رئيس وزراء حكومة الطوارئ المؤقتة _ رام الله_ سلام فيّاض أدلى بتصريحات لصحيفة (هآرتس) نقلتها عدّة صحف، ومواقع إنترنت عربيّة، وبثّتها فضائيّات عربيّة، طمأن فيها ( إسرائيل) قائلاً : حّق العودة يجب ألاّ يقلق ( إسرائيل) ، فهذا لن يتّم إلاّ بموافقتها...

لم ينف سلام فيّاض تصريحاته، هو الذي يعلم بأنه لا شئ يقلق(إسرائيل) اكثر من حّق العودة للفلسطينيين، وتشبّث الفلسطينيين جيلاً بعد جيل بهذا الحّق المنصوص عليه في الأمم المتحدة برقم 194، وهو حّق فردي لا ينوب فيه أحد عن أحد، بما في ذلك السيّد فيّاض الذي لا يملك حّق التنازل عنه نيابة عن زوجته وأفراد أسرته .

هذا التصريح هو تقديم أوراق اعتماد من السيّد سلام فيّاض للإدارة الأمريكيّة و( إسرائيل) ، يعرض فيه جاهزيته للقيام ( بدور) غير طارئ في مسار(تسوية) القضيّة الفلسطينيّة ، بحيث يعتمد ، ويأخذ دوره بقوّة في مقدمة فريق ( أوسلو) الذي تآكل دور بعض ( رموزه) .

سلام فيّاض لا ينتمي لفتح ، أو لأي فصيل فلسطيني ، فهو عمل كخبير مالي في البنك الدولي، وعرف فلسطينيّا بعد تعيينه كوزير مالية، وبذله جهودا لتنظيم وزارة الماليّة الفلسطينيّة ، وقد شهد له بالكفاءة ، وبقدرته على تخطّي العراقيل التي وضعها (اللصوص )لإفشاله .

واضح أن الرجل يرى بأنه يملك إمكانات سياسيّة للبروز كشخصيّة فلسطينيّة تتبوّأ دورا كبيرا ، في لحظة الفراغ والعجز والتمزّق الفلسطيني بعد مأساة(غزّة) ، والمأزق الذي دخلته القضيّة الفلسطينيّة، وهو ما يريد تعزيزه بتقديم تنازلات تعود عليه بالرعاية الأمريكيّة والرضى(الإسرائيلي)، فهو ليبرالي وديمقراطي و..معتدل جدّا !.

سلام فيّاض لا يخادع (الإسرائيليين) ولا يسترضيهم عندما يطمئنهم بأن الأمر يعود لهم في أمر حّق العودة ، فهو واحد من(الواقعيين) الذين لا يؤمنون بحّق العودة ، وهو كأنما يغمز لقادة الكيان الصهيوني بعين ترسل تطمينات لا تخفى على الأصدقاء : افهمونا ! ..نحن نضحك على الشعب الفلسطيني حين نتحدّث عن حّق العودة ، فالأمر بيننا وبينكم ..يعود لكم ، وأنتم لن توافقوا على حّق العودة لأن هذا يتهدد أمنكم ،ومستقبل (دولتكم)، ونحن نتفهّم مخاوفكم !

القرار 194 الصادر عام 1948 ينّص على حّق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم _ وهو الذي دفع حياته ثمنا لإصداره الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت، برصاص العصابات الصهيونيّة _ ولا يأخذ بعين الاعتبار موافقة الاحتلال ، فهم ضحايا هذا الاحتلال الذي هجّرهم ، والقرار الأممي عادل وإنساني ، وحتى لو لم يوجد فإن الفلسطينيين ما كانوا لينتظروا من يعلّمهم الوطنيّة والانتماء الوطني بقرار ما تصدره جهة ما ، محليّة أو دوليّة.

السيّد سلام فيّاض ينضّم لقائمة المستعجلين لاختطاف دور على حساب شعب فلسطين ، وقضيّة فلسطين، ويجهل أن فلسطين بقيت قضيةً حيّة بدم وبطولات شعبها العنيد ، في حين تلاشت دول، واضمحلّت إمبراطوريات، وغابت ونسيت قيادات فلسطينيّة ، وعربيّة ، وعالميّة ..تآمرت قصدا، أو تواطأت بجهل وقصر نظر، على فلسطين وشعبها .

نصيحة للسيّد سلام فيّاض : خليك في الأمور الماليّة التي تتقنها، فهذه تفهم فيها ، ويمكن أن تنفع شعبك كثيراً بحماية ماله العام المستباح، وبهذا يكون لك فضل يذكر فيشكر ، بدلاً من أن تلطّخ اسمك ويلحق بك عار لا يمحى ، وهو ما لا يجب أن ترضاه لآخرتك!