يبدو ان قدر روسيا هو الرجال قصيرو القامات ، منذ بطرس الاكبر: فقد جاء فلاديمير بوتين الى السلطة محمولا على تصميم اعادة بلاده الى موقعها على الساحة الدولية ، ولكن مع افادة كبيرة من اخطاء الماضي.. وعليه كان امامه ان يلتفت الى الى اتجاهين ، هما قدر الثنائية الجيواستراتيجية الروسية على خريطة العالم: الغرب الاوروبي ، والشرق. ففي الاول ثمة قوة تنمو باطراد كبير وتتسع باتجاه شرقي القارة العجوز ، لتشكل قوة عالمية مؤهلة لاعادة التوازن الى الساحة الدولية ، وانهاء الاحادية الاميركية. غير ان ذلك لم يكن يوما امرا مضمونا ، حيث ان الصراع السياسي الحقيقي داخل اوروبا ، هو الصراع بين خط الامركة الاطلسية ، الذي يريد الالتحاق الكلي بالاطلسة وراء الاميركيين ، وبالطبع اللوبي اليهودي. وبين خط الاستقلالية الذي يريد ان تكون اوروبا حليفا لاميركا ، لكن ، حليفا يتمتع بكامل الاستقلالية السياسية والاقتصادية والثقافية ، في اطار من التكافؤ والحق في الاختلاف. واذا كان هذا الامر يبدو شبه محسوم في بريطانيا ، فان لندن لم تكن يوما مركز الثقل في قيادة اوروبا الموحدة ، بل ان هذا المركز تمثل منذ بداية المشروع التوحيدي في المانيا وفرنسا. من هنا تشكل المحور الروسي - الالماني - الفرنسي ، خلال حكم شرودر وشيراك ، وبرز بشكل واضح خلال حرب الخليج الاخيرة التي شكلت المفصل الحاسم بالنسبة لمشروع الهيمنة الاحادية الاميركية. منذها تركز عمل اللوبيات المالية والسياسية الاميركية - اليهودية على اسقاط النهجين الحاكمين في برلين وباريس ، وللاسف تمكن اخيرا من الانتصار مع ميركل وساركوزي. بوتين لم يكن بحاجة لان ينتظر سقوط شيراك فقد قرأ الرسالة منذ سقوط شرودر ، وبالتالي ادار وجهه نحو الشرق ، حيث الصين ، ودول اسيا الوسطى ، وحيث اخيرا ايران التي تمتلك اكثر من ميزة منها جغرافية الجسر مع الخليج العربي ، خاصة بعد سقوط العراق لاجل غير معروف. لذا حضرت ايران اجتماعات شنغهاي في المؤتمر السابق في الصين بصفة مراقب ، وتحولت في مؤتمر هذا العام الذي سيعقد في الشهر المقبل في كازاخستان ، الى مشارك كامل العضوية. سؤالان يبرزان امام هذا التطور: ما هو مدى القوة الذي بلغته منظمة شنغهاي؟ وبتعبير اوضح: اهي في مستوى يسمح لها بالحلول محل الاتحاد السوفييتي السابق ، من حيث لعب دور على صعيد اعادة التوازن الدولي؟ اما السؤال الثاني الذي يهمنا ، من أي تحليل سياسي لتطورات العالم فهو : كيف تتبلور مصلحتنا نحن كعرب في ضوء هذه التطورات؟ عن السؤال الاول يأتي الجواب من تصريحات المسؤولين في دول المنظمة ، ومن تصرفاتهم ، حيث يبدو واضحا انهم يعملون على خطين: تهدئة مطلقة في التصريحات الكلامية ، وعمل هادىء لكنه جاد على الارض الاقتصادية والعسكرية. ففي حين يعلنون ان منظمتهم ليست موازيا منافسا لحلف الاطلسي ، وان طموحاتهم لا تتعدى التعاون الاقتصادي بين دولهم ، اضافة الى التعاون في مجال مكافحة الارهاب ، ومكافحة الجريمة المنظمة. نجد ان التعاون الاقتصادي تحقق فعلا ، ولكن مع خطوات سياسية - عسكرية ، بدأت بمطالبة البيان الختامي لمؤتمرهم السابق بخروج القواعد العسكرية الاميركية من اسيا الوسطى ، وبانتهاء المهمة الاميركية في افغانستان طالما ان الافغان قد تسلموا حكم بلادهم. وانتقلت الى خطوات عملية منها انهاء وجود قاعدة اميركية في اوزبكستان ، ومطالبة طاجاكستان برفع ايجار قاعدة اخرى ، وصولا الى مناورات عسكرية روسية - صينية مشتركة ، وان تكن ماتزال متواضعة الحجم. مما يرسم ملامح بدايات هادئة مدروسة وغير متسرعة ، مؤهلة بذلك للتنامي والنجاح. وهنا يأتي السؤال الثاني الذي يمكن اختصار جوابه بسؤال بسيط: هل يمكن ان تكون مصلحتنا في بقاء احادية دولية محكومة كليا بالصهيونية العالمية ، وبمصالح اسرائيل؟ احادية تعرف كيف تخلق لنا شرخا ستراتيجيا لها ، سنيا شيعيا على امتداد العالم الاسلامي ، يجعل من ايران الشيعية بعبعا ، يحل محل بعبع صدام حسين في دفع اصحاب المال الى شراء اسلحة لاحاجة لهم بها ، كي يقدم ثمنها ، علنا ، وفي اللحظة نفسها ، دعما ماليا وعسكريا لاسرائيل؟ سؤال يستدير ليتحول ايضا نحو الوجهة الايرانية ، التي تكون مفتقرة الى الحكمة السياسية التاريخية ان لم تفهم ان مصلحتها في استغلال الوضع لاقامة تعاون مع العالم العربي ، لا لاستغلال وقوع البقرة ، واستلال السكاكين.
أرشيف |
Lagarde, Christine


الجيش البولندي تحت الوصاية الألمانية-الأمريكية

مع كريستين لاغارد: اللوبي الصناعي الأمريكي يخترق الحكومة الفرنسية
تتمة
ليبيا


بيان مشترك يرحب بالاتفاق الذي توصل إليه منتدى الحوار السياسي الليبي

مصر تهدد بالتدخل عسكريا في ليبيا

إيران تُعلن عن دعمها للناتو في ليبيا

مبادرة السلام المصرية من أجل ليبيا
تتمة