ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت يدرس خطة جديدة للتسوية مع الفلسطينيين تقدم بها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بعد توليه منصب رئاسة الدولة، تنص على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، في مقابل الإبقاء على الكتل الاستيطانية المقامة على أراضي الضفة ومبادلتها بأراضٍ أو بلدات عربية داخل الخط الأخضر، فيما يجري الاتفاق على حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين من دون عودتهم إلى ديارهم، مع رفع علم عربي أو فلسطيني فوق الحرم القدسي وتعاون اقتصادي يعيد بناء الأراضي الفلسطينية.
وقال المراسل السياسي لـ«هآرتس»، عكيفا الدار، المعروف بسعة اطلاعه وعلاقاته الخاصة بالمسؤولين الإسرائيليين، إن الخطة الجديدة للسلام التي تقدم بها بيريز فور توليه منصب الرئاسة في إسرائيل، تضم جدولاً زمنياً للمفاوضات على التسوية الدائمة مع الفلسطينيين وآلية تنفيذه بشكل مشابه لاتفاق بيريز ـــــ أبو علاء (رئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع) الذي أعلنه الاثنان نهاية عام 2001. وأضاف أن الخطة تسوّق لتسوية مشكلة اللاجئين منذ بداية المفاوضات، على أن تُطَبَّق بشكل تدريجي، شرط أن يفي الطرفان بالتزاماتهما، ولا سيما في ما يتعلق بالأمن.
وتابع الدار يقول إن أولمرت «لم يقرر بعد موقفه بالنسبة إلى كل بنود الخطة الجديدة، لكن من المعروف أنه لا يرفض الأفكار الأساسية الواردة فيها»، مشيراً إلى أن «هذه المبادئ فحصت في اتصالات سرية وغير رسمية مع مستشاري رئيس السلطة (الفلسطينية) محمود عباس، الذين وافقوا عليها وأعربوا عن استعدادهم أيضاً لإقامة كونفدرالية بين الضفة والأردن، بعد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة».
وقال الدار إن عرض الخطة الجديدة للأفق السياسي المسبق من شأنه «أن يساعد حركة فتح على حشد دعم الشارع الفلسطيني وإبعاد حركة حماس، مشيراً إلى وجود «إجماع بين الطرفين (إسرائيل وفتح)، إضافة إلى مسؤولين في الإدارة الأميركية أيضاً، على أن الشرخ بين فتح وحماس والفصل بين الضفة والقطاع يوفران إمكان حث تفاهمات لم يكن ممكناً التوصل إليها قبل ذلك، وأنه إذا لم يتحقق الاتفاق الدائم في أقرب وقت ممكن، فإن الفرصة ستضيع».
وعن باقي الأسس التي تقوم عليها الخطة الجديدة لبيريز، أضاف الدار أنها تنص على «تواصل إقليمي في الضفة الغربية؛ وعلم عربي أو فلسطيني في الحرم (القدسي)؛ وإدارة مشتركة للديانات التوحيدية الثلاث في الحوض المقدس في البلدة القديمة من القدس، فيما تكون كل ديانة مسؤولة عن الأماكن المقدسة لأبناء تلك الديانة؛ وصيغة إبداعية لبند اللاجئين يمنع حق العودة لإسرائيل ويعرض بدلاً منها حلولاً عملية خارج حدود إسرائيل، إضافة إلى تعاون اقتصادي بين إسرائيل وفلسطين من خلال مساعدات دولية واسعة لإعادة بناء المناطق» المحتلة.
ومعروف عن الدار أنه صحافي يتمتع بصدقية عالية، وكان قد نشر في الماضي أنباء نفاها المسؤولون الإسرائيليون، لكن تبين لاحقاً أنها صحيحة، وآخرها قناة الاتصال السرية بين رجل الأعمال الأميركي، السوري الأصل، إبراهيم سليمان، والمدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليئيل.
وتعليقاً على ما أوردته «هآرتس»، نفت المتحدثة باسم الرئيس الإسرائيلي اييلت فريش، لوكالة «يونايتد برس انترناشيونال»، أن يكون بيريز قد اقتراح إقامة دولة فلسطينية، مشيرة إلى أن «الخبر المنشور في صحيفة هآرتس خال من الصحة»، رغم أنها أضافت أن «علينا أن نتذكر أن بيريز رجل سلام ولم يتوقف عن العمل والسعي لتحقيق السلام»، مؤكدة أن «الرئيس (بيريز) لم يتحدث عن ربط عرب إسرائيل بخطة مبادلة أراض»، في إشارة إلى مبادلة بلدات عربية تقع داخل الخط الأخضر بالمستوطنات الإسرائيلية، كما ورد في خبر الصحيفة.
ونفى مكتب أولمرت، بدوره، تقرير «هآرتس». وجاء في بيان أصدره أمس أنه «لا نعرف عن خطة كهذه، وعموماً لا يتم بحثها أو دراستها»، مضيفاً: «إننا نعبر عن استغرابنا حيال النشر الخاطئ في صحيفة هآرتس من دون أن يتم طلب تعقيبنا عليه ومن دون محاولة الاستيضاح لدينا إذا ما كان الخبر صحيحاً».
أما الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية افيغدور ليبرمان، فرحب لإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس بخطة بيريز، وخصوصاً ما يتعلق بالقسم الذي ينص على مبادلة الكتل الاستيطانية ببلدات عربية داخل الخط الأخضر، إذ يدعو البرنامج السياسي لحزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه ليبرمان، إلى إجراء مبادلة أراضٍ مع فلسطينيي عام 1948 حلاً لمشكلة المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة الغربية.
من جهته، قال الصحافي عكيفا الدار، لوكالة «يونايتد برس انترناشيونال» إن «قطاع غزة ليس مشمولاً في الخطة، وذلك يعود لسيطرة حماس عليه، وفي حال الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين على خطة بيريز وأُقيمت دولة فلسطينية، فإنها لن تشمل قطاع غزة»، مضيفاً أن «موضوع قطاع غزة سيبقى مفتوحاً للبحث ويمكن شمله في الدولة الفلسطينية عندما تتغير الأوضاع فيه».
وقال الدار إن الإسرائيليين يرون أن «قيادة حركة فتح ستجري استفتاء على الاقتراح في الشارع الفلسطيني بعد الاتفاق عليه مع حكومة إسرائيل أو ربما تخوض انتخابات تشريعية ورئاسية يشكل فيها اقتراح بيريز البرنامج السياسي لفتح».
وتوقعت جهات سياسية إسرائيلية أن يؤيد 70 عضو كنيست على الأقل، من أصل 120 عضواً يشكلون كامل أعضائه، اتفاقاً مع الفلسطينيين يستند إلى بنود الخطة الجديدة لبيريز، شرط أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق شامل لكل بنود التسوية بينهما.

أستبعد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إقامة حوار في الوقت الراهن مع حركة «حماس». لقد سحبنا المستوطنين والجنود من قطاع غزة، ورغم ذلك تستمر بإطلاق النار. وإذا أرادت حماس فعلاً إجراء محادثات فعليها أن توقف إطلاق النار».
وطلب بيريز، خلال مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية نشرت أمس، من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراء مفاوضات سياسية مع إسرائيل فوراً. وقال: «يمكن أن يبدأ عباس فوراً النقاشات السياسية بدءاً من الآن في أريحا» في الضفة الغربية.

مصادر
وكالة الانباء الفرنسية (فرنسا)