طالب الرئيس بشار الأسد الحكومة الإسرائيلية بإصدار "إعلان" حول رغبتها بالسلام، وبتقديم "ضمانات" عن عودة الأرض المحتلة كاملة، متمنياً في أول رد فعل رسمي سوري على الدعوة التي أطلقها أمس الرئيس الأمريكي جورج بوش لعقد مؤتمر سلام في الخريف المقبل أن يكون هذا المؤتمر المرتقب مؤتمراً "فعلياً وليس مجرد كلام".

وقال الأسد في خطاب شامل ألقاه اليوم بعد أدائه القسم الدستوري لولاية دستورية جديدة تستمر سبع سنوات: "ان المطلوب من الاسرائيليين ان يصدروا اعلاناً رسمياً وواضحاً وغير ملتبس حول رغبتهم بالسلام وان يقدموا ضمانات عن عودة الارض كاملة لاننا لا نريد الدخول في مفاوضات لا نعرف ماهيتها ".

وأضاف الأسد في خطابه الذي خصص غالبيته للشأن الداخلي "نريد شيئاً مكتوباً كما حصل في التسعينات ايام رابين لانه بهذه الطريقة انطلقت عملية السلام في التسعينات، وعندها يمكن ان تكون هناك اقنية عبر طرف ثالث لنأتي بعدها الى المفاوضات التي نصر ان تكون مفاوضات مباشرة علنية بوجود راع نزيه".

وبعد أن وضع الرئيس الأسد يده على المصحف الشريف أقسَمَ "بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري الديمقراطي الشعبي وأن احترم الدستور والقوانين وأن أرعى مصالح الشعب وسلامة الوطن وأن أعمل وأناضل لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ".

ورداً على المعلومات التي تحدثت عن نية اسرائيل إستئناف عملية السلام على المسار السوري، جدد الأسد ثبات سورية على مواقفها واستعدادها "للسلام العادل والشامل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية كمقدمة لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة".

وقال "في حال ابدى الطرف الاسرائيلي التزامه الصريح والواضح في ذلك فنحن مع استئناف التفاوض لتحقيق المبدأ الاساسي الذى نظم العملية من الاساس وهو الارض مقابل السلام بما يضمن استعادة الجولان كاملاً.

ونفى الرئيس الاسد ما يقال عن أن سورية تريد التفاوض مع اميركا وليس مع اسرائيل، قائلا "اننا لسنا من الدول التي تعيش على التفاتة من هنا أو هناك بل نسعى وراء مصالحنا".

وكشف الاسد عن وجود دولة ثالثة، دون أن يسميها، تثق بها سورية جداً تعمل منذ اسابيع عدة على تقريب وجهات النظر لتحريك عملية السلام بين اسرائيل وسورية وقال: هناك طرف ثالث نثق به جدا قام باتصالات في الاسابيع الماضية واضاف.. ابعد شيء يمكن ان نصل له هو ان نلتقي في هذه الدولة الوسيطة (مع الإسرائيليين) اذا كانوا يريدون التواصل ولكن لن نقوم باكثر.

وجدد الأسد رفض بلاده لقيام "مفاوضات سرية " مع إسرائيل مبدياً إصراراه " على ضرورة انسحاب اسرائيل حتى حدود الرابع من حزيران 1967 ".

ووصف الرئيس الأسد العام 2007 بـ"العام المصيري وان الاشهر المتبقية من هذا العام ستحدد مصير ومستقبل المنطقة وربما العالم كله".

وفي الشأن العراقي، اعتبر الأسد أن مفتاح الحل في العراق "يكمن في تحقيق المصالحة الوطنية على ارضية الحوار الذى يشارك فيه جميع العراقيين على اساس وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال، مؤكداً تضامن بلاده "مع شعبنا العراقي في محنته ووقوفنا الى جانبه وتقديم كل عون ممكن له ".

وفيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، أعرب الاسد عن أمله "في ان يتم اللقاء بين الاشقاء الفلسطينيين على مشروع وطني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي"، مشدداً على "استعداد سورية القيام بواجبها وبذل كل جهد ممكن مع الاشقاء من اجل الوصول الى هذه الغاية".

