مرة اخرى تعبر الادارة الاميركية الحالية عن جهل حقيقي بأوضاع المنطقة وربما تجاهل حقائق الصراع ومعطياته الاساسية عن سابق قصد وتصميم، عبر الدعوة التي اطلقها الرئيس بوش بعقد مؤتمر اقليمي حول السلام في الشرق الاوسط خلال الخريف القادم، وكان لافتا ان الرئيس الاميركي اكد انه ستتم دعوة الدول والاطراف المعتدلة والتي تنبذ ما اسماه العنف والارهاب الى هذا المؤتمر مما يعني انه يستبعد سوريا وحماس والفصائل الفلسطينية على اعتبار ان هذه الاخيرة غير معتدلة، وبالتالي لا يحق لها المشاركة! وهنا تكمن المفارقة الكبرى لان واشنطن تدرك ان السلام يجب ان يتحقق بين «الاعداء» وليس بين «الحلفاء» و«الاصدقاء» وعليه فإن القول مسبقا انه لن يدعى الى المؤتمر طرف يدعم الارهاب، هو من قبيل الحكم المسبق على النتائج، فالولايات المتحدة الاميركية ليست مجرد جمعية او مؤسسة خيرية بل هي دولة كبرى في العالم، ولها شبكة من العلاقات والمصالح المتداخلة، وبالتالي فإن اي عزوف من قبل واشنطن عن القيام بهذا الدور من شأنه ان يسقط الاستراتيجية الاميركية في مستنقع التراجع السياسي العام، وكما هو واضح فإن عملية السلام في الشرق الاوسط، ليست بحاجة الى عقد مؤتمر اقليمي او دولي لان هناك حزمة من القرارات الواضحة والمحددة الصادرة عن الشرعية الدولية والامم المتحدة، وهي بانتظار التنفيذ والبعض منها مر على صدوره نحو ربع قرن ورغم ذلك فإن اسرائيل تستمر في تجاهل هذه القرارات بدعم ومساندة من الولايات المتحدة، وهذا ليس مجرد اتهام بل هو حقيقة اصبحت تصطدم بها كل الاطراف المؤثرة والفاعلة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

مصادر
الوطن (قطر)