اشتد التنافس في الفترة الأخيرة على قاع المحيط المتجمد الشمالي. و قد رسلت واشنطن سفينة كاسحة للجليد، تابعة لخفر السواحل إلى المحيط المتجمد الشمالي قبالة سواحل ألاسكا، لرسم خرائط لقاع البحر، في خطوة اعتبرت رداً أميركيا على قيام روسيا بزرع علم تحت المياه في المنطقة التي يعتقد أنها غنية بالنفط والغاز، والتي باتت مدار نزاع بين "الجبارين" والدانمرك وكندا. غير أن العلماء المشرفين على الرحلة، رفضوا منحها أي بعد سياسي، وشددوا على أن الهدف الرئيسي من خلالها يبقى "علمياً" إلى أبعد مستوى.

وفي هذا السياق، أدلى لاري ميور، مدير مركز رسم الخرائط الساحلية والبحرية في جامعة نيوهمبشاير، بتعليق يحمل سخرية ضمنية من الخطوات الروسية على هذا الصعيد قائلا: "لن نقوم بزرع علم في هذه الرحلة." من جانبه، قال روس تيبيت، الناطق باسم مكتب حرس السواحل في المحيط الهادئ، إن السفينة التي تحمل اسم "هيلي" ستصل إلى بارو في ألاسكا بحلول 17 أغسطس/آب الجاري حيث ستقل على متنها ميور و20 عالماً إضافياً إلى منطقة "رأس شوكشي،" على بعد 800 كيلومتر شمالاً.

واستقبلت وسائل الإعلام في موسكو النبأ بالتلميح إلى أن الولايات المتحدة وكندا قررتا بدورهما بدء السباق للفوز بموارد المنطقة، وهو أمر نفاه ميور، وفقاً لأسوشيتد برس. إلا أن العالم الأميركي شدد على أن هدف الرحلة ينحصر في تحديد حجم الجرف القاري شمالي ألاسكا لجمع بيانات حدودية، سيتم تسجيلها لاحقاً لدى الأمم المتحدة. وأضاف: "في هذه البقعة سيكون للولايات المتحدة الحق باستخدام قاع البحر والتنقيب عن الثروات الجوفية مثل الغاز والنفط."

ويبلغ طول "هيلي" 128 متراً، وهي أحدث كاسحة جليد في الأسطول الأمريكي، وبمقدورها تفتيت طبقة جليدية بسماكة مترين ونصف المتر، وستقوم بعملها باستخدام جهاز يعمل بالموجات الصوتية.

و كان رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر اختتم الجمعة جولة استمرت ثلاثة أيام في المدن الكندية المجاورة لمنطقة القطب الشمالي. وأعلن أن كندا ستبني قاعدة لتدريب العسكريين على تنفيذ عمليات في ظروف القطب الشمالي، وكذلك ستشيد ميناء عميق في المنطقة.

وكانت روسيا قد نجحت في الثالث من الشهر الجاري في إيصال جهازي غوص من طراز "مير" إلى قاع المحيط المتجمد الشمالي بعمق 4200 متر، وترك أفراد البعثة، ومن بينهم اثنين من أعضاء مجلس النواب الروسي، ما يثبت وصولهم إلى قاع المحيط وهو الكبسولة التي تحتوي على العلم الروسي. وهدفت الرحلة الروسية إلى إثبات أن الجرف القاري الروسي يمتد إلى القطب الشمالي عبر سلسلتي جبال "لومونوسوف" و"مندلييف" في قاع المحيط المتجمد الشمالي، الذي يعُتقد أنه يحتوي على ثروات طبيعية هائلة.

وتفاعلت كوبنهاجن مع تزايد نشاط موسكو وأوتاوا في هذا الاتجاه. ومن الجدير بالذكر أن جزيرة جرينلاند تعود للدانمرك، ولهذا أبدت السلطات الدانمركية قلقها. وأعلن أن الدانمرك خصصت أكثر من 500 مليون دولار للأنشطة البحثية في المحيط المتجمد الشمالي. تجدر الإشارة أيضا إلى أن بعثة أميركية نظمها معهد Woods- Hole تعمل حاليا في منطقة المحيط المتجمد الشمالي.

كما تولي القيادة العسكرية الأميركية اهتماما متزايدا بهذه المنطقة حيث تتواجد كاسحة الجليد Healy العائدة لهيئة حرس الشواطئ التي تشرف عليها وزارة الدفاع الأميركية في المحيط المتجمد الشمالي.

ويزداد في الوقت ذاته اهتمام وسائل الإعلام العالمية بهذه المنطقة حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن فنلندا والنرويج وأيسلندا تتطلع إلى منطقة القطب الشمالي أيضا. ولن تكتفي السويد التي تشارك فيما يسمى بمجلس القطب الشمالي وكذلك بريطانيا بموقف المتفرج مما يدور حول هذه المنطقة. وذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية أن احد منتسبي معهد كامبردج الذين شاركوا في بعثة علمية إلى منطقة القطب الشمالي في عام 1991 أسقط عملة معدنية تحمل صورة ملكة بريطانيا، ولهذا يعتبر أن بريطانيا أكدت سيادتها على منطقة القطب الشمالي قبل ظهور العلم الروسي فيها بفترة طويلة.