كما أشار إلى أن سورية ستعمل "حتى يكون مؤتمر القمة العربية القادم في دمشق محطة هامة من محطات التضامن بين الاشقاء العرب".

وانتقد الرئيس الأسد تعاطي المجتمع الدولي مع قضايا المنطقة، وتحكم القوى الكبرى به وقال" ان الاحداث المأساوية التي تضرب منطقتنا وشعوبنا باتت جزءا من المشهد اليومي لاسيما في العراق وفلسطين ولبنان فبتنا على قناعة بان المجتمع الدولي يفتقد للارادة الجدية في تنفيذ قراراته وتحمل مسوءولياته عندما يتعلق الامر بحقوقنا وقضايانا لان هنالك قوى كبرى تتحكم بمصيره"، مجدداً التمسك بالمقاومة التي قال عنها إنها "ثقافة واسلوب حياة في العمل والنضال هو الضامن لمستقبل الامة وعزته".

وعلى الصعيد المحلي، أشار الرئيس الأسد إلى أن العمل جارٍ على "إصدار قانون للاحزاب السياسية وتشكيل مجلس للشورى، واصدار قانون للإدارة المحلية باتجاه اللامركزية".

وتطرق الأسد إلى موضوع إحصاء عام 1962 الخاص بتعداد المواطنين القاطنين في المنطقة الشمالية والشرقية من سورية وغالبيتهم من الأكراد الذي لم يحصلوا بموجب هذا الإحصاء على الجنسية السورية، وقال "نعمل على ايجاد حل موضوعي لإحصاء عام 1962 الذي حالت بعض الظروف دون اصداره " مؤكداً على ضرورة أن يكون هذا الحل " حلاً شاملاً وان نكون اتفقنا انه القانون النهائي الوطني فهناك لإجماع وطني في سورية حول ضرورة حل هذه المشكلة"، محذراً في الوقت نفسه من أن " أي محاولة بعده لإثارة الموضوع هي محاولة لهز الاستقرار الوطني" .

وصف الاسد "مانسمعه عن تراجع دور الدولة وضعف دورها بالنسبة للشرائح الاجتماعية والتحضير لالغاء الدعم بانه تشويش واشاعات وعدم معرفة".

ونوه الرئيس الاسد بأن مكافحة الفساد تحتاج الى اليات ناجعة وشاملة تمتد الى تحسين اليات المراقبة وتطوير الاعلام والمشاركة المجتمعية مؤكدا ان العقوبة والمحاسبة هي الية مهمة لكنها ليست كافية.

وتناول الرئيس الأسد بلغة الأرقام المنجزات التي حققها الاقتصاد السوري، موضحاً أن "معدل النمو الاقتصادي في سورية وصل الى 5.1 بالمئة عام 2006 دون الاخذ بعين الإعتبار تراجع إنتاج النفط، ومع تراجع الإنتاج النفطي يُقدر بين 6.5 ـ 7 بالمئة، وقال "إنها أرقام جيدة في مثل هذه الظروف التي مررنا بها وهي أقل من الطموح لكن أعلى من التوقعات".

واضاف ان "الموازنة العامة للدولة ارتفعت الى 588 مليار ليرة بزيادة 115 بالمئة عن العام2000 . وزادت الرواتب والأجور في القطاع الحكومي بنسبة تتجاوز 125 بالمئة " مشيراً إلى أن "الدولة تستهلك في اليوم الواحد في دعمها للمحروقات 750 مليون ليرة سورية".

واشاد الرئيس الأسد بقدرة بلاده على تسوية ديونها الخارجية الكبيرة التي "انخفضت من 160 بالمئة عام 2000 من نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 8 بالمائة، وكانت الديون عشرين مليار دولار وأصبحت ثلاث مليارات دولار وأصبحت سورية من أقل دول العالم مديوينة، كما ازدادت الاستثمارات 12 ضعفاً ".

وختم الأسد بتأكيده للشعب السوري "سأبقى كما عهدتموني واحداً منكم، أعمل لأجلكم، أشرب معكم من نبع الوطنية والقومية، وأتنفس برضى الله ورضى الشعب".