رغم أنه عالم افتراضي لكنه أيضا صورة لثقافة تحيطنا، فنشعر أن الحصار يمكن ان يأتي من الشبكة العالمية، والقصة هي أن بعض الأخبار تقودك في التصفح فتجد نفسك أمام خيارات تعيدك إلى زمن العشيرة.

في البداية فإن الانتخابات الأمريكية شكلت سابقة في كونها أدخلت المناظرات ضمن المجال الافتراضي، حيث ارسل اكثر من ثلاثة الاف مقطع فيديو مقتضب من اميركيين من كافة الاطياف والطبقات الى موقع "يو تيوب" الالكتروني، تضمنت رقصات واغاني او بكل بساطة مشاهد سجل قسم كبير منها في غرف الجلوس او الشارع او مخيم للاجئين في دارفور، وتم فرز هذه المقاطع بعناية فائقة قبل عرضها على شاشة عملاقة على المرشحين الديموقراطيين الثمانية الذين تواجهوا في شارلستون في جنوب كارولاينا (جنوب شرق).

هذه المقاطع كانت البداية التي أوحت لي بمحاصرة "المجال الافتراضي" للأنثى، ولجسدها، وربما يفصح أحيانا عن عودة "رغبات" الصيد بقوة لتنتزع عالمها الخاص... فضمن هذا الموقع يمكن للمختصين أن يدخلوا ويشاهدوا الكثير ويحاولوا احصاء "الفضائح" التي تم تسجليها عن الإناث.. ولا أعرف هل الذكور محشومون عن مثل هذه الفضائح، أم الإناث غير مهتمات برصد مثل هذه الأمور وإرسالها إلى المواقع المختصة.

موقع "يو تيوب" ليس موقعا جنسيا، لكنه يترك مجالات حرة للأشخاص كي يضعوا أشرطتهم، وهو يشكل نموذجا واحدا لمثل هذه السجلات التي تحاول التعبير عن ثقافة لم تندثر، ورغم أن مسألة "الحصار" الافتراضي لا تشكل هاجسا بالنسبة لي لكنها على الأقل تنقل مساحة العمل التي تجاهلناها باتجاه "الشعارات" الفضفاضة حول "حرية المرأة".

لا يمكن إيقاف الحرية في المساحة الافتراضية، ولكن يمكن قراءتها... ولا يمكن أن ننتهي من ثقافة القنص والصيد ببرتوكولات الجلوس على الموائد والحديث عن المؤتمرات الدولية، أو قضايا تمكين المرأة، فحياة الأنثى شأن واقعي نعيشه في كل لحظة في رغباتهن، ورغبات الذكور، وفي معادلة قائمة بيولوجيا قبل أن تصبح ثقافة يتم استخدامها في الجلسات المغلقة للذكور أو للإناث.

فضاء الأنثى يمكن أن يستمر في استهلاك الكلمات، ومجال الذكور قائم على مساحة الاحترام او القنص أو العودة للتراث، لكننا مدعوون بشكل دائم للتفكير والبحث، وليس لتداول توصيات مؤتمر يظهر فجأة في أحد الأحياء الرقية من مدن الشرق القديم.