تريد الولايات المتحدة الأميركية من كل بلد عربي ان ينشغل بهمومه ومشكلاته الداخلية، وان يصرف النظر عن أي تواصل مع الآخرين حول القضايا القومية المشتركة. ومن هذا المنطلق فإن استراتيجية واشنطن الجديدة في المنطقة ترتكز على إثارة الفتن والقلاقل الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل كل دولة عربية واذا أمكن ادخالها في صراع مع دول الجوار، من أجل استنزاف طاقاتها، وابعاد هذه الدول عن المشاركة في التفكير الجدي بالأخطار والتحديات المشتركة التي تواجه العرب كافة. إذ لم يعد مسموح لا أميركيا ولا اسرائيليا ولا حتى أوروبيا ان تكون هناك قضايا عربية مشتركة، بل ان الحديث يجري عن مشكلة فلسطينية، وأخرى سورية، وثالثة لبنانية وكذلك المطلوب هو اغراق الجميع في دوامة رهيبة من الصراعات والانقسامات الجانبية، وتحويل مسار الصراع الاساسي الى وجهة أخرى تكون اسرائيل بعيدة عنها تماما.

فثمة صراع سوري - لبناني حاليا، يراد له ان يكون بديلا عن الصراع العربي - الاسرائيلي. وهناك محاولات تجري لتوسيع دائرة الصراعات الهامشية في الشرق الاوسط عبر تكثيف الجهود لتفجير مشكلات الحدود، وطرح توجهات مضادة لكل دولة على حدة، بحيث يتم الوصول الى مرحلة يصبح فيها العرب على مسافة واحدة من اسرائيل، أي القبول بالمشروع الصهيوني تحت ستار السلام ومكافحة الارهاب. وكما هو واضح فإن ما يحاك ويدبر للمنطقة هو خطير وكبير جدا، ولا أحد يدري الى أين ستصل الأمور لكن الواضح ان الفترة القادمة تشهد سلسلة من الصراعات والمواجهات العربية - العربية، وهي ستترافق مع اشتداد الضغوط الدولية والاقليمية على اطراف بعينها، حتى يصبح الكل غارقا في لعبة الاوهام والحسابات الباردة والحارة.

مصادر
الوطن (قطر)