيين والمدافعة على الدوام عن عروبة لبنان وترابه من الشر المتربص به جنوبا.

مصادر
الوطن (قطر)