لا أظن أن إصرار الأميركيين على تجاهل سوريا ورفضهم دعوتها لحضور الاجتماع الدولي المزمع عقده في الخريف المقبل، يمكن أن يكون في صالح العرب أو في مصلحة عملية السلام، بل لعله لا يكون أيضا في مصلحة واشنطن، إن كانت تريد بالفعل تعاون دمشق على تعزيز أمن العراق وضمان استقرار لبنان، وهذا ما أكده تقرير بيكر- هاملتون، الذي نصح إدارة بوش بإطلاق مبادرة سياسية تجاه سوريا تساعد أميركا على الخروج من المستنقع العراقي لكن بوش يفعل العكس!

وإذا كان الأميركيون يعترفون بأن محاولة تغيير نظام الحكم الراهن في دمشق بعد7 سنوات من حكم بشار الأسد المستقر، ربما يسفر عن النتائج ذاتها التي أسفرت عنها الانتخابات الفلسطينية التي حملت حماس إلى السلطة، وتمكن نظراء حماس في سوريا من القفز على السلطة هناك، يصبح هدف عزل دمشق هدفا غير صحيح يزيد الوضع تعقيدا بدلا من مساعدة السوريين على أن يكونوا جزءا من عملية السلام، وهو المطلب الذي يلح عليه الرئيس بشار الأسد على امتداد أكثر من عام، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت يمتنع مرة عن قبول العرض السوري بأوامر مباشرة من واشنطن، ويتراجع مرة أخرى مطالبا بقناة تفاوض سرية بين الجانبين كي لا تبدو إسرائيل في حالة رفض لعرض سوري جاد بالتفاوض، رغم أن سلاما سوريا-إسرائيليا يكاد يكون هدفا مضمون التحقيق، لأن الجانبين كانا على وشك إنجازه، لولا تراجع باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي يومها بحجة أن إسرائيل لا تستطيع أن تقدم تنازلات على المسارين الفلسطيني والسوري في الوقت نفسه!

وخلال الشهر الماضي تصاعدت حدة التوتر على جبهة الجولان بسبب مناورات عسكرية ضخمة أجراها كل من الطرفين على الجبهة في إطار تصريحات متبادلة عن صيف ساخن متوقع، يمكن أن يشهد تسخين جبهة الجولان، وجهود كل جانب لتعزيز قدراته العسكرية في الميدان تحسبا لاحتمال وقوع حرب جديدة، يمكن أن تستخدم فيها دمشق صواريخ متوسطة وقصيرة المدى تطال شمال إسرائيل كما فعل حزب الله في الحرب اللبنانية الأخيرة.

ويخشى الإسرائيليون كثيرا من أن يكون الوضع على جبهة الجولان الآن مشابها للوضع على الجبهة المصرية مابين 71 و73 عندما كان الرئيس السادات يكرر كل يوم استعداده لقبول تسوية عادلة دون أن يلقى آذانا مصغية من تل أبيب أو واشنطن، الأمر الذي جعله على يقين من أنه لا بديل سوي الحرب.

مصادر
الوطن (قطر)