قيام كل من وزيرة الخارجية ووزير الدفاع الأميركيين بزيارة الشرق الأوسط معا يعتبر امرا خارجا عن المألوف، وهو يعكس في نفس الوقت الأهمية الاستراتيجية والسياسية التي توليها الولايات المتحدة لهذه المنطقة المضطربة من العالم.

الاكثر غرابة هو اعلان واشنطن عن عقد صفقات اسلحة ضخمة مع اسرائيل والدول العربية الرئيسية دون اي ضجيج اعلامي او تبادل للاتهامات من قبل كلا الطرفين والصفقة الجديدة المعلن عنها تبلغ قيمتها 63 بليون دولار، بلغت حصة اسرائيل منها 30 بليون دولار وهذا يشكل زيادة نسبتها 25% فسترسل اميركا ايضا الاسلحة إلى مصر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج. والهدف بالطبع ليس اعادة التوازن لميزان القوى بين اسرائيل وجيرانها بل مساعدة هذه الحكومات على التعامل مع ما اسمته رايس بالتهديد الكبير الذي تشكله ايران للاستقرار في الشرق الأوسط.

بالنسبة لواشنطن، تحتل الطموحات التوسعية الايرانية والطموحات النووية لها الاولوية العليا اكثر من ايجاد تسوية للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، هذا التقييم الاميركي يوافق عليه جميع قادة المنطقة الذين قابلوا رايس وغيتس حيث يرى هؤلاء القادة ما تراه اميركا من ان ايران تسعى للهيمنة على العراق وامتلاك قدرات نووية لدعم هذه الهيمنة وزعزعة الاستقرار في المنطقة من خلال تقديم الدعم للحركات الراديكالية الاسلامية مثل حماس وحزب الله.

مصر والسعودية ودول الخليج مصممة على وقف المد القومي الفارسي واحتوائه وتعزيز قدرات هذه الدول للتعامل مع هذا التهديد.

والحقيقة ان الصفقة الاميركية للسعودية تتضمن انظمة دفاعية للصواريخ وانظمة للانذار المبكر والقوة الجوية وتطوير القدرات البحرية. قبل سنوات قليلة كان ابرام مثل هذه الصفقة امرا غير مقبول لدى اسرائيل التي لا يوجد بينها وبين الرياض اي اتفاق سلام، كما ان هذه الصفقة كانت ستواجه معارضة قوية من قبل الكونغرس.

تسعى الولايات المتحدة إلى كبح السياسة السعودية في العراق والعمل في نفس الوقت على مواجهة ايلان، ويقال ان السعودية بدأت بتمويل وتسليح الجماعات السنية العراقية، ويقال ايضا ان قسما من تلك المساعدات اخذ طريقه للقاعدة حيث تستخدمه في قتل جنود الائتلاف وتعزيز العنف الطائفي ضد الجماعات الشيعية والحكومة العراقية.

وفي خطوة نادرة تعكس الغضب الاميركي استنكرت واشنطن التدخل السعودي على اساس انه سلبيا ان ما دفع السعودية للتحرك هو خوفها من حصول انسحاب اميركي مفاجئ وهو شيء ترى انه يتوجب عليها الاستعداد له.

وزير الدفاع الاميركي طلب من الملك عبد الله تقوية حكومة المالكي في العراق ولابد انه اوضح للسعودية ولدول الخليج ان اميركا لن تبقى على هذا التواجد الحالي من الجنود في العراق إلى ما لا نهاية. فكلما ازداد الدعم لحكومة المالكي من قبل الجيران والاخوة العرب، اصبحت اقل اعتمادا على المساعدة الايرانية وهذا سيعطيها الحرية للحد من النفوذ الايراني في العراق. ان ضخ كميات كبيرة من الاسلحة في منطقة متوترة يحمل في طياته الكثير من المخاطر. إن للدول العربية مصلحة حيوية في استقرار العراق والمنطقة، وهذا يوجب على هذه الدول ان تتصرف بطريقة مسؤولة ونشطة.

مصادر
الوطن (قطر)